«درس منهج العلوم المتكاملة».. رئيس الوزراء يتفقد أحد معامل مدرسة العهد بالقاهرة    بالصور.. زيارة مفاجئة.. رئيس الوزراء يتفقد عددا من مدارس حي السلام    أسعار العملات العربية في بداية تعاملات اليوم الأربعاء 25 سبتمبر    لا تنساقوا وراء الشائعات.. «الشركة القابضة» بالقاهرة تكشف حقيقة تلوث مياه الشرب    وزير الخارجية يشارك في فعالية مجلس الأعمال للتفاهم الدولي    تمهيدًا لافتتاحه.. أخر مستجدات تنفيذ مشروع التجلي الأعظم بسانت كاترين    بيان حزب الله: تفاصيل استهداف قاعدة «جليلوت» في تل أبيب    تحذير بريطاني لمواطنيها: مغادرة لبنان فورًا    قطر تنضم لبرنامج الإعفاء من تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية    رعب في تل أبيب بسبب تهديد ترسانة حزب الله الصاروخية    وزير الخارجية الصيني: سنواصل الدفع نحو وقف إطلاق النار في غزة    برشلونة يستضيف خيتافي في الدوري الإسباني    إمام عاشور: لاعبو الأهلي المصري يعرفون المطلوب منهم في نهائي كأس السوبر الإفريقي    السوبر الأفريقي.. الحكم الليبي معتز الشلماني "بشرة خير" للأهلي    السوبر الأفريقي.. 23 لاعبًا في قائمة الأهلي المتجهة إلى السعودية    الأرصاد: عدم استقرار الأحوال الجوية خلال الفترة المقبلة    إصابة 13 شخصًا بإصابات مختلفة إثر انقلاب سيارة ميكروباص ببني سويف    واتساب يطور أداة تحويل« الرسائل الصوتية» إلى نصوص بالعديد من اللغات    ملخص أحداث مسلسل برغم القانون الحلقة 9.. اكتشاف خيانة جوري بكر ل ليلي    فيروز فكري: خدمة المرشد الصوتي في المتحف القومي لاقت استحسانا كبيرا من الزائرين    هل نقص المغنسيوم في الجسم يهدد حياتك؟    محافظ أسيوط يفاجىء العاملين بمستشفى الشاملة بزيارة فجراً    البنك المركزي الصيني يضخ 300 مليار يوان في النظام المالي عبر آلية الإقراض متوسطة الأجل بفائدة منخفضة    هكذا احتفل محمود البزاوي بعيد ميلاده.. صورة    في خدمتك| نصائح وزارة الصحة للوقاية من النزلات المعوية    «الوطنية للإعلام» تنعى الإعلامي أيمن يوسف    اليوم.. الحكم على المتهم بالانضمام لجماعة إرهابية في بولاق الدكرور    مدونة سلوك لتعزيز بيئة عمل آمنة.. الصحفيين تخطو نحو دعم المساواة ومناهضة العنف    أبطال فيلم عنب يحتفلون بالعرض الخاص قبل عرضه اليوم بالسينمات (صور)    أحداث الحلقة 4 من مسلسل تيتا زوزو .. صدمة إسعاد يونس بسبب زوج ابنتها    بأسلوب كسر الباب.. سقوط لصوص المنازل بحلوان    أمير قطر: منح العضوية الكاملة لفلسطين لا يؤسس سيادتها ولا ينهي الاحتلال    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأربعاء 25 سبتمبر 2024    خلال تبادل إطلاق نار.. مصرع متهم هارب من أحكام قصائية في قنا    هل هناك نسخ بالقرآن الكريم؟ أزهري يحسم الأمر    أنقرة: الصراع الأوكراني يهدد بمواجهة عالمية طويلة الأمد    المقاومة الإسلامية في العراق تعلن قصف هدف قرب غور الأردن    وزير الزراعة: نجحنا في تغطية 80% من احتياجات الأسمدة.. وسنشهد طفرة كبيرة 2026    وفري في الميزانية، واتعلمي طريقة عمل مربى التين في البيت    أحمد موسى: مصر لها جيش يحمي حدودها وشعبها ومقدراته    بعد ظهورها في أسوان.. تعرف على طرق الوقاية من بكتيريا الإيكولاي    بشرى للموظفين.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للقطاع العام والخاص والبنوك (هتأجز 9 أيام)    عمارة ل«البوابة نيوز»: جامعة الأقصر شريك أساسي لتنمية المحافظة وبيننا تعاون مستمر    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور    وزير الاتصالات: التعاون مع الصين امتد ليشمل إنشاء مصانع لكابلات الألياف الضوئية والهواتف المحمولة    حال خسارة السوبر.. ناقد رياضي: مؤمن سليمان مرشح لخلافة جوميز    حمادة طلبة: الزمالك قادر على تحقيق لقب السوبر الأفريقي.. والتدعيمات الجديدة ستضيف الكثير أمام الأهلي    فريق عمل السفارة الأمريكية يؤكد الحرص على دفع التعاون مع مصر    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بمدينة 6 أكتوبر    رياضة ½ الليل| الزمالك وقمصان يصلان السعودية.. «أمريكي» في الأهلي.. ومبابي يتألق في الخماسية    هل الصلاة بالتاتو أو الوشم باطلة؟ داعية يحسم الجدل (فيديو)    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج الحمل    خلال لقائه مدير عام اليونسكو.. عبد العاطي يدعو لتسريع الخطوات التنفيذية لمبادرة التكيف المائي    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج القوس    هل هناك جائحة جديدة من كورونا؟.. رئيس الرابطة الطبية الأوروبية يوضح    رسائل نور للعالمين.. «الأوقاف» تطلق المطوية الثانية بمبادرة خلق عظيم    خالد الجندي يوجه رسالة للمتشككين: "لا تَقْفُ ما ليس لكم به علم"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكثر من وجه لظاهرة الاحتباس الحراري
نشر في التغيير يوم 18 - 02 - 2010

فمن منا خطر على ذهنه أن وجبات اللحم التي نتناولها يومياً أو على نحو مستمر، هي المسؤول الأول عن ظاهرة التغير المناخي؟! فوفقاً لتقرير جديد أصدرته وكالة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) مؤخراً، اتضح أن الماشية تفرز حوالي 18 في المائة من إجمالي الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري. بقي أن نقول إن هذه النسبة، أعلى مما تفرزه كافة وسائل النقل والمواصلات المستخدمة عالمياً! وفي حين تفرز الماشية المرباة في المزارع بصفة خاصة، نسبة 9 في المائة من ثاني أكسيد الكربون المرتبط بالنشاط الإنساني، إلا أنها تفرز نسبة أعلى من تلك، من هذه الغازات الأشد ضرراً من ثاني أكسيد الكربون. ذلك أنها تعد المسؤولة عن إنتاج حوالي 65 في المائة من انبعاثات أكسيد النترات ذات الصلة بالنشاط البشري، مع العلم بأن هذه الأكاسيد تفوق قدرة ثاني أكسيد الكربون على رفع درجات المناخ العالمي، بحوالي 300 مرة على أقل تقدير. وليس ذلك فحسب، بل تفرز الماشية حوالي 37 في المائة من غاز الميثان -المرتبط أيضاً بالنشاط البشري- علماً بأنه يفوق غاز ثاني أكسيد الكربون بحوالي 23 مرة في تأثيره على ظاهرة الاحتباس الحراري!
\r\n
\r\n
وتحتل الماشية نسبة 26 في المائة من المسطح الأرضي الخالي من الغطاء الجليدي. وبالقدر ذاته من الأهمية، فقد خصص ما يزيد على ثلث المساحة الكلية القابلة للزراعة من كوكبنا، لزراعة المحاصيل الزراعية الصالحة لعلف الماشية، بدلاً من تخصيصها للمحاصيل التي تعتمد عليها حياة البشرية. والمعروف تقليدياً أن الماشية تعتمد في علفها على الأعشاب. ولكن الذي حدث مع بزوغ شمس القرن العشرين، هو بدء تحويل مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الصالحة لإنتاج الحبوب التي تعتمد عليها حياة المجتمعات البشرية، إلى مساحات تزرع فيها الحبوب المخصصة لعلف الماشية، كي يتمكن الأغنياء من تناول لحوم الماشية المغذاة بأعلاف تلك الحبوب ومنتجاتها. ونتيجة لهذا التوسع الهائل في تخصيص المزيد من الأراضي الزراعية لإنتاج علف الماشية، فقد جرى تشريد ملايين المزارعين الفقراء من أراضيهم الخصبة الوفيرة الإنتاج، إلى أراضٍ زراعية أقل إنتاجاً. أما في بعض الحالات، فقد تم اجتثاث هؤلاء كلياً من تلك الأراضي، ما جعل من العسير عليهم، توفير ما يكفي حياتهم اليومية من سعرات حرارية لازمة لبقائهم في الوجود.
\r\n
\r\n
كما أضحى التوسع الهائل لحرفة تربية الماشية ومجمل الصناعات الأخرى المرتبطة بها، وباءً عالمياً، له إحصاءاته ومفارقاته البالغة الخطر. وليس أدل على ذلك من شواهد التهام الماشية وحدها، لنظم بيئية كاملة في بعض الأحيان. ولنذكر لذلك مثلاً بإزالة جزء كبير مما تبقى للبشرية من ثروة الغابات المطرية -مثلما هو حال غابات الأمازون-، بغرض تحويلها إلى مساحة زراعية صالحة لإنتاج العلف الحيواني. وفي الوقت ذاته، تواصل الأراضي الزراعية الخصبة على نطاق العالم بأسره، انحسارها جراء ممارسات الرعي الجائر المنتشرة فيها، في حين يستمر تلويث مياه الشرب النظيفة الصالحة المتبقية للبشرية، بسبب تراكم المخلفات الحيوانية والمبيدات الزراعية فيها.
\r\n
\r\n
ثم إن المتوقع أن يزداد الأمر كله سوءاً على سوء في المستقبل القريب للبشرية. ذلك أن تقرير منظمة «الفاو» المشار إليه، قدر أن استهلاكنا للحوم الماشية، سيتضاعف بحلول عام 2050، بكل ما يترتب عن ذلك من عواقب كارثية وخيمة على البشرية نفسها، وعلى الغلاف الجوي لكوكب الأرض. ولذلك، فقد حذرت «الفاو» من هذه الكارثة، وحثت المجتمع الدولي على ضرورة خفض الأثر البيئي السلبي الناجم عن كل وحدة من الوحدات المساحية المخصصة لتربية الماشية، بمعدل النصف، حرصاً على تفادي الدمار الهائل الذي تلحقه هذه الحرفة، ولدرْء تدهور الوضع إلى مستوى أسوأ مما هو عليه الآن. ولم تكتف المنظمة الدولية بتلك التحذيرات فحسب، بل مضت إلى اقتراح حزمة من الحلول الممكنة لهذه المعضلة، بما فيها ضرورة تبنينا للوسائل المحسنة لكيفية الحفاظ على التربة، وكذلك تحسين الأعلاف المقدمة للماشية، بهدف خفض انبعاثات غاز الميثان، فضلاً عن تحسين وتطوير نظم الري المتبعة حالياً.
\r\n
\r\n
لكن ومع ذلك، يظل تقرير «الفاو» وتوصياته، مثيرين للسخرية والضحك، طالما أنهما لم يتصديا للمعضلة الأهم والأشد وضوحاً كما الشمس في كبد السماء. وتتلخص هذه المعضلة في تزايد اعتماد وجباتنا الغذائية على لحوم الماشية، في قرننا الحالي، أكثر من أي وقت مضى. وغني عن القول إن هذا الازدياد الملحوظ في نسبة استهلاكنا للحوم، إنما يتم في الأساس على حساب صحة كوكب الأرض وعافيته، ومن ثم على حساب توازنه البيئي. ولما كان الحال كذلك، فإن من الطبيعي أن يتساءل المرء عن سبب إحجام التقرير المذكور عن أي إشارات -سوى تلك العابرة منها- لضرورة تحول عدد أكبر من البشرية نحو الوجبات الغذائية النباتية، بدلاً من الاعتماد الحالي على اللحوم؟ لماذا لم تشمل توصيات التقرير، خفض استهلاكنا للحوم، مقابل زيادة استهلاكنا للأغذية النباتية؟! لعل أحد التفسيرات الممكنة لهذا الصمت، هو أن قطاع صناعات الماشية وتربيتها، يعد القطاع الأسرع نمواً في الاقتصاد الزراعي العالمي، وأنه يوفر حوالي 3‚1 مليار وظيفة، علاوة على كونه يسهم بنحو 40 في المائة من إجمالي الإيرادات الزراعية العالمية.
\r\n
\r\n
ويجدر القول إن صحيفة «نيويورك تايمز» نفسها، وهي في طليعة الصحف الأميركية المدافعة عن البيئة، قد نحت للالتواء والمراوغة فيما يتصل بالتصدي لخطر اعتمادنا على اللحوم في وجباتنا الغذائية. فبعد أن أشارت الصحيفة إلى العواقب الكارثية الوخيمة التي تخلفها الماشية على البيئة -في معرض تعليقها على تقرير «الفاو» المذكور- إلا أن افتتاحيتها قالت: «ولطالما أنه ليس من المتوقع أن يتراجع حب البشرية للحوم في أي وقت في المستقبل القريب المنظور، فإن الحل يكمن في الدفع باتجاه صناعة الماشية وتربيتها، إلى اتجاهات أكثر استدامة وحفاظاً على البيئة». وهكذا تكون قد فاتت على كل من منظمة «الفاو» والصحيفة معاً، حقيقة أن «الاستدامة» المشار إليها، لا تعني شيئاً آخر سوى ضرورة خفض البشرية لمعدلات ونسب استهلاكها للحوم.
\r\n
\r\n
وهناك من يناصر هذا القول بالدفع بحجة أن البشر هم في الأساس من الكائنات اللاحمة، وأنه لا غنى لهم البتة عن تناول اللحوم، من أجل الحفاظ على صحتهم وعافيتهم. والحقيقة أن هذا القول محض هراء، ولا أساس له من الصحة. والشاهد أن تطورنا البيولوجي، قد هيأنا للاعتماد بشكل رئيسي على الفواكه والخضروات، مع التناول العرضي العابر فحسب لقدر قليل من اللحوم. وعلى نقيض ذلك، فقد بلغ استهلاك المجتمع الأميركي اليوم للحوم، حداً يفوق طاقة الجسم البشري على امتصاص ما تحتويه من بروتينات، ما يسبب للكثيرين منهم عدداً لا يحصى من الأمراض والعلل. وهذا ما ينسف كل الأباطيل والترهات المنسوجة حول أهمية اللحوم كمصدر رئيسي للبروتينات التي تحتاجها أجسامنا. أما الحقيقة العلمية المثبتة، فهي أن في وسع وجبة غذائية متوازنة وقائمة على النباتات، أن تمد الجسم البشري بكل ما يحتاجه من بروتين وصحة وعافية.
\r\n
\r\n
وفي ختام هذا المقال، فإنه لا مناص من الإقرار بخطورة ما أشار إليه تقرير «الفاو» الذي أوجزناه آنفاً. وبما أن الماشية تقع عليها المسؤولية الأكبر عن ارتفاع درجات الحرارة والتغير المناخي، بما لا يقاس إلى مسؤولية وسائل النقل والمواصلات عن الظاهرتين المذكورتين، فلماذا لا نكرس المزيد من الوقت والجهد والاهتمام، عبر سياساتنا العامة ووسائل إعلامنا بمختلف أشكالها، لهدف الحد من «إدماننا للحوم»، بقدر ما نتحدث عن ضرورة الحد من «إدماننا للنفط»؟!
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.