في شرحه لبرنامج النهضة، ذكر أخي الكريم في محور «هيكلة مؤسسات الدولة» أن المرحلة القادمة بحاجة لرئيس من ورائه مؤسسة قوية «في إشارة منه لجماعة الإخوان»، تدعمه وتحميه في خطوة تطهير مؤسسات الدولة من الفاسدين ورجال النظام السابق، وأن رئيس من دون مؤسسة كتلك تشد أزره وتقوي ظهره، سيصبح «طرطورا» وألعوبة في يد المجلس العسكري وأمريكا! وأعتقد شخصيا بأن الربط بين القدرة على الممانعة والتصلب في أهداف ومطالب الثورة وبين وجود مؤسسة داعمة كالجماعة، هو تلبيس على العقول، وإيهام بأن الآخرين بلا مؤسسات وبلا جماهيرية شعبية تدعمهم وتعينهم على ذلك، (ومعروف من الذي توجه إليه المقارنة). ولو شئنا التفنيد، فالحقيقة هي أن مواقف الجماعة من صراع الثورة مع المجلس العسكري طيلة العام المنصرم، تنفي ما ادعاه أخي وتنقضه، بل وتؤكد على أن الجماعة تخضع (عن وعي أو عن سوء تقدير) في إدارتها للصراع السياسي للضغط والتفاهمات، لالتزامها بخيار المدافعة الدستورية (صراع النقاط التنافسي)، ورفضها للتصعيد الصفري مع النظام الحاكم ممثلا بالمجلس العسكري، وهو ما لا يوفر القدر اللازم من الممانعة التي يحتاجها الرئيس القادم لحسم ملفات حيوية منها: وضعية المؤسسة العسكرية، ومحاسبة أعضاء المجلس العسكري على انتهاكات المرحلة الانتقالية، والمحاسبة السياسية للطاغية ورجال النظام، والتحرر من التبعية السياسية والاقتصادية، والقضاء على عسكرة المؤسسات الحيوية في البلاد، وتطهير أجهزة الدولة من رجال النظام وغير ذلك من قضايا. كما أننا لو تأملنا ما جرى في مجلس الشعب، كنموذج يزعم البعض بأن الجماعة بفضل سياساتها الحكيمة قد تمكنت من انتزاعه كسلطة تشريعية من العسكر، سنجد أن رجال النظام السابق في تلك المؤسسة مازالوا يمارسون أعمالهم كاملة الصلاحيات، وعلى رأسهم سامي مهران الذي مازال أمينا للمجلس ويسري الشيخ الذي مازال مديرا لمكتب الرئيس(!)، ليس هذا فحسب بل جاءت الجماعة برجل كعباس مخيمر، مدير الأمن الحربي بالمخابرات في عهد المخلوع، والمعروف بصلاته القوية بعمر سليمان، والمعروف بوظيفة الجهاز الذي كان يرأسه، على رأس قوائمها الانتخابية، لتسلمه لجنة الأمن القومي بمجلس شعب الثورة! فهل هذا هو قوة الدعم المؤسسي الذي يميز مرشح الجماعة عن غيره من المرشحين بحسب الإدعاء؟! وهل هذا هو التطهير الذي تبشرنا به الدعاية الانتخابية؟!