\r\n أعلنت الولاياتالمتحدة وبولندا عن اتفاقهما, على نصب قواعد صواريخ اعتراضية في بولندا, لحماية الولاياتالمتحدة واوروبا من الهجمات الصاروخية »المارقة«, اما روسيا التي هاجمت جورجيا مؤخرا, فترى انها هي المستهدفة من هذا الاتفاق. \r\n \r\n وذكرت صحيفة لوس انجيليس تايمز ان الاتفاق الذي تمّ التوصّل اليه بين الجانبين, يسمح للولايات المتحدة نصب 10 صواريخ اعتراضية مضادة للصواريخ في بولندا, مقابل تحديث الدفاعات العسكرية البولندية وتزويدها ببطارية صواريخ باتريوت. وجاء في الصحيفة ان »واشنطن تقول ان هذا النظام المقصود - ولم يدخل مرحلة التشغيل بعد - ضروري لحماية الولاياتالمتحدة واوروبا من هجمات محتملة »لدول مارقة« ذات اسلحة صاروخية, كإيران مثلاً. ومع هذا, يعتقد الكرملين ان هذا النظام يستهدف القوة الصاروخية الروسية, ويحذر من انه سيفاقم العلاقات«. واضافت الصحيفة تقول انه »في الايام الاخيرة, صرّح مسؤولون بولنديون بأن القتال في القوقاز برّر المطالب البولندية بالحصول على مزيد من الضمانات الامنية من الولاياتالمتحدة, مقابل انشاء هذه القاعدة المضادة للصواريخ على اراضيها. غير ان مسؤولين امريكيين وبولنديين حاولوا - بعد الاعلان عن الاتفاق - التقليل من اهمية الصلة بينه وبين النزاع الراهن في القوقاز. فقال كبير المفاوضين الامريكيين, جون رود, بعد توقيع الاتفاق, »لا علاقة للاتفاق بالوضع في جورجيا«. أما رئيس الحكومة البولندية, دونالد توسك, فقال بعد الاعلان عن الاتفاق, انه يتضمن »التزاما مشتركا« بين الولاياتالمتحدة وبولندا, الذي يبدو »اشارة الى روسيا التي هدّدت بتوجيه صواريخها النووية نحو بولندا, ان هي سمحت بإقامة هذه القاعدة الامريكية فوق اراضيها«. \r\n \r\n كان موقف المسؤولين الروس سريعاً في التعبير عن استيائهم من الاتفاق. فأبلغ المندوب الروسي في الناتو, ديمتري روغوزين, وكالة رويترز بأن توقيت الاعلان عن هذا الاتفاق يثبت أن روسيا هي الهدف المقصود. وقال: »ان حقيقة ان هذا الاتفاق قد جرى توقيعه, في فترة من الأزمة بالغة الصعوبة, في العلاقات بين روسياوالولاياتالمتحدة, حول الوضع في جورجيا, يبيّن بطبيعة الحال ان نظام الدفاع الصاروخي سيُقام ليس ضد ايران, بل ضد القدرة الاستراتيجية لروسيا«. ومضى روغوزين يقول في مكالمة هاتفية معه, »انني اعتقد ان الولاياتالمتحدة لا تتصرف بطريقة حذرة في هذا الوضع.. فبدلا من ان تتخذ موقفا كاملا من الدعم المعنوي والسياسي للكفاح ضد العدوان الحقيقي والتطهير العرقي, صرنا نسمع كمّا هائلا من الكلمات والتهديدات البشعة, وهذا لن يعزز, بالطبع, العلاقات فيما بيننا«. \r\n \r\n لم يكن روغوزين الصوت الروسي الوحيد الناقد للاتفاق. فذكرت وكالة الأسوشيتد برس, ان الجنرال اناتولي نوغويتسين, نائب رئيس هيئة الاركان الروسية, حذّر من ان الاتفاق »لا يمكن أن يمّر من دون عقاب«. وجاء على الموقع الالكتروني ل ̄ »بولسكي راديو«, ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لارو, الغى زيارة لوارسو, كان يُقصد منها تحسين العلاقات الروسية - البولندية, بينما حذر احد المسؤولين البرلمانيين الروس من ان روسيا قد توجه صواريخها الآن على بولندا. \r\n \r\n وقالت اذاعة »بي. بي. سي« ان الرئيس بوش كان »مسرورا جدا« من الاتفاق, لكنها في الوقت ذاته لاحظت ان الناطقة باسم البيت الابيض نفت ان يكون للاتفاق اي علاقة بروسيا. وصدرت عن وزير الخارجية البولندي رادوسلا سيكورسكي تصريحات مماثلة للاذاعة ذاتها, اذ قال: »لقد اتفقنا على هذه المرحلة من التفاوض قبل اسبوع.. اي قبل اندلاع الاحداث في جورجيا. وبسبب جدول الاعمال الزمني للولايات المتحدة, حدث هذا الالحاح في الابرام. غير ان الامر الحاسم, الذي قررّ نجاح المباحثات خلال اليومين الماضيين, هو المقترحات الجديدة التي عرضتها علينا الولاياتالمتحدة«. \r\n \r\n ومع ذلك, هناك مسؤول روسي واحد على الأقل, الذي قال إن التأثير العملي العسكري للاتفاق ثانوي. فذكرت وكالة نوفوستي ان اندريه كليموف, نائب رئيس لجنة الشؤون الدولية في »دوما الدولة« (البرلمان), قلّل من الاهمية الاستراتيجية للقاعدة الصاروخية ومن توقيت توقيع الاتفاق, اذ قال »قد ينطوي الامر على عامل نفسي, لكن المباحثات مع بولندا مستمرة منذ وقت طويل سابق«. \r\n \r\n لم ينحصر انتقاد الاتفاق داخل روسيا وحسب, بل في الغرب ايضا. فكتب جو سيرينسيون في »ذا هو فينغتون بوست, يقول ان الاتفاق بشأن الصواريخ لا يحقق اية مكاسب امنية, بل انه مدفوع, بدلا من ذلك, من مروجي تقنيات غير مجرّبة. وجاء في الصحيفة على لسانه, »ان النشر المقترح للدفاعات الصاروخية في بولندا والجمهورية التشيكية من ناحية, والنزاع الروسي - الجورجي من ناحية ثانية, مسألتان منفصلتان. فهذا الاتفاق لا علاقة له بالدفاع عن الديمقراطية في جورجيا, بل له علاقة بأيديولوجيين يحاولون انقاذ نظام اسلحة سبق لهم ودعموا ابتكاره, رغم تزايد البراهين على انتفاء صلته بالتهديدات التي تواجهها اميركا. واستثناء اولئك الذين تجرّعوا الدفاع الصاروخي المساعد, يتفق الخبراء على ان الصواريخ الاعتراضية بعيدة المدى غير ناجحة. ولهذا السبب اوعز الكونغرس بحكمة, بعدم انفاق اية اموال على هذه القواعد الاوروبية, الى ان تثبت التجارب الحقيقية امكانية نجاح هذه الاسلحة, ويصادق البرلمانان التشيكي والبولندي على اية صفقة. وليس مرجحا لأي منهما فعل ذلك قبل 2010«. \r\n \r\n في الوقت ذاته, يقول ويليام انغدال, من »مركز بحوث العولمة«, من مقرّه في مونتريال, ان الاتفاق الامريكي - البولندي« اخطر خطوة باتجاه حرب نووية يشهدها العالم منذ ازمة الصواريخ الكوبية في عام 1962«. \r\n \r\n فأبعد ما تكون خطوة دفاعية لحماية دول الناتو الاوروبية من هجوم نووي روسي, كما يشير الى ذلك الاستراتيجيون العسكريون, فإن الصواريخ الامريكية في بولندا تشكل تهديد وجود كليا لمستقبل وجود الشعب الروسي. \r\n \r\n فلطالما حذرّت الحكومة الروسية من هذا الامر منذ ان كشف النقاب عن الخطط الامريكية لأول مرة اوائل عام .2007 واليوم, ورغم محاولات روسيا الدبلوماسية المتكررة, للاتفاق مع واشنطن في هذا الشأن, قامت ادارة بوش - في اعقاب هزيمتها المهينة في جورجيا, بالضغط على بولندا لتوقيع هذا الاتفاق اخيراً. أما العواقب, فلا تخطر على بال بالنسبة لأوروبا وللمعمورة. \r\n