الفساد تمكن من أواصر الدولة، وأصبح يعشش فى كل مفاصل الوطن، ورغم إنشاء الدولة عددًا من الهيئات الرقابية التى تخصصت فى كشف ومحاربة الفساد، فمن الواضح أن الفساد أقوى بكثير من كل مؤسسات الدولة، والغريب أن هناك صمتًا مريبًا أمام أسباب توغل الفساد بهذه الصورة المتوحشة فى أركان الدولة. «الوفد» تكشف بالمستندات أكبر جريمة فساد داخل أكبر شركة حكومية متخصصة فى استصلاح الأراضى والتنمية والتعمير، فقد كشف الجهاز المركزى للمحاسبات إدارة- مراقبة حسابات التعاون الإنتاجى والاستهلاكى والإسكانى، عن وجود مخالفات للشركة العامة لاستصلاح الأراضى والتنمية والتعمير التى تخضع لأحكام القانون رقم 203 لسنة 1991 وتعديلاته، والمتمثلة فى قائمة المركز المالى فى 31/12/2015، حيث أكد التقرير أن الشركة لم تقدم القوائم المالية لفرع الشركة بليبيا عن الفترة المالية المنتهية فى 31/12/2015، وتم الاعتماد على الأرصدة الدفترية فى 30/6/2014، وقد تبين عدم مطابقة رصيد جارى المركز الرئيسى بمصر مع رصيد جارى فرع الشركة بليبيا بفارق 10 ملايين جنيه فى 31/12/2015، فضلاً عن قيام الشركة بتسوية حساب المصروفات بمبلغ 9 ملايين جنيه، وتبين بأنه لا توجد مستندات مؤيدة لهذه التسوية، وذلك بالجلسة رقم 6 بتاريخ 28/4/2015 ما يعد مخالفة قانونية وفسادًا ماليًّا. وتضمنت الحسابات الدائنة تحت التسوية مبلغًا وقدره 818 ألف جنيه قيمة بيع أصول ثابتة مستهلكة دفترياً مطلوبة تسويتها على أرباح رأسمالية فى 31/12/2015، وتم تحميل مصروفات الشركة فى التاريخ نفسه بمبلغ 512 ألف جنيه عبارة عن غرامات تأخير مخصومة من جهات الإسناد لمستخلصات الشركة، وتبين أن هذا الرقم تتضمن مبالغ أخرى 227 ألف جنيه، ومبلغ 416 جنيهاً، تبين أنها كانت غرامة على الشركة صدر بشأنها حكم من مجلس الدولة بإعفاء الشركة من تلك الغرامات بتاريخ 15/11/2015 برقم 2/7/1158، هذا بخلاف مبالغ أخرى تخص المقاولين من الباطن حسب عقود مبرمة مع الشركة، ولم تتم تسويتها حتى 31/12/2015، ولم تتضمن الإيرادات مبلغ 164 ألفاً و550 جنيهاً عبارة عن مبالغ مسددة من جهات الإسناد قيمة حسابات فروق الوقود 31/12/2015. وبلغ رصيد حساب عملاء وأوراق قبض فى 31/12/2015 بنحو 88 مليوناً و609 آلاف جنيه بعد خصم مخصص ديون مشكوك فيها بنحو 18٫5 مليون جنيه، وتضمن حساب فرع ليبيا بنحو 30 مليوناً و813 ألف جنيه، علما أن الفرع متوقف تمامًا منذ عام 2011، وللظروف الأمنية هناك، وبلغت جملة الأرصدة المدينة المتوقفة عن السداد نحو 76 مليوناً و295 ألف جنيه، وقامت الشركة بإنشاء مخصص ديون مشكوك فيها فى الميزانية بنحو 18.5 مليون جنيه، ولم تقم الشركة بإعداد دراسة لجميع الأرصدة المتوقفة عن السداد ولم تقم الشركة أيضاً بإجراء المصادقات اللازمة مع العملاء فى 31/12/2015، ولم تقم الشركة أيضاً بعمل دراسة تحدد مدى وجود اضمحلال لأرصدة العملاء وأوراق قبض وعمل المخصصات اللازمة لها، وبلغ رصيد حساب مدينين وأرصدة مدينة أخرى فى 13/12/2015 بنحو 166 مليون و426 ألف جنيه. وأوضح التقرير أن أرصدة الحسابات تتضمن مبلغ 18 مليوناً و284 ألف جنيه تخص فرع ليبيا متوقفة بالكامل منذ عام 2011 بسبب الظروف الأمنية التى تمر بها ليبيا، ولكن لم تقم الشركة بتكوين أية مخصصات عن تلك الأرصدة ما يعد ذلك خللًا ماليًّا يقع ضمن المخالفات المالية التى يحاسب عليها القانون، بالإضافة إلى وجود مبلغ وقدره 11 مليون جنيه و891 ألف جنيه عبارة عن مقاصة فى حساب ضرائب خصم من المنبع فى 31/12/2015 بين الضرائب المستقطعة من الشركة من جهات خارجية بمبلغ 31 مليون جنيه، و967 ألف جنيه، وما تم تحصيله بمعرفة الشركة كمستحقات لمصلحة الضرائب بنحو 20 مليونًا و76 ألف جنيه، ولم يوجد أى مستندات أو أى شهادات أو مستندات على صحة هذه الأرصدة فى 31/12/2015 مع مصلحة الضرائب العامة . ولم يتوقف الفساد عن تلك المخصصات الوهمية، فقد تتضمن الحساب مبلغ 65 مليونًا و911 ألف جنيه عبارة عن أرصدة مدينة أخرى لم يتم التصادق عليها ولم تقدم الشركة عنها أية مخصصات رغم وجود أرصدة متوقفة عن السداد منذ فترة تقدر بنحو 7.2 مليون جنيه، وتضمن أيضًا مبلغ 29 مليونًا و270 ألف جنيه عبارة عن أرصدة موردين مقاولين منها مبلغ 20 مليونًا و653 ألف جنيه مقاولى قطاع خاص، و11 مليونًا متوقفة منذ عدة سنوات، ولم تقدم الشركة عن تلك المبالغ أى مخصصات بتسويتها ماليًا بالشكل القانونى، وفضلًا عن ذلك فقد بلغ رصيد حساب مخزون فى 31/12/2015 بنحو 10 ملايين و243 ألف جنيه، بعد خصم 4 ملايين و21 ألف جنيه مخصص هبوط أسعار المخزون، وبالتالى قامت الشركة بإدراج مخصص هبوط أسعار للمخزون بالقيمة نفسها بالمخالفة لمعيار المحاسبة المصرى رقم 2 الخاص بالمخزون الذى يقضى بتقييم المخزون على أساس التكلفة أو صافى القيمة البيعية ما يعد مخالفة صريحة يصب فى بؤرة الفساد المتراكمة من قبل القائمين على الشركة.. وللحديث بقية.