حذر الدكتور مصطفي مدبولي رئيس الهيئة العامة للتخطيط العمراني ،من التزايد السكاني خلال السنوات الماضية وسوء توزيعه. وتوقع أن يصل عدد سكان مصر الي اكثر من 170 مليون نسمة بحلول عام 2050 في حالة استمرار نفس معدلات النمو السكاني الحالية التي لم تتغير منذ سنوات. وقال: إن السيناريو الافضل ان يصل عدد السكان الي نحو 140 مليون نسمة في حالة تراجع معدل النمو السكاني الحالي البالغ نحو 2.2٪ الي 1.6٪. وأشار مدبولي خلال ندوة نظمها معهد التخطيط القومي أمس إلي أن 87٪ من سكان مصر يسكنون في النصف الشمالي من الجمهورية و 13 ٪ فقط يسكنون في النصف الجنوبي الاكبر مساحة. وقال ان اي توسع عمراني تسعي الدولة الي نجاحه مرهون بالتوسع »عرضيا« شرقا و غربا مشيرا الي ان المصري يرفض بطبيعته النزول الي الجنوب. وشدد علي ضرورة اقامة مجتمعات عمرانية جديدة، محذرا من تبني فكر فصل هذه المدن عن المجتمعات القائمة فعليا كما حدث في الماضي. وأرجع فشل تجربة المدن الجديدة سابقا لانها اعتمدت علي عزلها تماما عن المدن القائمة. وقال »مدبولي« إن الاهتمام بمد خدمات البنية الاساسية وربطها بالمجتمعات القديمة منذ عام 2006 حتي الآن ساهم في زيادة عدد سكان المدن الجديدة الي 4 ملايين نسمة حاليا بمعدل نمو سنوي يتجاوز 14٪ ليصل اجمالي سكان اكتوبر الي ما يزيد عن مليون نسمة. واشار الي إعداد المجلس الاعلي للتخطيط برئاسة الدكتور احمد نظيف رئيس مجلس الوزراء تصورًا »مبدئيا« لمستقبل مصر 2050 متضمنا مخططات التنمية العمرانية والاقتصادية والاجتماعية للدول، تمهيدا للوصول الي تصور نهائي و اعتماده كاستراتيجية للدولة بعد اعتماده من القيادة السياسية. واشار مدبولي الي ان اعداد »رؤية لمصر 2050« اعتمد علي مراجعة كافة الدراسات و الرؤي القطاعية السابقة للاستفادة منها في وضع رؤية استراتيجية متكاملة. ورد علي مداخلة للدكتور إبراهيم العيسوي مستشار معهد التخطيط انتقد فيها إعداد رؤية جديدة في ظل وجود العديد من الرؤي السابقة والتي مازالت مستقرة علي الأرفف وفشلت الحكومة في تنفيذها، وقال »مدبولي« ان الخطط السابقة كانت مرتبطة بأشخاص كما كانت رؤي قطاعية تفتقد الترابط الشامل مع بعضها البعض. وطالب بالتمسك بالأمل رغم سوء الوضع الحالي وقال »إحنا في مركب واحد« مشيرا الي اننا يجب ان نستمر في الحفاظ علي قدرتنا علي الحلم و تحقيقه و أن الاستسلام يعني انتظار الموت فقط دون تحقيق شيء. ولفت »مدبولي« الي ان الرؤية، ترتكز علي توزيع السكان في مناطق الصحراء الغربية والساحل الشمالي ، وزيادة المساحة المأهولة بالسكان من 6٪ حاليا الي 10 ٪ خلال الاربعين سنة المقبلة. وقال ان هناك تحديات كبيرة امامنا في الوقت الحالي تتمثل في محدودية مواردنا من المياه والطاقة والاراضي الزراعية، داعيا الي تركيز جهود البحث العلمي بالاعتماد علي الطاقة الجديدة والمتجددة خلال السنوات المقبلة فضلا عن التوسع في مشروعات تحلية مياه البحر و تنقية مياه الصرف الصحي و الزراعي واحلال تكنولوجيا الري الحديث بدلا من اسلوب الري التقليدي حاليا و الذي يؤدي الي اهدار جانب كبير من المياه. و قال: إن مواردنا المائية محدودة ووصلنا الي حد التوازن منذ عام 2008، وهو ما يعني ان الاستهلاك يتعادل مع الموارد لافتا الي انه يوجد 72 مليار متر مكعب من المياه منها 55.5 مليار متر حصة مياه النيل والباقي مياه جوفية مشيرا الي ان استمرار معدلات الاستهلاك الحالية يعني الاحتياج الي كميات مياه تصل الي 161 مليار متر مكعب وهو ما يعني وجود فجوة كبيرة في المياه بحلول عام 2050. وأوضح رئيس هيئة التخطيط العمراني ، أن مصر تحتاج إلي تنمية نحو 40 ألف فدان سنويا للخروج من الحيز القائم ،نافيا وجود مشاكل تمويلية لتنفيذ هذه الاستراتيجة. وقال: إن مصر البلد الوحيد الذي ينفق نحو نصف الموازنة علي بنود الدعم المختلفة مطالبا بإعادة النظر فيها بما يساهم في وصول الدعم إلي مستحقيه فقط وتوجيه الباقي إلي تنفيذ الرؤية. وتساءل الدكتور علي نصار أستاذ بالمعهد عن كيفية اختيار واضعي الرؤية ومنهجيتها حتي تكون معبرة عن توافق مجتمعي وشاملة كل اقاليم مصر لتتدخل سريعا الدكتورة علا الحكيم مستشار المعهد وإحدي المشاركات في وضع الرؤية وقالت: »تم توجيه الدعوة لعدد كبير من العلماء للمشاركة، ولم يحضر سوي 12 فقط«. وقال الدكتور خضر أبو قورة مستشار المعهد: لا يوجد في مصر وعي حقيقي بالحاضر و لا الماضي فكيف يكون هناك وعي بالمستقبل. وانتقد احصائيات البنك الدولي التي ذكرت ان 90٪ من سكان مصر يعيشون في الحضر و10٪ في الريف وهو ما استندت عليه الرؤية، وقال: »البنك الدولي طبيب فاشل وثبت فشله في أحداث كثيرة احدثها تونس و الجزائر مؤخرًا«. واضاف »تم تجريف عقول البشر كما تم تجريف الاراضي الزراعية في مصر«.
