وفي ذلك الوقت جرى الحديث عن تحديد موعد جديد (يتوقع أن يكون في 11/11/2005) لما بعد أعياد إسرائيل ولما بعد عودة عباس من واشنطن. ويبدو أنه من غير المتوقع أن يحدث أي تغيير حقيقي في هذه العملية لأن من سيضمن نجاح القمة حتى إذا انعقدت بعد أسبوعين أو ثلاثة ليس الفلسطينيون أو الإسرائيليون. فمفتاح التوصل إلى تقدم يكمن في ضرورة الوصول مباشرة إلى النهاية أي إلى اتفاق إسرائىلي - فلسطيني على عناصر وصورة التسوية الدائمة والسلام الدائم بين الجانبين. وحين تعرف إسرائىل والفلسطينيون ما هي صورة اتفاق السلام بينهما فعندئذ يمكن للجانبين معالجة مواضيع المراحل الانتقالية بما فيها المواضيع التي تعرقل التقدم في هذه المراحل مثل مسألة كيفية معالجة السلطة الفلسطينية «للإرهاب» وإيقافه، ومسألة عدد المعتقلين الذين يمكن لإسرائىل الإفراج عنهم ونوعيتهم ومتى يمكنها الإفراج عنهم. ويمكن في هذا الإطار المرحلي أيضاً التباحث حول طبيعة النقاط الاستيطانية والمستوطنات التي ستصبح خارج خط الحدود الذي سيتفق عليه الجانبان وتدعو الضرورة إلى نزعها وحول مسائل أخرى كثيرة. فهذه المسائل لا يوجد لها حل في ظل الشروط القائمة وعلى العكس تماماً يمكن أن تحل لوحدها حين يتفق الجانبان على التسوية الدائمة. وطالما لم يحدث اتفاق على الهدف النهائي (التسوية النهائية) فلن يكون هناك منطق ومبرر لأي خطوات مرحلية وهذا ما يصح من وجهة نظر الجانبين. فمن الممكن تفهم عدم رغبة إسرائيل وعدم مقدرتها على الإفراج عن عدد من المعتقلين، وتفهم الخشية من إجراءات إخلاء إضافية لعدد من المستوطنين وفي المقابل من الممكن تفهم معارضة السلطة الفلسطينية لتصفية البنية التحتية «للإرهاب» طالما لم يتوفر لها ما يضمن عدم اضطرارها إلى العودة للكفاح المسلح من جديد من أجل تحقيق مصالحها السياسية. وإذا كان كل شيء قد أصبح واضحاً وبسيطاً حقاً فسوف يتولد ما يوفر تحريك العربة عندما يتفق الجانبان على التسوية النهائية وكل ما يخالف ذلك لن يؤدي في النهاية إلا إلى انشغال الجانبين بمسألة الطريقة والمنهج. ودعونا نكون واقعيين ونعترف بعدم وجود أمل بتوصل الإسرائيليين والفلسطينيين إلى تسوية عن طريق المفاوضات العلنية والمكشوفة التي يقف فيها جيش من الصحفيين للحصول على المعلومات وما يجري في الاجتماعات ويعمل على تسريب مضامينها الصحيحة أو المستمدة برأيه من المباحثات. فبدون مفاوضات سريّة مطلقة ولا يعلن عن نتائجها إلا عند نجاحها، لا أمل أبداً بالتوصل إلى حل. وإذا ما كان قادة الجانبين على استعداد للتوصل إلى اتفاق وإذا ما كانوا مستعدين لتقديم حلول وسط لجميع المسائل الصعبة والمؤلمة فإن عليهما تبني إجراء مفاوضات سرية. ولا ينبغي أن يعلم أحد بوجود مفاوضات كهذه أو بمكانها أو أسماء أفراد الوفود التي تشارك فيها. ومثل هذا النوع من المفاوضات السرية لجأ إليه دايان مع نائب رئيس الحكومة المصرية الدكتور تهامي وهي التي أنضجت زيارة السادات إلى إسرائىل وجرت بعد ذلك محادثات كامب دايفيد بتعتيم كبير ودون وصول الصحفيين إلى مكان المفاوضات. وكان هذا النوع من المفاوضات السرية هو ما لجأ إليه شمعون بيريس حين كان رئيساً للحكومة في الثمانينات حين جرى التباحث مع ممثلين عن منظمة التحرير الفلسطينية أثناء وجودها في تونس. ولا ننسى أن اتفاقات أوسلو لم يتم التوصل إليها في عام 1993 إلا بسبب سريتها». \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n