وقد اعتبرت إدارة الرئيس اتهامات رئيسة الحكومة بتورط فيكتور يوشينكو في اتفاقات مع موسكو على رفع أسعار الغاز وتأسيس شركات مشتركة وسيطة ليس أكثر من خرافات، تستهدف الإساءة للرئيس يوشينكو، وتشويه صورته لدى المواطنين الأوكرانيين. وكان يوشينكو قد سارع في إطار الرد على هجوم رئيسة الحكومة بإصدار قرار برفع السرية عن مفاوضات الغاز، وبحث إمكانية استيراد الغاز الروسي بدون وجود شركات وسيطة، كما عليه الحال الآن، حيث يتم توريد الغاز إلى أوكرانيا عبر شركة (روس اكرو اينرجو) السويسرية. \r\n \r\n \r\n ولم يستبعد قرار يوشينكو أن تؤسس شركة (غاز بروم) الروسية مع مؤسسة ( نفط غاز أوكرانيا) شركة مشتركة جديدة تتحمل مسؤولية توريد 50 مليار متر مكعب من الغاز إلى أوكرانيا خلال عام 2008، على أن تزيد الكمية إلى 55 مليار متر مكعب عام 2009. ووافق الرئيس يوشينكو على أن تشكل حصة الشركة الروسية في السوق الداخلية الأوكرانية نسبة 25 بالمئة مع إمكانية زيادتها إلى 50 بالمئة. \r\n \r\n \r\n ونفى يوشينكو اتهامات رئيسة الحكومة، مشيراً إلى أن مباحثاته في موسكو قد توصلت إلى اتفاق بأن تسدد أوكرانيا قيمة الغاز الروسي المستهلك خلال عام 2007 بسعر 135 دولاراً للألف متر مكعب، ثم سيتم زيادة سعر الألف متر مكعب خلال عام 2008 إلى 5,179 دولاراً. \r\n \r\n \r\n ويبدو واضحاً أن رئيسة الحكومة يوليا تيموشينكو أرادت أن تضرب عصفورين بحجر واحد، فهي ترفض الالتزام باتفاقات يوشينكو مع الجانب الروسي وتعلن أنه يجب التفاهم معها أولاً، ومن جهة أخرى تؤثر بشكل سلبي على جماهيرية الرئيس يوشينكو في الشارع الأوكراني، عبر التلميح بتورطه في اتفاقات سرية مع موسكو، واعتبرت رئيسة الحكومة الأوكرانية أن ارتفاع أسعار الغاز يهدد السيادة الأوكرانية، وأشارت إلى أن الخطر سيظل قائماً إلى أن تتمكن أوكرانيا من إيجاد مصادر عديدة للطاقة. \r\n \r\n \r\n ومن جديد اشتعلت الحرب بين الرئيس يوشينكو ورئيسة الحكومة تيموشينكو، حيث اعتبر الرئيس أن سياسة المغامرات والدسائس التي تنتهجها تيموشينكو ستدمر المصالح الأوكرانية، وأكد التزامه بالاتفاقات التي توصل إليها مع الرئيس الروسي بوتين أثناء زيارته لموسكو الشهر الماضي. \r\n \r\n \r\n ومما لاشك فيه أن شركة (غاز بروم) ستوقع الاتفاقات التي تضمن لها تحقيق أرباح، إلا أن تصريحات رئيسة الحكومة تظهر سوء النية في العمل مع (غاز بروم) وأن كانت تستهدف المناورة السياسية لإضعاف الرئيس يوشينكو، لأن رفض تيموشينكو للاتفاقات التي عقدها الرئيس في موسكو جاء بعد أن قررت الشركة الروسية رفع تقليص واردات الغاز إلى أوكرانيا، ما يعني أن الحكومة الأوكرانية ترفض سداد الديون المترتبة على استيراد الغاز الروسي خلال الربع الأول من العام الحالي وفق الأسعار المتفق عليها مع الرئيس يوشينكو. \r\n \r\n \r\n ويبدو واضحاً أن الأزمة السياسية في أوكرانيا مازالت تهدد استقرار البلاد، بعد أن انتقل الصراع على السلطة إلى صفوف تحالف البرتقاليين. والمثير للدهشة أن تحالف البرتقاليين قد سيطر على مقاليد السلطة بصعوبة بالغة، وبشكل جزئي، وبالرغم من نفوذ حزب الأقاليم بزعامة يانكوفيتش على أقاليم شرق أوكرانيا التي تسيطر على أكثر من 70% من اقتصاد البلاد. \r\n \r\n \r\n وتأثيره المباشر على مصير السلطة السياسية، إلا أن هذا الوضع لم يمنع من تفجر أزمة في صفوف التحالف البرتقالي، سببها رغبة تيموشينكو في الفوز بمقعد الرئاسة في الانتخابات المقبلة، ومعاقبة الرئيس الحالي يوشينكو، باعتبار أنه خان التحالف بعد توليه الرئاسة، وعين يانكوفيتش رئيساً للحكومة، ودفع بزعيمة البرتقاليين تيموشينكو إلى صفوف المعارضة. \r\n \r\n \r\n وخلال الشهور المقبلة ستشهد أوكرانيا انتخابات رئاسية حاسمة، ولعل الوضع المضطرب على الساحة الأوكرانية كان السبب المباشر في قرار حلف الناتو بعدم منح أوكرانيا العضوية المراقبة في قمة الحلف التي ستنعقد أوائل الشهر المقبل في بوخارست. \r\n \r\n \r\n ولا تتعجل تيموشينكو الالتحاق بحلف الناتو والاتحاد الأوروبي، بل أنها لا تريد أن يتحقق ذلك قبل أن تسيطر على مقاليد السلطة في البلاد، ما دفعها للإعلان عن أن انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي قرار مصيري ولا يمكن أن يتخذ دون إجراء استفتاء شعبي، وهو ما يدعو لإجرائه حزب الأقاليم المتحالف مع موسكو. \r\n \r\n \r\n ما يعنى أن رئيسة الحكومة التي تدرك توجهات الشارع الأوكراني تريد أن تسحب كافة الأوراق التي يمكن أن تحقق لمنافسها يوشينكو والذي كان حليفها بالأمس نفوذاً في الشارع الأوكراني. ان استمرار الوضع المتأزم سيؤدي بالضرورة لانخفاض شعبية الرئيس يوشينكو وحزبه الضعيف ربما لأقل من 10% من أصوات الناخبين، ولكن هل سينضم هؤلاء لجبهة تيموشينكو أم لأنصار يانكوفيتش؟ \r\n \r\n \r\n ويصعب القول ان روسيا لم تعد تهتم بأوكرانيا، لأن مصالح موسكو تبدأ من تصدير الغاز ومروره عبر الأراضي الأوكرانية إلى أوروبا، مروراً باستثمارات روسيا الضخمة في السوق الأوكراني وصلات التعاون الوثيقة مع مجمعات إنتاج الحديد، وانتهاءً بالقاعدة الروسية في القرم، والتي سينتهي عقدها عام 2017. \r\n \r\n \r\n ويسود اعتقاد في الأوساط الأوكرانية الصديقة لموسكو أن الصراع الدائر داخل السلطة الأوكرانية قد لجم اندفاع البلاد نحو الغرب، وهو بالضرورة سيضعف أطراف التحالف البرتقالي لصالح حزب الأقاليم، في نفس الوقت الذي يكرس فيه سياسة التقارب مع روسيا. \r\n \r\n \r\n ومع ذلك لابد من القول ان مصالح روسيا الاقتصادية في أوكرانيا مازالت تواجه مصاعب، بسبب استمرار الصراع السياسي، وعدم تغلب أي من الأطراف الثلاثة على خصومه، وستكون موسكو مضطرة إلى العودة إلى طاولة المفاوضات ليس فقط لبحث ملف الغاز، وإنما لبحث ملفات تتعلق بنشاط رؤوس الأموال والاستثمارات الروسية في الأسواق الأوكرانية. \r\n \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي أوكراني \r\n \r\n