صحيح ان سياساتنا الخارجية تقودها الى حد معين، اعتبارات استراتيجية، شأن كل القوى الصناعية. لكن توفير مصدر رخيص للنفط ليس الدافع الاهم في التدخل الاميركي، فغياب المصالح النفطية ربما يفسر قرارنا الخاطيء بتجاهل ما حدث في رواندا، لكنه لا يفسر قرارنا الصائب بوقف الموت في البلقان والصومال واندونيسيا. وفي الواقع ان الصين لا اميركا هي حاليا اللاعب العالمي الاكثر انسياقاً وراء سياسة النفط. ومن المؤكد ان جورج بوش لم يعد رجل نفط واقعيا راضياً عن الوضع الراهن في الشرق الاوسط. \r\n \r\n \r\n فبعد الغزو الاميركي لبغداد، شهدت اسعار النفط ارتفاعاً حاداً، اثار سخط الناخبين في الولاياتالمتحدة، وتضخ اميركا الآن مليارات الدولارات في العراق الغني بالنفط، بدلاً من شفط النفط من هناك ولذلك فان المنتقدين الذين زعموا في السابق اننا لصوص يسخرون هم أنفسهم الآن منا باعتبارنا سذجاً. \r\n \r\n \r\n لم يكن الهدف من غزو العراق نهب ثرواته النفطية، وإنما وقف اعادة تدوير امواله النفطية التي كانت تذهب الى برامج التسلح. ولقد سمحت عائدات النفط للعراق باجتذاب اربعة بلدان، اذ كان صدام يقدم من اموال النفط منحاً لمساعدة جهات متشددة. \r\n \r\n \r\n ولقد مكنته اموال النفط من ذبح شعبه وهكذا ادت بشكل غير مباشر الى تسيير دوريات مراقبة غربية متواصلة في ثلثي المجال الجوي للعراق. وفي المقابل فان عائدات النفط العراقي الآن تتمتع بالشفافية، وتخضع للرقابة من قبل حكومة منتخبة. ولم تعد الاحتياطات النفطية تقدم في صفقات ودية وبأسعار ابتزازية لكل من فرنسا وروسيا، كما كان يحدث في عهد صدام ولم يعد النفط عرضة للتلاعب من قبل المسؤولين الجشعين في برنامج النفط مقابل الغذاء، الذي كانت تديره الاممالمتحدة. \r\n \r\n \r\n ولنتذكر ان النفط ليس مصلحة اميركية فقط. فاليابان وأوروبا والهند والصين كلها تعتمد على واردات الوقود اكثر بكثير من اعتماد الولاياتالمتحدة على مثل هذه الواردات. ودول العالم الثالث الفقيرة تحتاج ايضا لنفط بسعر معقول لانتشال اقتصاداتها التي تعاني من ضعف مزمن. \r\n \r\n \r\n ان اطلاق الاتهامات جزافاً مثل «الدم مقابل النفط» مستمر لان التفسير البديل على ما يبدو غير مستساغ. فبعد 11 سبتمبر، تخلى جورج بوش عن السياسات الواقعية التي تمسك بها في ماضيه، وعن حسابات الحرب الباردة التي اتى عليها الزمن، وذلك باستهداف الامراض القديمة في الشرق الاوسط ومسبباتها. \r\n \r\n \r\n اذا توجت مناورة بوش الديمقراطية بالنجاح، فان العالم سيصبح مكاناً افضل بكثير من ذي قبل. لكن حتى ذلك الحين، وفيما نحن نعمل على الاصلاح في العراق، دعونا نقتصد ونطور مصادر جديدة للطاقة ونفطم انفسنا عن النفط الاجنبي، كما ان تشجيع الديمقراطية يعني ايضا منع وصول الارباح الفلكية الى ايدي جهات متشددة وبتقليص الطلب العالمي على النفط من أجل اضعاف اسعاره فسوف نساعد الامم الفقيرة ونستعيد السلامة المالية للولايات المتحدة. \r\n \r\n \r\n خدمة: «لوس انجلوس تايمز» \r\n \r\n \r\n خاص ل «البيان» \r\n \r\n