مصطلح "أهل الحل والعقد" هو مصطلح اجتهادي شرعي من جهة، تاريخي من جهة أخرى. فالفكرة لا تعدم أصولا شرعية يمكن تأسيسها عليها وتسويغها بها، خاصة من عمل الصحابة رضي الله عنهم، وليس هناك ما يمنع منها شرعا، فهي تمثل إحدى الصيغ التنظيمية الناجعة في مجال الحكم والسياسة، ولكنها على كل حال ليست منصوصة لا باسمها ولا بهيئتها. المشكل في فكرة "أهل الحل والعقد" يكمن في أمرين: الأول: هو أنها لم تؤخذ مأخذ الجد، ولم توضع موضع التنفيذ، ولم توضع لها صيغة تنفيذية ملزمة، فبقيت محصورة في أذهان الفقهاء ومؤلفاتهم وتمَنِّياتهم. وفي أحسن الأحوال قد يوجد نوع من أهل الحل والعقد، ولكن أمرهم كله إلى الحاكم نفسه، بما في ذلك اختياره لهم، واختياره بين استشارتهم وعدمها، واختياره بين اتِّباع مشورتهم وعدمها... بمعنى أن الحل والعقد كله بيد السلطان لا بيد أهل الحل والعقد!. الثاني: هو أن فكرة "أهل الحل والعقد"، اتُّخذت وسيلة للإلغاء الفعلي لدور الأمة ومشورتها واستبعاد أي أثر لها في تدبير شؤونها. فبدل أن تطبق الفكرة وتكون هي التعبير المنظَّم عن إرادة الأمة، أصبحت مجردَ حجة نظرية تلغى بمقتضاها الأمة، بدعوى أن أهل الحل والعقد يقومون مقامها، بينما الواقع هو أن الحاكم بأمره هو الذي يقوم مقام الجميع. وهنا لا بد من التذكير والتأكيد بأن اختيار الخليفة أو الإمام هو في الأصل من حق الأمة قاطبة، وهي تمارس هذا الحق بحسب الاستطاعة والإمكان لكل زمان ومكان. وعلى هذا مضت سنة الخلفاء الراشدين.