بعد أقل من شهر على تولى داليا خورشيد وزيرة الاستثمار مهام منصبها وقبل أن تنهى حصر جميع المشكلات التى تعترض طريق جذب الاستثمار إلى مصر، حاولت أن تلتقى بأكبر عدد ممكن من المستثمرين والشركات للتعرف على تفاصيل أهم المشكلات التى تعترض عملهم، وقتها صرحت «خورشيد» بأنها سوف تعمل جاهدة على حل كافة المشكلات ولن تتوانى فى التوجه إلى أعلى سلطة فى الدولة لتحقيق ذلك. ويبدو من تصريح الوزيرة أنها استشعرت صعوبة الأمر من البداية خاصة مع وضع الدولة الأمل الأكبر على جذب الاستثمار الأجنبى لتحسين ظروف الاقتصاد المصرى. ربما كان هذا هو الدافع لبدء تشكيل المجلس الأعلى للاستثمار، برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى أعلى رأس فى الدولة، ورغم التباين فى الآراء ما بين ترحيب كبير بهذا المجلس الذى يرى البعض أنه حل رائع لأزمات الاستثمار المستمرة، وأنه سيكون فاتحة خير لجذب الاستثمار ويشير إلى اهتمام كبير من الدولة بالاستثمار واعترافاً بأهميته فى المرحلة الراهنة، يرى البعض الآخر أنه لن يكون حلاً نهائياً، وأنه لا داعى له خاصة أن مصير أغلب المجالس العليا فى أغلب القطاعات كان إضافة أعباء دون تقديم حلول. وفيما يتعلق بظروف الاستثمار هناك جانب إيجابى فى تكوين المجلس الأعلى وهى أن أكبر مشكلة تواجه مناخ الاستثمار فى مصر هى تضارب الاختصاصات وتعارضها بين الوزارات المختلفة، مما أوجد مناخاً طارداً للاستثمار، ورغم جهود وزراء الاستثمار على مدى سنوات والمستمرة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة يظل دائماً المعوقات البيروقراطية وتمسك كل جهة بحقها فى الولاية على الأعمال والأراضى وعمليات التخصيص وتبسيط الإجراءات. وأصبح الحل هو تدخل سلطة أعلى فى الأمر بهدف إجبار كل الأطراف على الرضوخ. أى أن الأمر فى النهاية يحتاج سلطة عليا كما ألمحت الوزيرة داليا خورشيد. وإذا استطاع المجلس الأعلى للاستثمار أن يساهم فى رسم رؤية استثمارية خاصة لمصر مرهونة بخطة اقتصادية ممتدة الأجل وفقاً لما هو معلن لخطة 2030 فسيكون الأمر جيداً، خاصة لو نجح المجلس فى القضاء على المشكلات التى تعوق الاستثمار، وأهمها ما رصدت دراسة للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة مثل المدى الزمنى المستغرق لإتمام الإجراءات وتعدد جهات الترخيص ووجود منظور سلبى لدى المستثمرين والبيروقراطية المنتشرة فى الجهاز الإدارى فى الدولة وتكدس المستثمرين فى منافذ الهيئة العامة للاستثمار وشكاوى المستثمرين المستمرة وتراكمها فى لجان فض المنازعات. وقد أشار محمد خضير الرئيس التنفيذى للهيئة العامة للاستثمار إلى أن تلك المشكلات التى تم رصدها سيتم التعامل معها من خلال عدة محاور منها الشباك الواحد والتنسيق بين الجهات فى موضوع التراخيص ثم المزيد من الشفافية مع المستثمرين والتواصل المستمر للقضاء على المنظور السلبى، كذلك الإصلاح الإدارى والتدريب للقضاء على البيروقراطية وإعادة التوزيع الجغرافى لمنافذ الهيئة للقضاء على التكدس، وأخيراً إيجاد آليات جديدة لسرعة إنهاء المنازعات والبدء بالتعامل معها وهى مجرد شكوى قبل أن تتحول إلى منازعة. بالإضافة إلى دراسة التعديلات المقترحة على القوانين المؤثرة على الاستثمار، وهى فى هذه الحالة ليست قانون الاستثمار فقط ولكن قوانين أخرى منظمة للنشاط الاقتصادىن منها قوانين إعادة هيكلة المديونية والإفلاس وتعديلات قانون الشركات ودراسة التعديلات المقترحة لقانون الاستثمار بما يسمح فى النهاية أن تتحول كل القوانين الموجودة إلى قوانين داعمة للاستثمار فى مصر.