هل يحتاج جذب الاستثمار إلى مصر المزيد من القرارات الإدارية أم يحتاج خطوات فاعلة على أرض الواقع تعطى رسالة طمأنة للمستثمرين بالاستقرار، الإجابة بالطبع وبدون تردد هى أن أى استثمار يحتاج مناخا مناسبا ومحفزا.. ولهذا كان استقبال الإعلان عن إنشاء مجلس أعلى للاستثمار فاترا لأنه لا يحقق أى جيد على أرض الواقع إلا مزيداً من التنظيمات الإدارية التى لا يمكن أن تغير واقعاً. ويبدو أن المسئولين عن الاستثمار فى مصر تصوروا أن إنشاء المجلس برئاسة رئيس الجمهورية سيحل المشكلات المتراكمة حول مناخ الاستثمار فى مصر، والحقيقة أن اسم الرئيس وإن كان يعطى إحساساً بالاطمئنان إلا أن مطالب المستثمرين لا تتوقف عند هذا الحد فقط. وقد كشف الإعلان عن استجابة الرئيس عبدالفتاح السيسى على اقتراح داليا خورشيد وزيرة الاستثمار بإنشاء مجلس أعلى للاستثمار برئاسته وإعلان رئاسة الجمهورية تلك الموافقة يوم السبت غياب التنسيق بين أجهزة الدولة وتغييب البعض عن الواقع لأن هذا الإعلان أظهر مفاجأة كبرى إذ تبين أن المجلس الأعلى للاستثمار كان ضمن التعديلات التى أدخلت على قانون الاستثمار الأخير الصادر فى مارس 2015 قبل أيام من انعقاد المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ، والمعروف بالقانون رقم 17 لسنة 2015. الغريب أن القانون نص على ذلك صراحة وكان أشرف سالمان وزير الاستثمار السابق قد أعلن هذا الأمر من قبل وقال إن الأمر متوقف على تشكيل المجلس وفقاً للقانون فإنه ينشأ مجلس أعلى يتبع رئاسة الجمهورية يسمى «المجلس الأعلى للاستثمار بشكل برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية رئيس مجلس الوزراء ومحافظ البنك المركزى والوزراء المختصين بشئون الدفاع، الداخلية، الاستثمار، الصناعة، التجارة، المالية، التخطيط والتعاون الدولى، والبيئة، ورئيس الهيئة العامة للاستثمار، هذا بالإضافة إلى رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، واتحاد الصناعات المصرية، وعدد لا يزيد على خمسة من ممثلى القطاع الخاص من ذوى الخبرة وكان أول خطوات تنفيذ جزء من تشكيل المجلس أن تم إعادة تشكيل مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة لتضم فى عضويتها أغلبية من ممثلى القطاع الخاص وهو الأمر الذى بدأ قبل عام، ووفقاً للائحة التنفيذية للقانون فإن المجلس الأعلى للاستثمار له عدة مهام رئيسية منها الإشراف ووضع الخطط الاستثمارية ورسم السياسات واقتراح التشريعات المحفزة للاستثمار ويهدف إنشاء المجلس إلى القضاء على البيروقراطية والروتين ومعوقات الاستثمار. تبقى الاستجابة إلى مطالب المستثمرين التي قتلت بحثاً ولدى وزارة الاستثمار قائمة طويلة بها هو الحل الأوحد لأزمة الاستثمار فى مصر وإن كانت الوزارة تتحدث عن جذب 10 مليارات دولار استثمار أجنبى مباشر هذا العام فإن الأمر يتطلب تحرك إيجابى لحل تلك المشكلات وأهمها ثبات القوانين وتحقيق الأمن وحل نزاعات المستثمرين مع الدولة وسهولة الخروج من السوق فى حالة الرغبة وإنهاء منظومة الشباك الواحد بشكل عملى وحل مشكلات تخصيص الأراضى.