الأنبا يواقيم يزور ديوان عمدة قرية كومير بالأقصر لتعزيز الروابط الاجتماعية (صور)    الإغلاق بقرار شخصي منه، كامل الوزير يكشف ضوابط التفتيش على المنشآت الصناعية    "حياة كريمة" تطلق اليوم 3 منافذ لبيع اللحوم والدواجن بأسعار مخفضة فى الجيزة    تجربة طوارئ بمطار القاهرة: تعرض طائرة مصرية لعطل فني على متنها 40 راكبا    كجوك: الحزمة الأولى للإصلاحات الضريبية تؤسس لشراكة حقيقية مع مجتمع الأعمال    نائب أمين حزب الله: لن نترك مواقعنا وبنادقنا وسنُسقط إسرائيل    برشلونة يسبق ريال مدريد للتعاقد مع صفقة مجانية من ليفركوزن    مدرب بيراميدز: لا أعرف أي شيء عن ساجرادا ودجوليبا.. وسننافس على دوري الأبطال    تأجيل محاكمة متهم ب أحداث البدرشين لجلسة 4 نوفمبر    «درجة الحرارة تصل إلى 5 مئوية».. «الأرصاد»: انتظروا 60 يوما شديدة البرودة    "عنب" أيتن عامر يحقق 37 ألف جنيه إيرادات أمس    من فاز بجائزة نوبل للفيزياء 2024؟.. إنجازات في التعلم الآلي    السيسي: طول ما القوات المسلحة يقظة ومستعدة وشريفة مفيش خوف من حاجة    نشوى مصطفى: لطف ربنا ودعوات الناس الطيبة وخالد النبوى أنقذونى من الموت    رئيس جامعة الأزهر: الفتوى شفاء من الحيرة ويجب البعد عن التشدد والتساهل    بالصور- محافظ أسيوط يتفقد مستشفى أبنوب المركزي ويطمئن على جودة الخدمات الطبية    رئيس جامعة القاهرة يبحث مع محافظ الجيزة تعزيز أوجه التعاون لخدمة المجتمع    كيم جونغ أون: كوريا الشمالية ستسرع خطواتها لتصبح قوة عسكرية عظمى    بعد عام على أحداث غزة .. كندة علوش تجدد دعمها للقضية الفلسطينية    «الوقائع» تنشر قرار الرقابة المالية بشأن إثبات هوية عملاء شركات التأمين    أمين البحوث الإسلامية: الفتوى تساعد على بناء إنسان قادر على التناغم مع الحياة    «مياه الإسكندرية» تحصد المستوى الأول في تقييم السلامة والمأمونية.. «أمان 100%»    «الصحة»: تنفيذ سلسلة من البرامج التدريبية المتخصصة لتعزيز سلامة المرضى    تأجيل محاكمة المتهم بقتل سائحة سويسرية بالفيوم لاستكمال طلبات الدفاع    السيسي: الشعب الفلسطيني من حقه العيش في دولة مستقلة جنبا إلى جنب مع إسرائيل    بوريل: الوضع فى لبنان يزداد سوءا يوما بعد يوم    وزيرا الإنتاج الحربي والتعليم العالي يبحثان تعزيز التعاون المشترك    وزيرة برتبة موظف.. «العقبي» يكشف كواليس مكالمة مايا مرسي مع متصلة بالخط الساخن لكارت الخدمات    «هما إثنين متجوزين بيتخانقوا على القايمة».. شوبير يكشف عن مهزلة في لجنة الحكام    بيومي فؤاد يحتل المركز الأخير في شباك تذاكر أفلام السينما الإثنين.. تفاصيل    مواليد 5 أبراج معرفون بالتقلبات المزاجية.. هل أنت منهم؟    35 ركلة ترجيحية بين سموحة والزمالك.. وفرج عامر: «هنسجلها في موسوعة جينيس»    وفد «التعليم العالي» يشارك في مبادرة بوابات التعلم الرقمي العام بإندونيسيا (تفاصيل)    الدعاء في يوم الجمعة: فضله وأهميته في حياة المسلم    رئيس جامعة سوهاج: نعمل على تحقيق أهداف المبادرة الرئاسية «بداية»    مصرع شخص فى حادث انقلاب سيارة نقل على الطريق الإقليمى بالشرقية    جامعة القناة تطلق قافلة شاملة إلى جنوب سيناء ضمن مبادرة حياة كريمة    انطلاق فعاليات الدورات التدريبية لمقدمى المشورة الأسرية بصحة الدقهلية    علماء روس يطورون ذراعًا اصطناعية لاستعادة حركة اليد بعد الإصابة بالسكتات الدماغية    رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن عن تشكيل الفريق الوطني لإعادة إعمار غزة    مستاء من المتاجرة بمرضه.. محامي مؤمن زكريا يكشف آخر التطورات "واقعة السحر" | فيديو    رئيس الكنيسة الأسقفية يشارك في ندوة "الفتوى وبناء الإنسان" بدار الإفتاء    المتهم بقتل الطفلة السودانية «جانيت» يصل مقر محاكمته    مدرب وادي دجلة يكشف أسرار تألق عمر مرموش مع آينتراخت فرانكفورت    «حقيقة عدم إجراء قرعة للدوري الجديد».. ثروت سويلم يُجيب    الخميس المقبل.. "من انتصارات حرب أكتوبر إلى إنجازات الجمهورية الجديدة" بعين شمس    قائد الجيش الثاني الميداني ل الرئيس السيسي: جاهزون لتنفيذ أي مهام نُكلف بها    7 معلومات عن ابنة إيمان العاصي بعد ظهورهما في «صاحبة السعادة».. لاعبة كرة    الأمم المتحدة: أوامر الإخلاء الإسرائيلية لا تحمى سكان غزة لعدم وجود أماكن آمنة    "وضعتها بمكان سرى".. اعترافات المتهمة بتهريب عملات أجنبية بمطار القاهرة    مسئول أمريكي: الصين لا تسعى للتأثير على الانتخابات الرئاسية في بلادنا    وزير الخارجية يبحث مع نظيره المكسيكي تطورات مقتل 3 مصريين في حادث إطلاق نار    فريد زهران: دعم التحالف التقدمي العالمي للقضية الفلسطينية وإسقاط عضوية إسرائيل انتصار للضمير الانساني    على طريقة غراب هابيل قابيل، تفاصيل قتل فلاح لشقيقه الأكبر بطوبة ودفنه في فسحة منزله بأسيوط    تغطية إخبارية لليوم السابع حول حقيقة انفجارات أصفهان وسيناريوهات الرد الإسرائيلى    بلاغة القرآن| تعرف على تفسير سورة الناس    محمد أبو الوفا رئيسا لبعثة منتخب مصر في موريتانيا    لماذا كان يصوم الرسول يوم الاثنين والخميس؟.. «الإفتاء» تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورقة الدولة الفلسطينية سقطت من أيدينا مع بداية مفاوضات كامب ديفيد
نشر في التغيير يوم 05 - 03 - 2005


\r\n
جبهة بلا دعم) كتاب صدر حديثا باللغة العبرية، وتأتي اهميته لكون مؤلفه شلومو بن عامي قد شغل منصب وزير الخارجية وكان احد قادة المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية الممهدة لكامب ديفيد.
\r\n
\r\n
يضم هذا العرض، ابرز ما جاء في كتاب بن عامي الذي هو أقرب للمذكرات الشخصية، والتي وثق من خلالها بداية تفويض أيهود باراك له، بهدف فتح مسار تفاوضي مع أبوالعلاء، كما يوثق بن عامي لحظات مفاوضات كامب ديفيد ويكشف عن تفاصيل غير معروفة للقاريء العربي، بما فيها من مقترحات دراماتيكية، جعلت كافة الاطراف تعتقد بأن التوصل لاتفاق سلام بات أمرا ممكنا أثناء مفاوضات كامب ديفيد.
\r\n
\r\n
تقديم وعرض الكتاب سيتم في معظمه من خلال السرد بلسان شلومو بن عامي، لتبقي روايته لما حصل في كامب ديفيد وما قبلها كما هي دون تدخل مباشر، وسيكون هناك تعليق علي ما ورد في الكتاب.
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
يبدأ شلومو بن عامي وزير الخارجية الاسرائيلي السابق كتابه بالحديث عن ذكريات اول لقاء له مع الوفد الفلسطيني بقيادة احمد قريع ابوالعلاء حيث يتذكر بداية المواجهة الكلامية بين جلعاد شير مدير مكتب رئيس الوزراء ايهود باراك وابوالعلاء.
\r\n
\r\n
جلعاد شير: (ما الذي قصدتموه، عندما وقعتم علي اعلان المباديء عام ،1993 هل قصدتم ان الحدود التي سنتفاوض بشأنها ضمن قضايا الوضع النهائي هي حدود يونيو 1967؟).
\r\n
\r\n
ابوالعلاء: (علينا ان نهييء الرأي العام في كلا الطرفين لقرارات صعبة). كان اللقاء الاول لنا في مدينة القدس بحضوري وحضور جلعاد شير وضم الجانب الفلسطيني ابا العلاء وحسن عصفور، تلاه لقاء ثان عقدناه في فندق دافيد انتركونتيننتال في تل ابيب (فندق الملك داود الشهير)، اوضح ابوالعلاء خلاله مفهوما حاسما ضمن التصور الفلسطيني: (الحدود بين اسرائيل والدولة الفلسطينية لا يمكن تحديدها وفق خريطة انتشار وتوزيع المستوطنات).
\r\n
\r\n
لكن في ذلك اللقاء لم يرفض الفلسطينيون بشكل قاطع المطالب الاسرائيلية بالابقاء علي المستوطنات الاسرائيلية التي ترغب الحكومة الاسرائيلية كما يقول -بن عامي- ببقائها داخل المناطق الفلسطينية، غير ان الجدل في هذه المرحلة من المحادثات كان يتعلق بمكانة تلك المستوطنات ووضعها القانوني.
\r\n
\r\n
(لقد كان هذا الأمر مدهشا، حيث لم تكن لدي ابي العلاء اية مشكلة في هذه المرحلة التفاوضية من بقاء جميع المستوطنات في اماكنها كبلدات تخضع لسيادة الدولة الفلسطينية، كما ان المستوطنين فيها سيحملون الجنسية الفلسطينية في حال انهم رغبوا في ذلك).
\r\n
\r\n
من هنا، قال بن عامي تطورت المباحثات واخذنا نفحص الموقف الفلسطيني جيدا، واصبحت التساؤلات تتوالي، هل ستبقي المستوطنات وحدة تعاونية جماهيرية يتم المحافظة علي هويتها من قبل الدولة الفلسطينية؟ وهل ستلتزم الدولة الفلسطينية بعدم المطالبة بتغيير طبيعة المستوطنات اليهودية من خلال السماح لسكان محليين بالاقامة داخل حدود تلك المستوطنات؟.
\r\n
\r\n
إلا ان الرد الفلسطيني حيال هذه النقطة كان عدم القدرة علي ضمان استمرارية وجود هذه المستوطنات كوحدة ذات هوية دينية يهودية، بمعني ان الدولة الفلسطينية لن تعتبر المستوطنة كوحدة قانونية، وذلك لأن الشخصية القانونية تسري علي الاشخاص وليس الأماكن، وعلي الرغم من ذلك تواصلت المباحثات، وبدأ الحديث عن امكانية بقاء المستوطنات ضمن السيادة الفلسطينية، ولكن مع حفاظ المستوطنين علي جنسيتهم وارتباطهم باسرائيل.
\r\n
\r\n
علي اثر ذلك، قدم الوفد الاسرائيلي صورة متكاملة لرئيس الحكومة ايهود باراك عن المباحثات. حيث قال شلومو بن عامي: بدا امرا واضحا، ان الفلسطينيين ليسوا مستعدين لأية تسوية مرحلية او جزئية، انهم يرفضون فكرة تأجيل اي موضوع لمراحل متأخرة، اي ان التوجه لديهم هو الحصول علي كل شيء او لا شيء.
\r\n
\r\n
لقد اوضح لنا باراك طبيعة المأزق الذي سيواجهنا طيلة المفاوضات فقال: يتوجب التوضيح لياسر عرفات بأن الأمر يتعلق بفرصة تاريخية لا تتكرر، كما اننا لسنا علي استعداد للدخول في مفاوضات القصد منها هو الكشف عن مواقفنا لأجل المساومة فقط، والا سنكتشف في نهاية المطاف بأنه لا يوجد شريك للحسم التاريخي.
\r\n
\r\n
بعبارة أخري. احسست ان باراك أراد او توقع ان يضمن عرفات مسبقا التوصل الي اتفاق وذلك من خلال مساهمته بتقديم تسويات مؤلمة، لكن الرئيس الفلسطيني لم يقدم مثل هذا الضمان، لأنه يعتقد بأنه قدم امورا صعبة من خلال موافقته التوقيع علي اتفاق اوسلو او اتفاق سلام الشجعان كما يسميه، وهو بالتالي ليس ملزما بشجاعة اخري عند التوصل الي اتفاقية دائمة.
\r\n
\r\n
يتابع بن عامي التعليق علي الهوة بين عرفات وباراك ويكتب: ان الفجوة القائمة بين مفهوم الاتفاق ومفهوم التسوية لدي الزعيمين هي اساس المشكلة، مما جعلني اشعر بأن وظيفتي طيلة مهمة السلام المضني والمثير للاحباط هي العمل علي جسر وتقليص هذه الهوة. مشكلة اخري واجهتني، اذ كان مفهوم السلام لدي الوسيط الامريكي اكثر قربا للتطرف الفلسطيني، خاصة بتفاؤلهم المشترك والزائد، وبالتالي اصبح الامريكيون جزءا من المشكلة الي حد ما.
\r\n
\r\n
في السادس من مايو، التقينا مع الطاقم الفلسطيني المفاوض في بيت الضيافة في احدي الكيبوتسات القريبة من القدس، لقد كان هناك ضرورة لدراسة امكانية التوصل الي اتفاق بشأن الابقاء علي المستوطنات ضمن مكانة او وضع خاص داخل الدولة الفلسطينية، وفي هذه الجولة التفاوضية تم طرح مبدأ الاستئجار ولأول مرة، كقاعدة لحل جزء من مشكلات الارض مع الفلسطينيين، وهو المبدأ الذي دافعت عنه طيلة مرحلة التفاوض، مما جعله يجد مكانا في خطة الرئيس بيل كلينتون للسلام والتي قدمها في الثالث والعشرين من ديسمبر اول 2000.
\r\n
\r\n
لقد اقترحت في حينه ضرورة الفصل بين الوضع القانوني لحدود المستوطنة وبين وضع ومكانة سكانها، اذ ان هناك امكانية علي سبيل المثال لاستئجار اراضي المستوطنة من قبل الدولة اسرائيل او من قبل المستوطنين انفسهم، فالذين يختارون البقاء داخل حدود الدولة الفلسطينية يحتفظون بالجنسية الاسرائيلية الي جانب كونهم سيصبحون مواطني الدولة الفلسطينية.
\r\n
\r\n
لقد كان تقديري بأن معظم المستوطنين سيرغبون بالانتقال الي الاراضي الاسرائيلية، وفي هذه الحالة سيتم تفريغ المستوطنات من سكانها، وبالتالي ستصبح مصدرا لاستيعاب اللاجئين الفلسطينيين، كان من الواضح امامي، انا وجلعاد شير، بأن الكتل الاستيطانية المتاخمة للخط الاخضر سوف تشمل في اطارها بلدات وقري فلسطينية مما جعلني اقدم اقتراحا بتطبيق المبدأ المتعلق بالمستوطنات المعزولة داخل الدولة الفلسطينية.
\r\n
\r\n
وضمن نفس الصيغة السابقة دخل ابوالعلاء في خضم النقاش، اي انه وافق علي ابقاء المستوطنات في مكانها، ولكن كبلدات فلسطينية فعلية، لأن ارتباطها باسرائيل أمر من الصعب استيعابه كما كان يري ابوالعلاء، لكنني في الحقيقة لا استطيع القول بأنه رفض رفضا قاطعا امكانية منح خاصة بشكل او بآخر، للمستوطنات داخل الدولة الفلسطينية.
\r\n
\r\n
عاد ابوالعلاء وطالب بالعودة الي صلب الموضوع اي العودة الي حدود يونيو 1967 مع بعض التعديلات البسيطة وهو المبدأ الذي من شأنه ان يسري علي موضوع القدس.. (العودة لحدود 1967: المنطقة الشرقية لنا والغربية لكم) هذا ما كان يردده ابو العلاء باستمرار. اما انا وجلعاد شير فقد رأينا ان الحل الأمثل لمشكلة القدس هو توسيع حدودها البلدية وتقسيمها ضمن خطة متفق عليها بحيث تصبح المدينة عاصمة لدولتين، اما البلدة القديمة فانه يمكن حل مشكلتها عبر تطبيق نظام خاص عليها.
\r\n
\r\n
علي الرغم من خصوصية هذه المرحلة التفاوضية وسريتها، الا ان الولايات المتحدة الامريكية كانت شريكة فيها بل انها كانت مبادرة الي فتح هذا المسار السري، الرئيس الامريكي بيل كلينتون هو الذي ناشد باراك لفتح مسار تفاوضي وبالفعل فان طاقم السلام الامريكي كان برئاسة Dines Ros وعضوية كل من (Aron Miller) مساعد روس وRobert Mally رئيس ملف الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي ومساعد الرئيس كلينتون للشؤون العربية الاسرائيلية (من عام 1998 الي 2001) اضافة الي مارتن انديك السفير الامريكي في اسرائيل (انذاك) والمترجم المصري جمال هلال الذي يحمل الجنسية الامريكية، فقد انضم هؤلاء جميعا الي المباحثات في كريات عنبيم.
\r\n
\r\n
عرض الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي مواقفهما كاملة امام الوفد الامريكي، واوضح ابو العلاء رغبة الفلسطينيين بالتوصل الي تسوية شاملة وعدم رفض الحديث في اي موضوع كقاعدة للتفاوض، وبهذا لم يكن لنا كوفد اسرائيلي اي خلاف معه سواء حول قراري 242 او 338 والسعي الي انهاء النزاع. لقد كان وضع حد للنزاع هو الاساس الذي عكف ابو العلاء علي ترديده دوما.
\r\n
\r\n
اما بشأن قضايا الحدود والامن، فقد لجأ ابوالعلاء الي استخدام صياغات لينة بل مشجعة ايضا، وهذا ما اعتقدته انا علي الاقل، صحيح انه اكد علي ان المستوطنات غير قانونية وبالتالي لا يمكن ان تشكل قاعدة لتغيير الحدود، لكنه وبنفس الروح، قال بأن الفلسطينيين سوف يتخذون علي حد تعبيره توجها لينا ازاء موضوع الحدود حيث قال: قولوا لنا ما هي احتياجاتكم ومطالبكم، وسنناقش التعديلات الحدودية التي تقتضيها هذه المطالب، اما المسألة الامنية، فكان رأي ابو العلاء ان هناك امكانية لتطوير توجه جديد مع الطرف الاسرائيلي، وقصد بذلك ان تحقيق الامن ليس بالضرورة ان يتم من خلال الضم او التواجد الاسرائيلي الفعلي، وانما بواسطة دوريات مشتركة، وتواجد امريكي بالاضافة الي محطات انذار، وبكل وضوح يقول بن عامي: خلال هذه المرحلة لم يعكس ابوالعلاء طلبا فلسطينيا حازما ازاء سيادة فلسطينية علي كامل الحدود الشرقية وكامل منطقة الاغوار، بل انه قال بالامكان الدخول في تفاصيل ازاء الحدود الشرقية لدولة فلسطين.
\r\n
\r\n
بالنسبة لمسألة اللاجئين فان ابا العلاء لم يرفض آلية تحدثنا سابقا عنها والتي تطورت خلال لقاءات لاحقة، حيث تعلق الامر بفكرة تشكيل لجنة دولية، بمشاركة اسرائيل والدولة الفلسطينية ولكن برعاية وقيادة الولايات المتحدة، كندا، اوروبا، اليابان، والدول العربية المضيفة للاجئين حاليا وستكون مهمة اللجنة هي المشاركة في حشد الموارد ومعالجة قضية تعويضات اللاجئين وتأهيلهم سواء في البلاد المتواجدين علي اراضيها او بالدولة الفلسطينية ودول اخري لديها استعداد لاستيعابهم.
\r\n
\r\n
الي هنا كانت المسائل ذات العلاقة بالفلسطينيين مقبولة لدينا باستثناء نقطتين اساسيتين ظهرت خلافات بشأنهما الاولي، تتعلق بادعاء الفلسطينيين بأن النقاش الخاص بموضوع اللاجئين ينبغي ان يرتكز علي قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (194) وهو الموضوع الذي تمكنا من التغلب عليه لاحقا في مفاوضات ستوكهولم، عندما قلنا كوفد اسرائيلي بأنه عند التوصل الي اتفاق حول جهاز لحل المشكلة اقصد مشكلة اللاجئين، سيكون بوسعنا وصفه كتطبيق لقرار ،194 اما النقطة الثانية محل الخلاف فكانت تتعلق بمطالبة اللجنة الدولية بصياغة استفتاء يتم توجيهه لكل لاجيء حيثما تواجد ويتم الطلب من كل شخص تحديد اولوياته: تعويضات، البقاء في مكانه، الانتقال الي الدولة الفلسطينية، او العودة الي دولة اسرائيل، والاقتراح الاخير كان ابوالعلاء يقول عنه ان اولئك الذين يرغبون بالعودة الي اسرائيل لن يكونوا عددا كبيرا لكن هذا الاقتراح بدا لي ضبابيا ومعقدا غير قابل للتطبيق وهذا ما قلته علي الفور، واضفت موجها كلامي لأبي العلاء ان اللاجئين بمثابة مأساة انسانية ناجمة عن ازمة وحرب، وان آية محاولة لحلها وفق خطتك وطلبك والتي تشمل من بين اقتراحاتها العودة الي اسرائيل هي محاولة غير عملية، حيث لم يكن هناك امر مماثل لهذا عبر التاريخ، اي الابقاء علي مأساة لجوء لعقود من السنين، ثم يتم حلها بهذه الطريقة، انكم بهذه الاقتراحات تفرزون قاعدة تخليد المشكلة واستمرار المطالبات من اسرائيل.
\r\n
\r\n
لكن ابا العلاء اوضح خلال هذا الحديث نقطة مركزية اخري ضمن مفهوم التسوية لدي الفلسطينيين، وهو موضوع الدولة الفلسطينية، علي الرغم من كونه احد الموضوعات الرئيسية التي تم الاتفاق عليها في اوسلو، الا ان ابا العلاء ظل يؤكد، المرة تلو الاخري، بأن موضوع اقامة الدولة الفلسطينية ليس موضوعا للاتفاق بيننا.
\r\n
\r\n
(انها حقنا الطبيعي، ولسنا بحاجة الي موافقتكم لقيامها)، وادعي ايضا بأن الدولة الفلسطينية ليست منة من اسرائيل وليست تنازلا ينبغي علي الفلسطينيين دفع شيء مقابله. في الحقيقة انني ومنذ البداية احطت رئيس الوزراء ايهود باراك علما بوجهة النظر الفلسطينية في ذلك الموضوع. الي جانب ذلك كانت المفاوضات بشأن تسوية دائمة قد بدأت في الوقت الذي كانت فيه الشرعية الدولية ازاء قيام دولة فلسطينية حاسمة وجارفة، مما جعل ورقة الدولة الفلسطينية تسقط من ايدينا مع بداية المفاوضات.
\r\n
\r\n
من الممكن القول ان الطاقم الامريكي كان مرتاحا من هذه الاجواء التي تميزت بالانفتاح العام الواضح في مناقشات الطرفين، لكن يبقي وجود الدور الامريكي امرا مهما، وقد وصف دينيس روس دور بلاده بالقول: انه دور رئيسي وهام، ان هذا الموضوع يشغلنا اكثر من اي موضوع آخر، وهذا كان بمثابة حافز ودعم لاتفاقيات، يمكن التوصل لها بضمانات وحلول غير تقليدية، ومما كان يقوله روس: لم تكن هناك في تاريخ النزاع مجموعة مختارة افضل من هذه المتواجدة حول هذه الطاولة وبالتالي ينبغي عدم تضييع هذه الفرصة التاريخية ولا بأي شكل من الاشكال.
\r\n
\r\n
يعلق بن عامي علي هذه النقطة تحديدا بالقول: نعم ولا، نعم ينبغي عدم اضاعة هذه الفرصة ولكن هناك مجموعة اشخاص جيدين الي درجة كبيرة كانوا متواجدين خارج هذه الغرفة التفاوضية، لقد قرر بارك سحب اشخاص جيدين واصحاب خبرة ومهارة من طاقم المفاوضات مثل شمعون بيرس، يوسي بيلين، وعدد من رجالات اوسلو الآخرين الذين نذروا حياتهم وخبراتهم من اجل ايجاد حل للنزاع بيننا وبين الفلسطينيين.
\r\n
\r\n
لقد كنت مقتنعا بأن هذا الاجراء لم يكن يفتقر الي المنطق كليا حيث اراد باراك التعامل مع المفاوضات، علي انها تشكل بداية مرحلة جديدة، لا ينبغي ان تقوم علي انماط ترسخت ضمن اطار اوسلو، لكن الفشل في الحقيقة كان في الاساس سياسيا، اذ كان باراك فنانا في انتاج وخلق الاعداء، دونما ضرورة لذلك لقد فشل باراك بصورة كبيرة عندما حال دون مشاركة منتقديه وخصومه، فالمفاوض الافضل هو الذي لم يشارك في المفاوضات كما انه في الوقت ذاته من يوجه الانتقادات الاشد.
\r\n
\r\n
في هذه المرحلة علم كل طرف ما كان ينبغي عليه ان يعرفه عن المواقف الاساسية للطرف الثاني، وبالتالي كان من الصواب الانتقال الي مرحلة اخري من المفاوضات المركزة بهدف دراسة الفرص والآمال الفعلية لمسار التسوية فاللقاءات الخاطفة وبغطاء سري واماكن مختلفة وازمنة غير ثابتة استنفدت نفسها كما ان الانعزال لايام طويلة هو بطبيعة الحال لم يكن امرا سهلا في اسرائيل، اي انه ينبغي نقل المباحثات الي الخارج وبالفعل وقع الاختيار علي مكان منعزل في اسكندنافيا وهو المقر الريفي لرئيس حكومة السويد (Youran Persson) في Harvsand علي بعد ساعتين من جنوب العاصمة ستوكهولم.
\r\n
\r\n
قبل التوجه الي السويد كانت هناك ضرورة لمحاولة تهدئة روح عرفات الغاضبة، خاصة انه لا يري سوي النصف الفارغ من الكأس علي حد تعبير بن عامي الذي اضاف (ان عرفات يضفي علي محدثه الشعور الدائم بأنه ايا كانت تنازلاته، فسوف يظل مدينا له، خاصة ان باراك وعد ولم يف بوعده، غضب عرفات بشدة وخاصة حول الالتزامات المتعلقة بالتسوية المرحلية، لا سيما في مجال القري المحيطة بالقدس لتكون خاضعة لمسؤولية وسيطرة السلطة الفلسطينية بشكل كامل (كما كان الاتفاق).
\r\n
\r\n
ولهدئة الموقف جري لقاء مع رئيس السلطة في مدينة رام الله عند ساعات المساء في الثامن من مايو، اللقاء كان في منزل ابومازن، وكنت قد انضممت الي كل من رئيس الحكومة ايهود باراك، ووزير الخارجية دافيد ليفي، ويوسي غينوسار، داني ياتوم ضمن لقاء غير طبيعي، وقد اتضح لي من خلال هذا اللقاء ليس اتساع الهوة ازاء مفهوم السلام لدي الزعيمين فقط وإنما الغياب المطلق بل المأساوي للانسجام البشري بينهما، لقد كان حوار طرشان، اذ حاول باراك ان يشرح لعرفات مدي الصعوبة التي يجدها في نقل القري الواقعة في منطقة القدس الي السيادة الفلسطينية والتي كان باراك قد وعد عرفات بنقلها للسيادة الفلسطينية، وقد عبر عرفات عن غضبه لهذا التصرف من خلال تحريك ساقيه بعصبية ودون ان يتفوه بكلمة واحدة، كما ان الزعيمين التزما الصمت في معظم الوقت.
\r\n
\r\n
أمر اخر اثار غضب ياسر عرفات وهو عدم نقل اموال الجمارك المستحقة للسلطة الفلسطينية، كما ابدي عدم ارتياحه من نتائج المسار الذي جمعني مع ابوالعلاء، وقال عنها: انها اجواء ممتازة ولكن بدون اية نتائج.
\r\n
\r\n
في الحقيقة حتي لو اعتقد عرفات اننا قمنا بتحقيق نتائج ايجابية فانه لن يخرج (بطبل ومزمار) كما قال شلومو بن عامي ليعلن ذلك امام رئيس حكومة اسرائيل، ولن يظهر سعادته، وكما قلنا دائما فانك لدي عرفات مدين دائما، ودائما لا يوجد سوي النصف الفارغ من الكأس، وكرد فعل مني لفت انتباه السيد عرفات الي رفضي لتقديراته وافكاره، وكم كانت مفاجآتي عظيمة عندما شاطرني ابوالعلاء الرأي، عندها تولدت لدي قناعة بأنه من الممكن ان نعمل مع ابوالعلاء وازدادت هذه القناعة عندما علمت ان ابا العلاء لم يظهر الخرائط التي اعدتها شعبة التخطيط في هيئة الاركان العامة لعرفات ولم يطلعه عليها خاصة ان تلك الخرائط كانت في معظمها غير معقولة وتنطوي علي قدر كبير من الاذلال.
\r\n
\r\n
في نهاية ذلك المساء اجتمع باراك وعرفات علي انفراد، واتضح فيما بعد ان الحديث بينهما قد تركز حول تفسيرات باراك للضغوط السياسية التي تمنعه من احترام وعوده بشأن القري المحيطة بالقدس، والتي كان قد وعد عرفات بنقلها للسيادة الفلسطينية لكن تلك الضغوط السياسية ما كانت لتحظي باهتمام عرفات فهي ليست من شأنه، اضافة الي انه لم يبد اي استعداد في يوم من الايام لمخاطبة ابناء شعبه والقول لهم: تحلوا بالصبر، فرئيس حكومة اسرائيل يواجه صعوبات سياسية.
\r\n
\r\n
وفي ظل غياب الانسجام او الحوار وحتي الثقة بين عرفات وباراك، لم يبق الا الامل علي صعيد المحادثات السرية التي كنا نقوم بها مع ابوالعلاء، والتي استطعنا من خلالها ان نضع خريطة المواقف ازاء عدد من الموضوعات (الارض، اللاجئون، المستوطنات، الامن) مما مكننا من الانتقال الي العمل علي الدفع نحو اتفاق اطار بين اسرائيل والفلسطينيين خلال المباحثات المعروفة باسم مباحثات ستوكهولم السرية او المسار السويدي.
\r\n
\r\n
قبل ان نتوجه الي السويد كان من الامور الصحيحة التي يجب ان نتبعها القيام بعملية قياس للتوقعات مع وزارة الدفاع اذ ان عملية سياسية بعيدة المدي نوشك علي القيام بها، الزمتنا تعميق الحوار مع الجهاز السياسي لبناء قاعدة داخلية صلبة قدر الامكان، تدعم مثل هذا الاجراء الصعب، وعلي الرغم من ان دور الجيش يتمثل في تنفيذ التعليمات والتوجهات السياسية للمستوي السياسي، الا انه يتوجب علي القائد الاهتمام بضم الجانب البيروقراطي المدني والعسكري لصالح خطواته، كما كان من الصواب ايضا التطلع الي احتواء واستيعاب المفهوم السياسي الجديد من جانب القيادة العليا للجيش.
\r\n
\r\n
خلال النقاش لدي رئيس الحكومة في مقر وزارة الدفاع والذي كان بعد يوم واحد من لقائنا المشترك مع عرفات اي في التاسع من مايو اعرب مسؤول الاستخبارات العسكرية (امان) اللواء عاموس مالكا عن رأيه بأن عرفات سيبدي استعدادا للاتفاق علي قاعدة ضم 5% -6% من اراضي الضفة الغربية لاسرائيل اما آمنون شاحاك عضو لجنة توجيه المفاوضات فانه لم يكن هو الاخر بعيدا عن تقديرات مالكا، في حين ان رئيس شعبة التخطيط شلومو يناي، تطرق الي المفاهيم الامنية الخاصة بمنطقة غور الاردن واعتقد بأن المشكلة سوف تكمن في كيفية ضمان مصالحنا هناك، دون المس بكرامة الفلسطينيين، وفي الواقع فانه علي حق في ذلك، ناهيك عن العلاقة بين حجم التواجد الامني والبعد الزمني، فحجم التواجد يجب ان لا يكون كبيرا قدر الامكان، وبالتالي اقترحت ان نطلق مفهوم (الانسحاب الاسرائيلي التدريجي) علي اساس ان نوضح للفلسطينيين بأن الارض ستنتقل الي حيز سيادتهم في مرحلة ما يتم الاتفاق عليها وسيتم اثناءها الاعتماد علي عملية انسحاب بطيء اكثر مما هو الحال في بقية المناطق.
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
جبهة بلا دعم
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.