\r\n اما الخاسرون فهم روسيا التي لن تتمكن بعد اليوم من فرض مصادر الطاقة لديها على اوروبا, واوبك, وبالاخص المملكة العربية السعودية, التي ستفقد قدرتها على ابقاء اسعار النفط مرتفعة عن طريق فرض حصص الانتاج. \r\n \r\n ثم ان هناك الحالة الايرانية الاكثر تعقيدا. على المدى القصير استفادت ايران جيدا من الحرب على العراق. فالتحالف الشيعي الحاكم في العراق يخضع لهيمنة فصيل موال لطهران, كما ان الولاياتالمتحدة قامت من حيث تدري ولا تدري بتدريب وتسليح اكثر العناصر موالاة لايران في الجيش العراقي, اما بالنسبة لبرنامج ايران النووي, فلا الضربات الجوية ولا المفاوضات في الوقت الحالي قادرتين على ايقافه. لكن النظام الايراني نفسه غير مستقر. فالملالي الذين لا يتمتعون بالشعبية يتشبثون بالسلطة عن طريق تمويل دوائر الامن الداخلي وشراء النخب باموال النفط التي تشكل 70 بالمئة من العوائد الحكومية, فلو كان لاسعار النفط ان تهبط من معدلاتها الحالية حول 80 دولارا للبرميل الى 40 دولارا, مثلا, فان طهران سوف تفقد دخلها المنتظم. وبوسع الولاياتالمتحدة ان تحقق هذه النتيجة بسهولة بمجرد قيامها بفتح حنفية النفط العراقي للمدة المطلوبة وهي خطوة لن يقتصر تأثيرها السلبي على ملالي طهران وحدهم بل يمكن ان يتعداهم الى نظام فنزويلا ورئ/يسها هوغو شافيز. \r\n \r\n وماذا عن الولاياتالمتحدة وعلاقتها بالصين. ان الصين تحتجز حاليا ما تقرب قيمته من ترليون دولار من اموال الديون الامريكية بينها 400 مليار دولار على شكل سندات الخزينة الامريكية. ومن شأن هذا ان يشكل اداة ضغط قوية على امريكا بيد بكين, حيث تستطيع الصين ان تركع الاقتصاد الامريكي على ركبتيه وتبعا للارقام الرسمية فان الاقتصاد الصيني نفسه ينمو بمعدلات تقرب من 10 بالمئة سنويا. وحتى لو التزمنا التقديرات المتحفظة التي تضع ذلك النمو عند نسبة 4 او 5 بالمئة فان هذا الازدهار الصيني يشكل تهديدا للمصالح الامريكية. ومن بين الحقائق الجديدة ان الصين تمتلك غواصات تزيد سرعاتها خمسة اضعاف سرعة الغواصات الامريكية. ان القيد الوحيد الذي يمكن ان يحد من نمو الصين هو حصولها على الطاقة وهو الامر الذي يمكن ان يخضع لاذن من واشنطن في حال سيطرة الولاياتالمتحدة على الحصة الاكبر من نفط العالم. وهكذا يصبح بالامكان تحييد التهديد الصيني. \r\n \r\n لا يزال الكثيرون يتساءلون عن السبب الذي دفع ثنائي بوش - تشيني الى غزو العراق واحتلاله. في عدد 27 ايلول من ملحق \"نيويورك تايمز ريفيو اوف بوكس\" يعترف توماس باورز, وهو احد ألمع مراقبي عالم الاستخبارات, بان هذا السؤال يحيره. فقد كتب يقول:\"الغريب حقا هو انه لا يبدو ان هناك اي تفكير مهني عال ومطلع وراء تتابع الاحداث هناك\". اما الان غرينسبان فقد قال في مذكراته التي نشرت مؤخرا \"يحزنني ان لا يكون من اللائق سياسيا الاقرار بما يعرفه الجميع: وهو ان حرب العراق كانت الى حد كبير من اجل النفط\". \r\n \r\n فهل كانت الاستراتيجية الرامية الى غزو العراق من اجل السيطرة على موارده النفطية من نتاج مجموعة الطاقة التي شكلها تشيني عام 2000؟ ليس بوسع احد ان يعرف على وجه الدقة لان مداولات واعمال مجموعة الطاقة, المشكلة في غالبيتها من مديري شركات النفط والطاقة, قد اخضعت للسرية من قبل الادارة الامريكية. \r\n \r\n ليس بوسع المرء ان يكون متأكدا من ان النفط كان الدافع الاول. لكن نظرية الاحتلال من اجل النفط تبدو مقنعة جدا عندما يرغب المرء في تفسير ما حدث تفسيرا واقعيا. فالاحتلال قد يبدو مهلهلا في الظاهر, لكن مواقف ادارة بوش المعلنة والتزامها \"الشهم\" بعملية بناء الدولة يؤكد ان العراق سوف يصبح في النهاية محمية امريكية على مدى عدة عقود وهو الوضع اللازم لاستخراج ثروته النفطية. فلو ان الولاياتالمتحدة كانت قد عملت على اقامة حكومة ديمقراطية قوية في عراق يحميه جيشه وشرطته ثم غادرته بعد ذلك, فأي شيء كان سيمنع تلك الحكومة من السيطرة على نفط بلادها كما هي الحال في جميع الانظمة في الشرق الاوسط؟ \r\n \r\n اما اذا افترضنا ان النفط هو الذي يشكل محور استراتيجية بوش - تشيني, فلن يكون ما هو اجدى من اجراءات حل الجيش العراقي واجتثاث البعث ثم زيادة عدد القوات الامريكية التي عجلت بايقاع الهجرة الداخلية. اما الكلفة التي تتمثل في بضعة مليارات من الدولارات في الشهر زائدا بضع عشرات من القتلى لا يتجاوز عددهم عدد ضحايا حوادث الدراجات النارية في امريكا, فيمكن التجاوز عنها اذا ما قورنت بالثروة النفطية العراقية البالغة 30 ترليون دولار والسيادة الجيوبوليتيكية والامريكية على العالم والغاز الرخيص في متناول الناخبين. \r\n \r\n واذا ما توخينا منطق السياسة الواقعية فان غزو العراق ليس ورطة انما هو نجاح باهر. \r\n \r\n يظل هناك مكان للتشكيك في هذه الصورة التي رسمتها في هذه المقالة, حيث توحي المقالة بان خطة سرية وعالية الطموح قد تحققت على النحو الذي شاءه لها واضعوها بالضبط. وهو امر نادرا ما يحدث على صعيد الواقع.0 \r\n