\r\n \r\n وقد لملم اولمرت, هذا السياسي المحترف الذي عّين قائماً بأعمال رئيس الحكومة, في شهر كانون الثاني الماضي, بعد اصابة ارئيل شارون بجلطة دماغية حادة, ائتلافا يمثل اربعة احزاب سياسية, حازت على 67 مقعداً في البرلمان الاسرائيلي, وهي الاغلبية في برلمان مؤلف من 120 نائباً. لكن بعض المحللين راحوا يصفون هذا الائتلاف بالواسع جداً, وبضعيف التأييد السياسي كي يستطيع بسهولة تنفيذ خطة اولمرت لانسحاب جزئي من الضفة الغربية. \r\n \r\n في هذا الخصوص, قال عغرام انبار, مدير مركز بيغن - السادات للدراسات الاستراتيجية بجامعة بار - ايلان قرب تل ابيب, »لدي شكوك كبيرة في مقدرته على تطبيق خطة واسعة, ومن الافضل له ان يسير في برنامج اصغر«. \r\n \r\n اوضح اولمرت, في الخطاب الذي القاه امام البرلمان قبل ان يحوز على ثقته, بأنه ينوي السير قدماً في تحقيق المزيد من الانسحاب من معظم المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية, لضمان قابلية اسرائيل للحياة على المدى البعيد, ان هكذا خطوة, التي ربما تستغرق اكثر من سنة من الان, ستولد على الاغلب معارضة شرسة بين المستوطنين, الذين ينظرون الى فكرة »اسرائيل الكبرى«, ومن ضمنها الضفة الغربية, حقاً توراتياً بالولادة. \r\n \r\n فقال اولمرت, »ما ازال شخصياً اؤيد فكرة كل ارض اسرائيل كرغبة قلبية, كما أؤمن من كل قلبي بحق شعب اسرائيل التاريخي الازلي, بأرض اسرائيل جميعها, ورغم ذلك, فإن الاحلام والاعتراف بهذا الحق لا تشكل برنامجاً سياسياً فحتى لو ذرفت العيون اليهودية الدموع, علينا الاحتفاظ بالجوهر. وعلينا المحافظة على اغلبية يهودية ثابتة ومستقرة في دولتنا«. \r\n \r\n يقود الحكومة الجديدة حزب اولمرت الوسطي - حزب كاديما - الذي اسسه شارون في الخريف الماضي, بعد انسحاب اسرائيل من قطاع غزة, ومن منطقة صغيرة في الضفة الغربية. ويذكر هنا ان الذين ادلوا بأصواتهم في انتخابات اذار, اعطوا اصواتهم للاحزاب التي تؤيد تقديم تنازلات اقليمية. \r\n \r\n ومهما يكن من امر, فقد جاء فوز كاديما بهامش اقل مما كان متوقعاً, ما اجبر اولمرت على التقرب من احزاب اخرى لتحقيق ائتلاف يشكل الاغلبية في البرلمان. فاتفق كاديما, الذي يحتل 29 مقعداً, مع حزب العمل اليساري الميول, وحزب المتقاعدين الوسطي الصغير, وحزب شاس. \r\n \r\n سيتضمن برنامج اولمرت, الذي يحمل اسم »هيتكانسوت« بالعبرية, وتعني »التجمع«, ولكنه يترجم عموماً »الوفاق«, ازالة المستوطنين من المناطق البعيدة في الضفة الغربية, بينما يتم تدعيم وجود اسرائيل في المستوطنات الكبرى الاقرب لاسرائيل. \r\n \r\n وقال اولمرت, ان اسرائيل ستتصرف احادياً, اذا انعدمت آفاق مفاوضات مثمرة مع الفلسطينيين. ومن المتوقع لرئيس الحكومة ان يبدأ محاولة الحصول على تأييد الولاياتالمتحدة للانسحاب المزمع اجراؤه, خلال الزيارة التي سيقوم بها لواشنطن هذا الشهر. \r\n \r\n ويتساءل محللون اسرائيليون ان كان بمقدور هذا الائتلاف, الذي تمت لملمته خلال اسابيع من المساومة والمماحكة, ان يصمد في وجه الاضطرابات السياسية المحلية, التي قد تؤيد اية خطوة تقلّص الوجود الاسرائيلي في الضفة الغربية. فقال رعفان هازان, استاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس, »هذه حكومة نصف الطريق. فقد تكون ملائمة كفاية لدفع الوفاق الى الامام, لكنها لن تكون ملائمة كفاية لدفعه بسلام وطمأنينة«. \r\n \r\n وقال اولمرت, يوم الخميس, انه كان يأمل بتوسيع اكبر للائتلاف, بضم حزب ديني ثان, هو حزب التوراة اليهودية الموحد. وحزب ميرتس -ياحاد الحمائمي. ولو حصل ذلك, لكان للائتلاف قاعدة برلمانية من 78 مقعدا, الامر الذي يجعل من الصعب اسقاط الحكومة ان انسحب منها اي حزب. ويذكر في هذا الصدد, ان حكومات الائتلاف في اسرائيل, التي غالبا ما كان يجري تلقيها من احزاب ذات مصالح ضيقة, ولا يجمعها الا القليل, قد ثبتت امكانية اسقاطها بسهولة. فمنذ الثمانينات, لم ينجح اي ائتلاف حكومي فيها في تجنب اجراء انتخابات مبكرة. \r\n \r\n وعلى الرغم من ان اولمرت يبدو مرتاحا بالاغلبية البسيطة في البرلمان, التي تحبذ التخلي عن المزيد من الضفة الغربية, الا ان الاحتفاظ بالتئام ائتلاف يمثل اغلبية برلمانية قد تثبت صعوبته. وقد لازمت هذه المشكلة شارون عندما كان زعيما لحزب الليكود المحافظ, خلال الاشهر التي سبقت الانسحاب من غزة. وفي نهاية المطاف, اضطر الى المشاركة مع حزب العمل للابقاء على حكومته من خلال الانسحاب. \r\n \r\n وفي هذا الصدد, قال يوسي علفر, المحلل الاسرائىلي, والمحرر المشارك لموقع الكتروني على الانترنت, يروج للحوار بين الاسرائيليين والفلسطينيين, »سأصاب بدهشة كبيرة ان عاشت هذه الحكومة اربع سنوات. كما سأندهش كثيرا ان هي قامت باكثر من المبدأ الاولي, وهو اتخاذ الخطوات الاولى لازالة عدد من المستوطنات. ومن المؤكد انها لن تكون في السلطة لتشهد اكمال هذا المشروع«. \r\n \r\n برغبة حقيقية, وافق حزبا العمل والمتقاعدين على برنامج اولمرت لترسيم الحدود, اما شاس فسمح لها بالانضمام الى الائتلاف دون ان تلزم نفسها بدعم الانسحاب. اذ ينحو هذا الحزب, المؤلف بشكل اساسي من اليهود الارثوذوكس المتطرفين, المنحدرين من اصول شرق اوسطية, لان يكون من الصقور في القضايا الامنية, كما انه ليس واضحا ان كان سيبقى في الحكومة اذا طلب اليه تأييد اخلاء المستوطنات. \r\n \r\n اما الفلسطينيون فحذروا اسرائىل من مغبة القيام باعمال احادية, مبينين ان التسوية عبر المفاوضات هي الوحيدة القادرة على تحقيق السلام باقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة, الى جانب اسرائيل. وقد دعا رئىس السلطة الفلسطينية محمود عباس الى استئناف مباحثات السلام, غير ان اجواء التفاوض تعتمت منذ ان تسلمت حماس الراديكالية السلطة, بعد فوزها في الانتخابات البرلمانية في شهر كانون الثاني. ومرة اخرى طالبت ادارة الرئىس بوش حماس بنبذ الارهاب وبدء المفاوضات مع اسرائىل. \r\n \r\n وقال الرئىس بوش في حفل العشاء الذي اقيم في مناسبة الذكرى المئوية للجنة اليهودية الامريكية, »لقد قالت حماس بوضوح انها لا تعترف بحق اسرائيل في الوجود, وانا اوضحت بانه طالما ان هذه هي سياسة حماس, فلن نقيم صلات مع قادتها.. على حماس قبول مطالب المجتمع الدولي بالاعتراف باسرائىل, ونزع سلاحها, ورفض الارهاب, والتوقف عن عرقلة طريق السلام«. \r\n \r\n وفي مقابلة مع صحيفة معاريف الاسرائيلية, عبر عباس عن ثقته بان معظم الفلسطينيين يريدون اتفاق سلام. وقال ايضا انه سيجري استفتاء عاما على اية اتفاقية مقترحة. اما إنبار من جامعة بار-ايلان, فقال ان اي بحث عن المفاوضات هو بمثابة »الشكلية« من الجانب الاسرائيلي.. وذلك لاسعاد الاوروبيين والامريكيين. والجميع يعلم ان هذا ليس خيارا حقيقيا. \r\n \r\n على ان اولمرت اثار خلافا حول بعض وزرائه, خاصة قراره باعطاء وزارة الدفاع لزعيم حزب العمل, عمير بيريتس, ذي الخبرة الضئيلة في الشؤون الامنية. \r\n \r\n ولاحظ المعلقون بان اولمرت يفتقر الى التأهيل العسكري الذي كان لشارون, الذي ما يزال يغط في غيبوبة تامة في احد مستشفيات القدس, وان وزيرة الخارجية الجديدة تزيبي ليفني, هي الاخرى حديثة العهد بالقضايا الدبلوماسية والعسكرية. وقالت صحيفة هاآرتس عن هذه الحكومة, وبالمنشيت العريض »حكومة المجندين الجدد«. \r\n \r\n ليس امام فريق اولمرت الوزاري الا القليل من الوقت للراحة قبل مواجهة اول تحدياته. فموازنة عام 2006 التي ارجئت المصادقة عليها منذ العام الماضي, يجب عرضها الاسبوع المقبل على البرلمان. وهي الخطوة الاولى في عملية غالبا ما تكون مؤلمة وفي وقت لاحق من هذا العام, سيقر هذا البرلمان خطة انفاق منفصلة للعام 2007 . \r\n