\r\n \r\n تستنزف حرب العراق اكثر من 1.4 بليون دولار في الاسبوع أو 200 مليون دولار في اليوم. وفي الوقت الذي قد تستغرقه في قراءة هذا المقال تنفق فيه الحكومة الاميركية 700 ألف دولار على الحرب. لقد كلفت الحرب حتى الآن 200 بليون دولار بالفعل. ويقدر الاقتصاديون ان الفاتورة النهائية للحرب يمكن ان تكون تريليون او تريليوني دولار والتي ستتضمن نفقات مثل العلاج والرعاية طويلة الاجل لعشرات من قدامى المحاربين الجرحى واسعار الفائدة على دين وقت الحرب واستبدال المعدات البالية. \r\n وليست التكلفة الهائلة لحرب العراق بالامر المفاجئ حيث من الناحية التاريخية فان الحروب تكلف اموالا طائلة. في الماضي كان تمويل الحروب غالبا ما يوفر الدوافع لطرق جديدة واكثر كفاءة في فرض ضرائب على المواطنين. وقد ساعدت اليانصيب التي هي المصدر الرئيسي للدخل في 42 ولاية الان على تمويل الحرب الثورية. وقد ظهرت ضريبة الدخل للمرة الاولى على السطح في الولاياتالمتحدة لتمويل النفقات الكبيرة للحرب الاهلية على الرغم من ان المحكمة العليا اعلنت انها غير دستورية بعد الحرب. \r\n بعد ذلك بنصف قرن وفي 1913 اقر الكونغرس ضريبة الدخل. وبدأت هذه الضريبة التصاعدية عند نسبة 1% للازواج المتزوجين الذين يحصلون على اكثر من 4 آلاف دولار وزادت الى 7% على الدخل الذي يزيد عن 500 ألف دولار. ولتمويل الحرب العالمية الاولى وصل المعدل الاعلى الى 77% على الدخل الذي يزيد عن مليوني دولار على الرغم من ان عدد الاشخاص الذين كانوا يكسبون مليوني دولار في ذلك الوقت كان صغيرا جدا. ولتمويل الحرب العالمية الثانية وسع الكونغرس عدد الاشخاص الذين يدفعون ضرائب دخل من 4 ملايين إلى 42 مليون وزاد المعدل الاعلى الى 91%. وكانت هناك الضرائب على الارباح الزائدة او ضرائب الارباح الاستثنائية على زيادة المال كما تم ذلك مع مبيعات السندات الادخارية. \r\n وكانت هذه حروب جيدة. اما الحروب المثيرة للجدل مثل حرب العراق الان فمن الصعب تمويلها. وقد عجز ليندون جونسون وخليفته ريتشارد نيكسون على جمع الاموال بشكل كاف لتمويل حرب فيتنام ويرجع جزء من سبب ذلك الى معارضة الليبراليين وغيرهم للحرب ومعارضة المحافظين لحرب جونسون على الفقر. ولم يرد لا اليسار ولا اليمين تمويل ما كانوا يعتبرونه سياسات حكومية مضللة بشكل خطير. \r\n بناء على ذلك فقد مثل العجز المتزايد في الميزانية والتخفيضات على الاجزاء غير المحصنة سياسيا في الميزانية الفيدرالية محاولات من قبل جونسون ونيكسون لتمويل الحرب في فيتنام. وممن شملتهم التخفيضات البحث العلمي والتقني الذي يكون له فوائد في الاجل الطويل وكان تخفيض مثل هذا التمويل يعني نموا اكثر بطء على المدى البعيد. كما ساعد العجز في الميزانية ايضا على احداث حلزون التضخم الذي استمر طيلة السبعينات. وقلل هذا التضخم من قيمة الدولار وهي الخسارة الصغيرة بشكل مباشر لكنها استمرت طويلا لحرب فيتنام. \r\n وكان التمويل للحرب المثير للاعجاب على الاطلاق هو من قبل الرئيس بوش الاب في حرب الخليج الاولى 19901991. حيث عمل بوش الاب ومستشاروه من خلال دبلوماسية تقوم على اقناع بلدان مثل اليابان على ان تدفع تقريبا كل نفقات الحرب المباشرة لاميركا. \r\n في حالة العراق بدلا من زيادة الضرائب لتمويل الحرب فان الادارة الحالية تخفضها مضيفة مئات البلايين من الدولارات الى عجز الميزانية الفيدرالية. وزادت ادارة بوش سقف الدين القومي من 5.95 تريليون دولار في 2001 الى 9.62 تريليون في 2006 أي بزيادة باكثر من 60% خلال السنوات الخمس. ويتعين ان يتم تسديد كل هذا الدين في النهاية من خلال فرض الضرائب علينا وعلى ابنائنا وعلى احفادنا. \r\n لماذا اذن هذا الهروب من الحقيقة المالية؟ لا يرغب اي سياسي في زيادة الضرائب. حيث تجعل ادارة بوش من خفض الضرائب سمة مميزة لسياستها وتعارض بشدة اي نقاش لزيادة اي ضرائب. \r\n قبل غزو العراق استهجن البيت الابيض وزير خزانته جون سنو الذي قدر ان الحرب يمكن ان تكلف ما بين مائة الى مائتي بليون دولار. واحتجت الادارة ان الحرب يمكن ان تكلف فقط بضعة عشرات من بلايين الدولارات وهو مبلغ من الصعب ان يثير الانفعال. ومنذ ذلك الوقت تمول الادارة الحرب من خلال طلبات زيادة سنوية بدلا من المخصصات المعتادة للميزانية وهو ما يخفي بشكل فعال كلفة الحرب. \r\n بدورهم فان الديمقراطيين لم يحاولوا تمويل الحرب من خلال زيادة الضرائب تخوفا من ان يصفهم الجمهوريين بانهم ليبراليون (افرض ضرائب وانفق). على الرغم من انها يمكن ان تعد سياسة اكثر مسئولية عن سياسة المحافظين (اقترض وانفق) الا ان برنامجا سياسيا قائما على الاقتصاد في الانفاق المالي يمكن ألا يفوز في انتخابات كتلك التي يسودها جو الاستقطاب السياسي السائد اليوم. كذلك وبسبب الخوف من الاتهام بعدم دعم القوات لم يحاول الديمقراطيون تحدي تمويل الحرب. \r\n وعلى نفس القدر من الاهمية فان المستثمرين بما في ذلك الحكومة الصينية يمولون الحرب في العراق من خلال شراء سندات الخزانة. ولا يشتري المستثمرون الاجانب السندات لانهم يتفقون مع السياسة الخارجية الاميركية بل انهم يشترون السندات بوصفها استثمارا جيدا سوف يتم تسديده بالفائدة من خلال ضرائب على الاميركيين لعقود قادمة. \r\n يستحق كل من الكونغرس والرئيس اللوم على عدم الالتزام بواجبهم الدستوري في ايجاد تمويل لحرب العراق. لكن على وجه خاص فانه بالنسبة لادارة تستغل الاحداث التاريخية من اجل تبرير تصرفاتها يكون من المحزن ألا يتعلم الرئيس وانصاره واحدا من اهم الدروس التاريخية وهو المسئولية المالية. \r\n جوناثان كوبيرسميث* \r\n * استاذ التاريخ في جامعة تكساس ايه اند ام \r\n * خدمة ام سي تي خاص ب(الوطن).