بعد سنوات طويلة من انعدام الفاعلية بدأ المسؤولون الفلسطينيون يشقون طريقهم بحذر نحو التعاون‚ ان ما يحدث هو عملية هشة جدا الى حد بعيد‚ \r\n \r\n على جانب يقف أعضاء الحرس القديم الذين حضروا مع ياسر عرفات من تونس والذين هم مصممون على حماية كل الامتيازات والمواقع والمناصب التي تنعموا بها ولا يزالون يتنعمون بها حتى وقتنا الحاضر‚ \r\n \r\n على الجانب الآخر يقف أعضاء الحرس الجديد من الشباب وزعيمهم المسجون مروان البرغوثي وهم مصممون على كسب مواقع السلطة التي حرمهم منها عرفات طويلا‚ \r\n \r\n خلف هؤلاء تقف مجموعة من طالبي السلطة الذين يسعون للحصول على منافع مثل قادة «كتائب شهداء الأقصى» وامراء الحرب في غزة وقادة تسعة تنظيمات امنية فلسطينية منفصلة كان عرفات قد أنشأها‚ \r\n \r\n بالاضافة الى ما سبق توجد حركة حماس التي تسعى دون شك الى تحويل شعبيتها في الشارع الفلسطيني الى قوة سياسية‚ \r\n \r\n في ظل هذه الأجواء الملبدة بالغيوم يقف الفلسطينيون وهم مصممون على تفضيل حكم القانون مستخدمين الاجراءات الديمقراطية لحل معركة خلافة عرفات‚ ان قبول الانتخابات والاقبال عليها كطريق للسلطة بدأ يكسب الزخم في اوساط القوى المتنافسة‚ \r\n \r\n وفي الوقت الذي ستقاطع حماس الانتخابات الرئاسية سعيا منها للانتقاص من شرعية السلطة الفلسطينية فانها سعت مع ذلك الى التركيز على تعديل قوانين الانتخابات لتعظيم نفوذها في الانتخابات التشريعية‚ \r\n \r\n وحماس تقايض الآن مسألة التوقف عن العنف مقابل الحصول على حصة في السلطة السياسية التي قد تأتي عبر صناديق الاقتراع‚ \r\n \r\n الأخذ بالوسائل الديمقراطية يساعد محمود عباس أيضا في اعادة فرض الأمن والنظام ووضع حد للعنف مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في 9 يناير‚ والتحدي الفوري الأكبر الذي يواجهه يأتي من جماعات كتائب الأقصى التي شنت عددا من الهجمات الأكثر دموية ضد اسرائيل‚ فإذا ما استطاع عباس احتواءهم فانه قد يكسب فترة من الهدوء الذي سيقوي من شرعيته ويعيد بناء الاجهزة الأمنية‚ \r\n \r\n انه يعرض عليهم صفقة محددة: ألقوا أسلحتكم وخذوا بدلا منها وظائف في اجهزة الأمن الفلسطينية وستحصلون على الرواتب والعفو والسلامة من أي هجمات اسرائيلية‚ ويعرض عباس كذلك شيئا مماثلا على حماس‚ \r\n \r\n في ظل هذه الأجواء التي تتصف بالتفاؤل الحذر ابدى شارون والمؤسسة العسكرية الاسرائيلية الرغبة في التعاون بالرغم من الشكوك التي سبق ان ابدوها تجاه أبو مازن خلال فترة عمله القصيرة كرئيس للوزراء‚ \r\n \r\n فخلال الأسابيع الثلاثة الماضية خفف الجيش الاسرائيلي من أنشطته ضد المتطرفين الفلسطينيين‚ \r\n \r\n وفي هذه الأثناء خفف المسؤولون الاسرائيليون من سقف مطالبهم الأمنية تجاه «الانشطة الارهابية»‚ \r\n \r\n فقد أخبر شارون المتشددين في اللجنة المركزية في حزب الليكود انه يجب ان لا تتوقع اسرائيل من عباس التفكيك الفوري للبنية التحتية الارهابية‚ وبدل ذلك مضت القيادة الفلسطينية في وقف عمليات التحريض في وسائل الإعلام الفلسطينية ونظام التعليم وهي أشياء سبق لعباس فعلا ان اتخذ خطوات محددة بشأنها خلال الأيام القليلة الماضية‚ \r\n \r\n ومن أجل المساعدة في توفير رواتب للمقاتلين الفلسطينيين الذين يتخلون عن سلاحهم أقدمت حكومة شارون بهدوء على الافراج عن العائدات الضريبية التي كانت قد اوقفت تحويلها للسلطة الفلسطينية في السابق‚ \r\n \r\n باختصار بعد اربع سنوات من النزاع الدموي فإن الاجواء بدأت تتغير في رام الله والقدس‚ وهو تغير يجب ان يشجع إدارة بوش على اتخاذ اجراءات ملموسة على الأرض بدل الاكتفاء بالمفاتحات على غرار الزيارة التي قام بها كولن باول وزير الخارجية الأميركية للمنطقة مؤخرا‚ \r\n \r\n بعد زيارة باول الى رام الله اندفع وزراء الخارجية الأوروبيون بدورهم الى الضفة الغربية ايضا للتعبير عن تأييدهم للتغييرات الحاصلة وتشجيع استمرارها‚ \r\n \r\n وكان الحري بالسيد باول القيام بعمل ما لاقناع الدول العربية التي لم توف بالتزاماتها المالية تجاه السلطة الفلسطينية لفعل ذلك الآن‚ \r\n \r\n وفي الوقت الذي يصر الرئيس بوش على ضرورة نشر الديمقراطية في المجتمع الفلسطيني إلا ان هناك في نفس الوقت وعودا اميركية قدمت يجب الآن العمل على تنفيذها‚ \r\n \r\n القليلون يتذكرون ان بوش الذي أقر خريطة الطريق ولعب دورا رئيسيا في بلورتها كان قد وعد بأن تلعب الولاياتالمتحدة دورا محددا في تدريب واعادة بناء قوات الأمن الفلسطينية‚ \r\n \r\n عرفات لم يعد موجودا لاعاقة تلك العملية وشارون راغب الآن في التعاون‚ ولكن هل بامكان الولاياتالمتحدة ان تفعل كذلك في الوقت الذي يوجد الشيء الكثير أمام ال «سي‚آي‚إيه» لتفعله وهي الوكالة التي سبق لها ان اعطيت هذه المهمة؟ \r\n \r\n ان الولاياتالمتحدة بحاجة لكي تقود الجهود الدولية من أجل إعادة بناء مؤسسات السلطة الفلسطينية‚ وحتى الآن فضلت إدارة بوش ان تترك مسألة إعادة بناء غزة واستعادة الأمن والنظام فيها الى كل من البنك الدولي ومصر التي تمارس عليها ضغوط كثيرة للقيام بذلك العمل‚ \r\n \r\n وهناك مهمة تتسم بالتحدي السياسي وهي استئناف العمل بخريطة الطريق مع الانسحاب الاسرائيلي من غزة واجراء الانتخابات الفلسطينية‚ سيصر شارون على الأغلب بعد الانسحاب من غزة على ضرورة ان تركز مفاوضات السلام على اقامة دولة فلسطينية «ذات حدود مؤقتة» كما هو منصوص عليه في خريطة الطريق‚ \r\n \r\n وسيصر الفلسطينيون من جانبهم على التحرك مباشرة نحو مفاوضات الحل النهائي لاقامة حدود دائمة بين الدولة الفلسطينية واسرائيل‚ \r\n \r\n ان تلك عملية معقدة وحساسة وهي عرضة للتأثر بالعنف الذي قد يمارسه المتطرفون‚ ان الأمل موجود ولكن يتوجب على إدارة بوش ان لا تتراجع وان لا تطلب من الفلسطينيين الديمقراطية دون انخراط بوش في العملية السلمية وان هذا من شأنه التسبب في اضاعة الفرصة المتاحة‚ \r\n \r\n اننا بحاجة الى التزام استراتيجي من قبل بوش للتخلص من الشكوك والحذر الذي ساد في فترة رئاسته الأولى من أجل الانطلاق بهمة ونشاط في فترة رئاسته الثانية لتحقيق حل اقامة الدولتين: فلسطين الديمقراطية التي تعيش بسلام الى جانب دولة اسرائيل اليهودية‚ \r\n