وقد وضع الرئيس يوشينكو بقرار حل البرلمان العربة أمام الحصان، لتتوقف،لأن المشكلة الآن لا تقتصر على أن توفير تمويل عمليات انتخاب البرلمان يتطلب تعديلات على الميزانية ، لا يمكن إجراؤها في غياب برلمان يقر هذه التعديلات وإنما تشمل أيضا أن أوكرانيا لن يتم اقرار ميزانيتها الحكومية لعام 2009 قبل منتصف الشهر الأول من العام القادم، وذلك في ظل أزمة مالية تعصف بأسواق المال في العالم، وأزمات اقتصادية تعاني منها أوكرانيا. \r\n \r\n \r\n لقد تعامل الرئيس يوشينكو بعبثية مع مصير البلاد وصلت إلى مرحلة تكريس الفوضى الخلاقة التي يتحدث عنها أصدقاؤه الأميركيون، والتي تهدد بمزيد من الأزمات والانهيارات، ولكن ما هو الدافع لهذا كله؟ \r\n \r\n \r\n الدافع هو بقاؤه مسيطرا على مقاليد السلطة، أي لإرضاء نزعاته وزج مصير البلاد في مغامرة مدمرة تهدد بانهيار الوضع الاقتصادي والسياسي. \r\n \r\n \r\n ولا يمكن تجاهل تأثير لقاء رئيسة الحكومة يوليا تيموشينكو مع رئيس الحكومة الروسية فلاديمير بوتين، والذي يمكن اعتباره خطوة نحو إصلاح العلاقات بين موسكو وكييف، تمكنت خلالها تيموشينكو من تحقيق إنجاز هام تمثل في الاتفاق مع القيادة الروسية على آليات تحديد لأسعار الغاز الذي سيتم توريده لأوكرانيا. \r\n \r\n \r\n وتحديد سعر الغاز الروسي لعام 2009 بحوالي 300 دولار، وهو ما ينسجم مع تقديرات الميزانية في البند الخاص بالإنفاق على توفير الطاقة. واعتبر فلاديمير بوتين أن موسكو إذ وقعت بيدها على هذه المذكرة وضعت بداية لمرحلة جديدة من التعاون الروسي الأوكراني. \r\n \r\n \r\n إلا أن الرئيس يوشينكو وأنصاره أعلنوا أن رئيسة الحكومة عقدت اتفاقات تخدم المصالح الروسية، وتتجاهل مصالح أوكرانيا، في إطار التشهير برئيسة الحكومة، باعتبار أنها المنافس الأقوى للرئيس الحالي في انتخابات الرئاسة القادمة. \r\n \r\n \r\n مما لاشك فيه أن الرئيس يوشينكو وأنصاره يسعون لإزاحة تيموشينكو من الحكومة خلال الانتخابات البرلمانية المبكرة، حتى يتسنى لهم التأثير على مسار هذه الانتخابات، تمهيدا لفوز يوشينكو بفترة رئاسية جديدة، كما تتنامى قناعة بأن الرئيس يوشينكو قد يلجأ لإعلان حالة الطوارئ لكي يتمكن من الحفاظ على منصبه وسيطرته على مقاليد السلطة، باعتبار أنه من المستبعد أن يحقق حزبه انتصارا في الانتخابات البرلمانية القادمة. \r\n \r\n \r\n من المعروف أن حزب الرئيس لم يحقق أكثر من 17% في انتخابات البرلمان السابقة، ولم يكن له نفوذ برلماني إلا عندما تحالف مع كتلة تيموشينكو. وسيضطر الرئيس يوشينكو اليوم أن يخوض هذه المعركة وحيدا في ظل معارضة قوية لا تقتصر على حزب رئيسة الحكومة، وإنما على تنامي نفوذ حزب الأقاليم المعارض والذي حصل على أكثر من 33% من أصوات الناخبين في الانتخابات السابقة. \r\n \r\n \r\n ومن المتوقع أن تختلف خريطة التحالفات السياسية، إلا أنه من المؤكد أن كافة القوى السياسية لن تتحالف مع كتلة يوشينكو نظرا إلى تناقص شعبيتها، ونفوذها السياسي بشكل كبير. هذا الوضع يدفع للاعتقاد بأن انتخابات البرلمان المبكرة لن تجرى وأن الرئاسة ستحاول في فترة لاحقة وضع عقبات بهدف الحفاظ على بقاء يوشينكو في منصب الرئاسة. \r\n \r\n \r\n وفى ظل دعم واشنطن للرئيس الأوكراني قد يتمكن يوشينكو لحين من تحقيق هدفه، إلا انه بالتأكيد يجهز تماما على كافة الشعارات التي رفعها خلال ثورته البرتقالية، والتي دعا فيها لسيادة الديمقراطية، وحماية مصالح أوكرانيا. ويكشف عن دوره الحقيقي الذي لا يزيد على كونه أحد منفذي المخطط الأميركي في المنطقة. \r\n \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي أوكراني \r\n \r\n