ب«138 ألف تابلت و5737 فصل».. «التعليم» تكشف جهود تطوير التعليم بسيناء ومدن القناة    شيخ الطرق الصوفية ومحافظ الغربية يناقشان الاستعدادات النهائية لمولد السيد البدوي    رهبنة مار فرنسيس للعلمانيّين في لبنان... منتسِبة تروي اختبارها الروحانيّ    أعضاء «العدل» يتوافدون على مقرات الحزب بالمحافظات للمشاركة في انتخابات الهيئة العليا    محافظ الوادي الجديد: إنشاء محطة عملاقة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية    قبل أن تشتري سيارة عبر الإنترنت.. نصائح مهمة لا تتجاهلها    محافظ القاهرة يناشد المواطنين بالاستفادة من خدمات مبادرة بداية    المبادرة الرئاسية «حياة كريمة».. رؤية شاملة للتنمية المستدامة وإشادة دولية    التموين ل المواطنين: مخزون السلع آمن وطرح المنتجات بأسعار مخفضة    غارات إسرائيلية تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت وعدد من المناطق في جنوب لبنان وشرقه    الكرملين: بوتين منفتح على الحوار مع بايدن لكن لا خطط لعقد محادثات بينهما    استشهاد 4 مسعفين بغارة على الهيئة الصحية قرب مستشفى مرجعيون جنوب لبنان    أول قرار من النادي الأهلي بعد تصريحات قندوسي الصادمة    الشوط الأول.. الأهلي يتقدم على الزمالك في أول قمة تاريخية لكرة القدم النسائية المصرية    حكاية "مينا" مع لصوص الزاوية.. قصة ممرض المنيا تشعل السوشيال ميديا    القومي للسينما يعرض فيلم "المحارب أحمد بدوي" بالمجلس الأعلي للثقافة    فريد شوقي سبب عشقي للسينما.. الناقد مهدي عباس بندوة تكريمه بمهرجان الإسكندرية    واعظ بالأزهر: الله ذم الإسراف والتبذير في كثير من آيات القرآن الكريم    جيفرسون كوستا: أسعى لحجز مكان مع الفريق الأول للزمالك.. والتأقلم في مصر سهل    باحث سياسي: الاحتلال الإسرائيلي عاجز عن دخول لبنان بريا    مصرع شاب في تصادم دراجة نارية وتوكتوك بالغربية    وزير الاتصالات يلتقي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للتكنولوجيا    "المرصد العربي" يناقش إطلاق مؤتمر سنوي وجائزة عربية في مجال حقوق الإنسان    وزارة الثقافة تحتفي بنصر أكتوبر على مسرح البالون    تامر حسني وابنه يظهران بالجلابية البيضاء: «كنا بنصلي الجمعة»    ب«إهداء 350 كتابًا».. جامعة القاهرة تبحث مع «النشر للشعب الصيني» مجالات الترجمة وتبادل الثقافات    مباشر دوري السيدات - الزمالك (0)-(0) الأهلي.. فرصة خطيرة    منظمة الصحة العالمية تحذر من خطر انتشار فيروس ماربورغ القاتل    سلوت: اسألوني عن عقد صلاح بعد التوقف الدولي    نائب وزير الصحة: الدولة مهتمة بتعظيم الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين    خبير: بعض اتهامات القرصنة بين أمريكا والصين غرضها «الدفاع»    انطلاق القافلة الدعوية المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء بشمال سيناء    الإسكان: إزالة مخالفات بناء وظواهر عشوائية بمدن جديدة - صور    عادل حمودة: أحمد زكي كان يندمج في التمثيل إلى درجة المرض النفسي    عاجل.. أول رد من الأهلي على عقوبات مباراة بيراميدز.. طلب خاص لاتحاد الكرة    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    السيطرة على حريق بخط غاز زاوية الناعورة بالمنوفية    بالصور- ضبط 4.5 طن لحوم ودواجن فاسدة بالمنوفية    حملة للتبرع بالدم في مديرية أمن البحر الأحمر لإنقاذ حياة المرضى    ضمن «حياة كريمة».. فحص 1703 مواطنين في قافلة طبية ببني سويف    فحص 1703 مواطنين في قافلة طبية ببني سويف    الاستعلام عن حالة فتاة سقطت من شرفة منزلها بأكتوبر.. وأسرتها: اختل توازنها    في يوم الابتسامة العالمي.. 5 أبراج تحظى بابتسامة عريضة ومتفائلة للحياة    جيش الاحتلال يصدر أوامر إخلاء عاجلة لسكان 20 قرية في جنوب لبنان    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    تحقيق عاجل في مصرع وإصابة 7 في انقلاب سيارة ميكروباص بطريق مصر إسكندرية الصحراوي    اللجنة الأولمبية الجزائرية: ما يحدث مع إيمان خليف حملة ممنهجة    «الأوقاف» تفتتح 25 مسجدًا في عدد من المحافظات اليوم    الأنبا عمانوئيل يهنئ رئيس الجمهورية وقيادات الدولة بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    هيئة الأرصاد تكشف عن موعد بدء فصل الشتاء 2024 (فيديو)    حقيقة نفاد تذاكر حفلات الدورة 32 من مهرجان الموسيقى العربية.. رئيس الأوبرا ترد؟    أسعار الفراخ البيضاء في بورصة الدواجن اليوم الجمعة 4-10-2024    لازم يتجوز.. القندوسي يوجه رسائل إلى كهربا لاعب الأهلي (فيديو)    هل يجوز الدعاء للزواج بشخص معين؟ أمين الفتوى يجيب    دعاء أول فجر في ربيع الثاني.. «اللهم بارك لنا في أعمارنا»    حقيقة اغتيال هاشم صفي الدين    نائب مدير الأكاديمية العسكرية: نجحنا في إعداد مقاتل بحري على أعلى مستوى    خروج عربة ترام عن القضبان في الإسكندرية.. وشهود عيان يكشفون مفاجأة (فيديو وصور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. مصطفى الفقي يكتب: ثمن الثورات وتكاليف الأمن
نشر في الوفد يوم 10 - 05 - 2016

دفعني إلى الكتابة في هذا الموضوع أمران قرأت عنهما هذا الأسبوع، الأول هو رفع الحواجز الخرسانية والموانع المعدنية في منطقة وسط القاهرة، والثاني - وهو السبب في الأول - نقل وزارة الداخلية من منطقة (لاظوغلي) إلى مقرها الجديد في إحدى ضواحي القاهرة بعيداً عن قلب العاصمة. ولاشك أن ذلك سوف يسهم بشكل مباشر في سيولة المرور ويقضي نسبياً على زحام وسط المدينة التي تنتظر محافظها الجديد في أقرب وقت، بعد أن ترك المحافظ السابق بصمة طيبة على وجه قاهرة المعز.
والذي يعنيني في هذا المقال هو الإشارة إلى التكاليف الباهظة والأموال الضخمة التي أنفقناها في السنوات الأخيرة على الإجراءات الأمنية والحوائط الأسمنتية والحواجز المعدنية التي جعلت بعض مناطق القاهرة في مراحل معينة وكأنها ثكنات عسكرية، وأتذكر يومًا ظل فيه سائق سيارتي يتجول بي خلف المبنى القديم للجامعة الأمريكية، في محاولة للوصول إلى ميدان التحرير، لنكتشف أن معظم الشوارع مغلقة في وجوهنا؛ بسبب الاحتياطات الأمنية المرتبطة بحالات الشغب التي شهدتها مصر في أعقاب ثورة الشعب في يناير/كانون الثاني2011، وأنا أظن أن الخزانة المصرية قد تكلفت مبالغ طائلة قد تصل إلى مئات الملايين من الجنيهات المصرية، كنفقات للإجراءات الأمنية والتغييرات المرورية وبناء الحوائط وتركيب السدود بل والبوابات الضخمة مثلما حدث في شارع القصر العيني، وذلك فضلًا عن تعلية أسوار المباني المهمة وإحاطة أقسام الشرطة ومديريات الأمن والمؤسسات الاستراتيجية والهيئات الأمنية بحوائط خرسانية، حتى أن المرء قد نسي كيف كانت تلك الشوارع المغلقة والمنافذ المسدودة قبل أن يحدث فيها ما جرى لها، ويهمني هنا أن أشير - في هذا السياق - إلى الملاحظات التالية:
أولاً: أتخيل مطارات العالم منذ عدة عقود قبل أن تبدأ حمّى خطف الطائرات وترويع الركاب، لاشك أن الدنيا كانت أفضل بكثير ولكننا لا نستطيع في الوقت ذاته أن نتجاهل المخاطر حتى ولو كانت هزلية مثلما حدث مؤخراً مع الطائرة المصرية التي جرى اختطافها إلى قبرص. ولا شك أن التعقيدات وعمليات التفتيش المتزايدة في مطارات العالم المختلفة تجعلنا نشعر بحجم المشكلات التي يواجهها المسافرون، فتجمع لديهم بين إرهاق السفر الشاق وأعباء التفتيش التفصيلي، وهم حفاة الأقدام تجردوا من معظم ملابسهم من أجل سلامة الطائرة وسلامتهم. ولا نستطيع أن نلوم سلطات المطارات، فقد قال المصريون قديماً: (إن ابن الحرام لم يترك لابن الحلال شيئاً)، فملايين الأبرياء مأخوذون بجريمة عشرات الإرهابيين، ولم يكن الأمر كذلك في المطارات فقط، بل إنني أتذكر أن ابنة الزعيم العربي الكبير جمال عبد الناصر الدكتورة هدى - وهي زميلة دراستي في كلية الاقتصاد بجامعة القاهرة عاماً بعام - كانت تأتي إلى الكلية بلا حراسة تقريباً إلا من أحد (صولات) الشرطة الذي يتابع تحركاتها في هدوء عن بعد يزيد على مائة متر، وأتذكر وقتها أن العقيد عبد الحكيم محيي الدين كان قائداً لحرس جامعة القاهرة وهو ابن عم زكريا محيي الدين وزير الداخلية حينذاك والمناضل المصري العظيم خالد محيي الدين، فقد حاول قائد حرس جامعة القاهرة في البداية أن يتردد على كلية الاقتصاد؛ ليطمئن على أمن ابنة الرئيس، وعندما علم عبد الناصر بذلك قال لزكريا محيي الدين، قل لابن عمك ألا يذهب إلى كلية الاقتصاد إطلاقاً ولا علاقة له بتأمين حياة ابنتي، لقد كانت الدنيا أماناً بشكل نسبي عما نحن عليه الآن.
ثانياً: إن ثمن الثورات فادح وتكاليفها عالية ومخاطرها كبيرة في كل العصور، ويكفي أن نتذكر أن العدوان على التراث الإنساني ونهب المتاحف وتحطيم الآثار هي كلها من النتائج السلبية للثورات الحديثة، لذلك فإن تأمين المناطق الأثرية هو بعد مهم في إطار الإجراءات الأمنية المطلوبة في غضون الثورات، ولعلنا نتذكر ما جرى لمتاحف بغداد وسوريا ومحاولات استهداف المتحف المصري في ميدان التحرير أيضاً، ولولا يقظة المسؤولين في قطاع الآثار وحماية القوات المسلحة للمتحف ومقتنياته، لفقدت مصر أغلى ما تملك! وهل ننسى العدوان على المجمع العلمي المصري البقية القائمة للصحوة الثقافية التي صاحبت الثورة الفرنسية، وهل ننسى أيضاً اقتحام مبنى أمن الدولة ومخاطر ذلك على أمن البلاد والعباد.
ثالثاً: إن التلوث البصري والسمعي نتيجة الملصقات المزدحمة والجداريات الضخمة هي مظاهر تقترن بالثورات الكبرى والتغييرات العنيفة، فالاعتصامات والاحتجاجات تؤدي في مجملها إلى تشويه - ولو وقتي - لشكل المدينة ومظاهر تحضرها، إن الضجيج الصاخب والأصوات العالية هي مظاهر الاضطرابات المفاجئة والتصرفات المتسارعة.
رابعاً: إن عودة الحياة الطبيعية إلى الوطن تقترن بالإجراءات الجديدة من إزالة الحواجز العالية والمصدات الكبرى توفيراً للتكاليف الأمنية والجهد الإنساني المتواصل، لذلك فإنني أظن أن تحسن الحالة الأمنية سوف يؤدي تلقائياً إلى تحسن ملموس في طبيعة الحياة اليومية بدءاً من حركة المرور، وصولاً إلى انتظام السكك الحديدية، بل إلى سلامة المطارات وحركة النقل الدولي.
... إن تكاليف الثورات وحسابات الأمن هي عبء دفعنا ثمنه غاليًا في السنوات الأخيرة لذلك فنحن بحاجة إلى أسلوب جديد يسمح بالحياة العادية حتى في الظروف الاستثنائية!.
نقلا عن صحيفة الخليج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.