حالة من الهدوء والفراغ سيطرت على شوارع المحروسة وبالأخص ميدان التحرير، منذ الصباح وحتى الآن مع حلول الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، فبدلًا من أن تلقى دعوات التظاهر التي دعا إليها البعض لإسقاط النظام قبولًا وحشدًا، لاقت نزول العشرات لتأييد الشرطة والدولة. ويعد ذلك فشلاً جديدًا مُنيت به جماعة الإخوان، لاسيما وهي التيار الوحيد الذي أعلن صراحة النزول والتظاهر لإسقاط النظام، وحدد خبراء الشأن الإسلامي أسباب فشل دعوات الإخوان بأن التنظيم بات مُعتادًا على هذا الفشل. هشام النجار، الباحث في الشئون الإسلامية، رأى أن فشل الجماعة كان متوقعًا من البداية، فكل الشواهد تؤكد أن الإخوان فقدوا القوة على الأرض، بعدما كشفت الأيام حقيقتهم أمام الشعب، مشيرًا إلى أن شباب الثورة لم ينسوا خيانات الإخوان المتعددة لهم في قلب الميدان سواء في الثورة أو أحداث محمد محمود الشهيرة. ولفت إلى أن القوى الثورية أيقنت بأن الجماعة تلجأ إليها في حال ضعفها وانهيار قدرتها على الحشد، أما وقت الصعود إلى السلطة فكانوا ينكلون بالثورة وشبابها، موضحًا أن الشعب المصري أيقن بدوره مدى كارثية وعنف النهج الإخوان، وإتخاذهم من الدين شعارًا لهم. وأشار إلى أن الشعب ليس بحاجة إلى التظاهر أو إسقاط النظام، فمصر بدأت تستعيد عافيتها سياسيًا، باكتمال خارطة الطريق ووجود برلمان، وباتت تسير في مسار واضح داخليًا وخارجيًا، ووعى الشعب جيدًا أن الجماعة تلعب لمصالحها فقط. وأردف أن الجماعة تعودت على فشل الحشد والدعوات، وتعمل على تعويض هذه الفشل بارتكاب العنف وبعض العمليات الإرهابية الضعيفة، كاستخدام العبوات الناسفة وزرع قنابل بدائية في أماكن معينة، فدفعها الفشل جماهيريًا إلى الاتجاه نحو العنف. وأشار كمال الهلباوي، المتحدث السابق باسم جماعة الإخوان، إلى أن عنف الجماعة لا يمكن ربطه فقط بذكرى ثورة 25 يناير؛ لأن العمليات الإرهابية في سيناء والداخل المصري مستمرة في كل وقت. وأوضح، أن الحرب لازالت قائمة بين الجيش والجماعات المتطرفة ولن تنتهي بانتهاء ذكرى الثورة، مرجعًا ضعف الحشد إلى أن جماعة الإخوان تعيش حالة من اليأس والإحباط من ضربات الجيش المتكررة ضدها. ولفت إلى أن حالة الضعف والتفكك التي تعيشها الجماعة أضعفت من حشدها، وجعلتها تلجأ إلى تنظيمات إرهابية أكثر قوة، وباتت أداة مستعلمة في يديها، وهو الأمر الذي يستغله تنظيم داعش بتوجيه الجماعة إلى العنف والدعوة إليه. سامح عيد، الباحث في الشئون الإسلامية، أرجع هذا الفشل إلى عدم وجود غطاء شعبي للجماعة يمكنها من الحشد، بعدما ذاق الشعب مرار الإرهاب على يدها، فضلًا عن عدم وجود غطاء ثوري أيضًا، بعد خيانة الجماعة للمعارضة وقت حكم الرئيس المعزول محمد حسني مبارك، فباتت تحركات الجماعة مكشوفة للجميع. ولفت إلى أن الانشقاق الذي دب في الجماعة بين قياداتها القديمة والكتلة الشبابية، عكس تخبط شديد في قراراتها، حتى استقرت الأغلبية في الجماعة على أن التظاهر ليس حلًا فلجأت إلى العنف والأعمال الإرهابية، أو الانضمام لتنظيم أكثر قوة. وحذر "عيد" من الهدوء المؤقت في ذكرى الثورة، مؤكدًا أن الخطر النوعي مازال قائم، لأن من يخطط لعملية إرهابية لا ينفذها في ظل حصار أمني مشدد، ولكن يؤجلها إلى وقت وجود حالة من التراخي الأمني.