\r\n \r\n لقد حاولنا على مدار السنين أن نكون منارة ثابتة ومثلاً أعلى مثيراً للمقموعين أن نكون بلداً يدافع عن حقوق الإنسان ويناصرها، ولم نكن دائماً على مستوى قيمنا المثالية. \r\n \r\n حيث تعاملنا مع هذا الديكتاتور أو ذاك الطاغية تحت اسم النفعية والبراغماتية، وبعض هؤلاء أكثر شناعة حتى من صدام حسين. وتعاملنا مع صدام حسين نفسه عندما كان ذلك يلائم مصالحنا في يوم من الأيام. \r\n \r\n والآن يبدو أن سلوكنا ليس أفضل من سلوك أولئك الذين طالما شجبناهم في مطالباتنا لجميع الحكومات باحترام الحقوق الأساسية لمواطنيها. ويجب أن يكون هذا سبباً للعار في إدارة غزت العراق، وبعد سنة من التردد، قررت أن هدفنا من الغزو كان تحرير الشعب العراقي، وتأسيس ديمقراطية حقيقية في ذلك البلد المطلخ بالدماء. \r\n \r\n إن التقرير الإخباري الأخير الذي أفاد بأن وكالة الاستخبارات المركزية تحتجز سجناء رفيعي المستوى من القاعدة في سجون سرية في أوروبا الشرقية، إنما يزيد حدة هذا النقاش والحاجة لإخبار العالم بأننا لا نعذب السجناء. \r\n \r\n وكانت أول ردة فعل في الكونغرس المطالبة بفتح تحقيق حول كيفية تسرب المعلومات من السجون السرية إلى الصحافة بدلاً من أن يطالب المشرعون بتحقيق لمعرفة كيفية حدوث هذا الأمر الرهيب، ومن أصدر الأوامر. \r\n \r\n ما الذي نبتغيه من إيجاد منظومة سجون يختفي في غياهبها السجين، وربما مدى الحياة، بدون محاكمة، وبدون أن توجه إليه اتهامات، بدون حماية قانونية وبدون أي شيء؟ \r\n \r\n ولن يعرف أحد البتّة بوجود ذلك السجين هناك أو ما اسم ذلك السجين. \r\n \r\n عندما نبدأ بفعل ذلك بالأجانب، كم سيستغرق الأمر حتى نصبح مستعدين لفعل الشيء نفسه بالمواطنين الأميركيين؟ \r\n \r\n متى نبدأ بتعليق العمل بالحمايات القانونية للأفراد الأميركيين بذريعة وجود حاجة ماسة لذلك يحددها الزعماء السياسيون؟ \r\n \r\n بموجب قانون مكافحة الإرهاب المسمى »قانون الوطنية«، يمتلك مكتب التحقيقات الفيدرالي الآن الصلاحية لإصدار مذكرة سرية تطالب بالحصول على بيانات شخصية من مكالمات هاتفية وتعاملات مصرفية وبريد إلكتروني لأي شخص يثير اهتمام ال»إف بي آي«، التي تستخدم الآن هذه الصلاحيات بمعدل غير مسبوق. \r\n \r\n والأشخاص الذي يسلمون هذه السجلات لمكتب التحقيقات ممنوعون من الكشف عن هذه الحقيقة، والأشخاص الذين تمرر سجلاتهم إلى المحققين، قد لا يعرفون أبداً بهذا الأمر. \r\n \r\n وبدلاً من أن يقوم الرئيس ورجاله بإزالة مظاهر هذه الفوضى، وفوضى سجون ال»سي آي إيه« والفوضى في »أبو غريب« و»غوانتانامو« وترسيخ حكم القانون، فإن نائب الرئيس ديك تشيني مدعوماً من رئيسه جورج بوش يقوم بحشد تأييد الكونغرس لإحباط تمرير مشروع قانون، حظي بموافقة أغلبية مجلس الشيوخ، يحظر التعذيب والمعاملة المهينة. \r\n \r\n ويطلب من جميع الوكالات الحكومية الالتزام بالقواعد الصارمة الخاصة بمعاملة المحتجزين وفقاً للمعايير الواردة في الدليل الميداني للجيش الأميركي حول معاملة السجناء والتحقيق معهم. \r\n \r\n لدينا حكومة تتكلم بلسانين وتلعب على الحبلين، لسان يطبل ويزمر بتصريحات بأننا نحن الأميركيين ملتزمون بميثاق جنيف حول معاملة الأسرى، بينما يهمس اللسان الآخر بأنه لا بأس في »استخدام أساليب تحقيق قاسية«، داخل تلك السجون السرية في أوروبا الشرقية. \r\n \r\n وفي الكونغرس ينقسم أعضاء مجلس الشيوخ ومجلس النواب أو بالأحرى ينقسم زعماؤهم ضد بعضهم البعض. فمجلس الشيوخ يريد تحويل اللغة التي ضمّنها مكين في مشروعين قانونيين إلى قانون، وقيادة مجلس النواب تمنع أعضاءها المشتركين في المشاورات من الالتقاء لبحث الأمر مع السيناتورات. \r\n \r\n وزعيم مجلس النواب دينيس هاستيرت مصمم على تجنب إجراء أي تصويت على الإطلاق على التعديل القانوني الذي اقترحه مكين. والرئيس يتعهد باستخدام الفيتو ضد أي مشروع قانون يحتوي على اللغة البسيطة التي تقول إننا لا نقوم بالتعذيب. \r\n \r\n ويقول مكين إنه مستعد لإلحاق تعديله المقترح بكل مشروع قانون يصل إلى مجلس الشيوخ من أجل التصويت عليه، ومن الواضح الآن أن غالبية زملائه سيصوتون مثله. \r\n \r\n ولقد حاول تشيني ومسؤولون من مجلس الأمن القومي ووكالة الاستخبارات المركزية، جاهدين تليين موقف مكين، لكنه رفض كل حججهم وبدأت حججه تجد لها صدى داخل الإدارة المنقسمة على نفسها. \r\n \r\n ووزارة الدفاع، التي كانت ولا تزال تمثل جزءاً كبيراً من المشكلة، أصدرت أخيراً إرشادات عامة تطالب بأن تجرى كل التحقيقات التي تقوم بها القوات المسلحة بطريقة إنسانية »وتحظر التعذيب الجسدي والنفسي«. \r\n \r\n حان الوقت لإظهار بعض القيادة الصائبة من البيت الأبيض، نحن بحاجة لرئيس ينهض ويقول إن القوانين التي تمنع التعذيب تتلخص في قانونين، ولا يستثنى منها أي فرد أو وكالة. نحن بحاجة لرئيس يفهم أنه يجب علينا أن نعيش بمبادئنا ونقف مرة أخرى في مناصرة حقوق الإنسان. \r\n \r\n