"أوقات لا تنسى".. محمد حماقي يوجه الشكر لجمهور بورسعيد    أحمد موسى: ما فعله كامل الوزير في النقل سيفعله في الصناعة | فيديو    ارتفاع واردات السيارات المستوردة بنسبة 5.3% فى مصر خلال أول 5 أشهر    خاص| وزيرة فلسطينية: منتدى أسوان فرصة لتعزيز التعاون الدولي ودعم قضايا المرأة الفلسطينية    شولتس يجري اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء البريطاني الجديد    المقاومة الفلسطينية تعرض مشاهد من أبرز عملياتها لقنص الجنود اليهود    يورو 2024| «جولر» يقود هجوم تركيا أمام هولندا في ختام دور ربع النهائي    درجات الحرارة غدا الأحد 7-7-2024 فى مصر    ننشر أقوال إمام عاشور بواقعة تعديه على فرد أمن مول بالشيخ زايد    "كان بيصورني".. أقوال إمام عاشور في اتهامه بضرب فرد أمن في مول بالشيخ زايد    من مسجد السيدة زينب.. بدء احتفال وزارة الأوقاف بالعام الهجري الجديد 1446ه    أمل سلامة: هناك جدية في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني    من مقلب نفايات لمعلم عالمي.. صندوق التنمية الحضرية: حدائق الفسطاط ستكون الأجمل بالشرق الأوسط    إعلام إسرائيلي: زعيم المعارضة يائير لابيد يشارك في مظاهرة تل أبيب    جميلة عوض تشارك متابعيها لقطات تلقائية من «شهر العسل» مع أحمد حافظ (صور)    حمدوك: يمكن الاستمرار في جهود وقف الحرب بالتوازي مع العملية السياسية    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2024.. أجمل رسائل وصور التهنئة بالعام الجديد    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد الخدمة الطبية بمستشفى الحسينية المركزي    3 قرارات.. نتائج جلسة المناقشة الثانية لمجلس نقابة المحامين    حفيد محمود ياسين ناعيًا أحمد رفعت: «زعلان عليه ومبسوط بحب ربنا فيه»    جامعة أسيوط تنظم حفل تخرج الدفعة رقم 57 من كلية التجارة    البابا تواضروس يشهد سيامة 24 كاهنًا جديدًا للخدمة بمصر والخارج    المروحة تبدأ من 800 جنيه.. أسعار الأجهزة الكهربائية اليوم في مصر 2024    توطين مليون يهودى فى الضفة «مخطط الشر» لإنهاء حل الدولتين    إستونيا تعلن تزويد كييف بمنظومات دفاع جوي قصيرة المدى    محافظ القاهرة يتفقد أحياء المنطقة الجنوبية    كلاكيت تاني مرة.. جامعة المنيا ضمن التصنيف الهولندي للجامعات    ضمن «حياة كريمة».. 42 وحدة صحية ضمن المرحلة الأولى من بني سويف    رانيا المشاط.. الاقتصادية    لأول مرة.. هروب جماعى لنجوم «الفراعنة» من أوليمبياد باريس    قافلة طبية مجانية.. الكشف على 706 مواطنين فى إحدى قرى قنا ضمن «حياة كريمة»    ناجلسمان يتطلع للمنافسة على كأس العالم بعد توديع ألمانيا ليورو 2024    نتيجة الدبلومات الفنية 2024 (صناعي وزراعي وتجاري).. خطوات الحصول عليها    تأجيل محاكمة 3 مسؤولين بتهمة سرقة تمثال من المتحف الكبير لجلسة 7 أكتوبر    خلال جولة رئيس الوزراء فى حديقة الأزبكية .. الانتهاء من أعمال التطوير بنسبة 93%    وزير التموين: نعمل على ضبط الأسعار بطرق مبتكرة ليصل الدعم للمستحقين    عماد حسين: الحوار الوطنى يحظى بدعم كبير من الرئيس السيسي    وزير الصحة يستقبل وفد من جامعة «كوكيشان» اليابانية لمتابعة الخطة التدريبية للمسعفين المصريين    المركز المسيحي الإسلامي يُنظم ورشة للكتابة الصحفية    أيام الصيام في شهر محرم 2024.. تبدأ غدا وأشهرها عاشوراء    طلب مفاجئ من ماجد سامي بعد وفاة أحمد رفعت| عاجل    هل نجح الزمالك في إنهاء أزمة إيقاف القيد ..مصدر يوضح    انطلاق أولى حلقات الصالون الثقافي الصيفي بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية    أجواء مميزة وطقس معتدل على شواطئ مطروح والحرارة العظمى 29 درجة.. فيديو    وفاة عاملان صعقا بالكهرباء داخل مزرعة مواشى بالغربية    لطلاب الثانوية العامة، أفضل مشروبات للتخلص من التوتر    وزير الخارجية: مصر تسعى لدعم دول الجوار الأكثر تضررًا من الأزمة السودانية    ما الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري؟ الإفتاء تُجيب    خبيرة فلك: ولادة قمر جديد يبشر برج السرطان بنجاحات عديدة    مصر وسوريا تشددان على الرفض التام لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين.. الرئيس السيسى يؤكد ل"الأسد" مواصلة الجهود الرامية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة مستدامة    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    ماذا يريد الحوار الوطنى من وزارة الصحة؟...توصيات الحوار الوطنى تضع الخطة    الصحة تطمئن على جودة الخدمات المقدمة بمستشفى عين شمس العام    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    وفاة اللاعب أحمد رفعت إثر تدهور حالته الصحية    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    «استحملت كلام كتير».. رد ناري من جمال علام على خروج إبراهيم عادل من معسكر المنتخب الأولمبي    تسنيم: بزشكيان يتقدم على جليلي في الفرز الأولي لأصوات الانتخابات الرئاسية الإيرانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انطباع كئيب عن اللقاء الأول مع شارون
نشر في التغيير يوم 03 - 07 - 2004


\r\n
انه كتاب وثيقة استثنائية عن حياة رجل استثنائي.شارك بيل كلينتون خلال نوفمبر 1998 بالكثير من النشاطات السياسية، وخاصة في المناطق القريبة من واشنطن في اطار الحملة الانتخابية للكونغرس ودعم المرشحين الديمقراطيين، لكن كما يقول كان لايزال هناك الكثير مما ينبغي عمله وخاصة فيما يتعلق بالشرق الاوسط، هذا لا سيما وأن مادلين اولبرايت ودينيس روس كانا قد عملا خلال عدة شهور من اجل اعادة عربة مسيرة السلام الى الطريق المطلوب.
\r\n
\r\n
وقد نجحت اولبرايت في عقد لقاء بين عرفات ونتانياهو بعد فترة انقطاع طويلة، حيث كانا يحضران اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة. ويرى كلينتون انه «لم يكن اي منهما مستعدا للقيام بخطوة الى الامام او ان يبدو بأنه يعرض نفسه للشبهة من قبل ناخبيه لكنهما كانا قلقين، ذلك ان تدهور الوضع سينتهي من دون شك الى ان تفلت السيطرة عليه من ايديهما خاصة اذا اطلقت حماس هجوما شديدا».
\r\n
\r\n
قام عرفات ونتانياهو بزيارة بيل كلينتون آنذاك في واشنطن فأعلن لهما عن مشروعه ب «دعوتهما للمجيء الى واشنطن مرة اخرى بعد شهر من اجل دفعهما الى توقيع اتفاق بينهما وبانتظار ذلك قامت اولبرايت بزيارتهما في المنطقة. وتم اللقاء على الحدود بين قطاع غزة واسرائيل، ثم وجه عرفات دعوة لتناول طعام الغداء في منزل للاستضافة كان يملكه جاعلاً بذلك من نتانياهو، المعروف بتشدده، اول رئيس وزراء اسرائيلي يدخل إلى قطاع غزة».
\r\n
\r\n
لقد تطلب التحضير للقاء قمة جديد عدة اشهر. وكان الخصمان يريدان من اميركا مساعدتهما في اتخاذ القرارات الصعبة، وكانا يعتقدان ان المظهر الاستعراضي للحدث سيساعد على قبول مواطنيهما بتلك القرارات ولكن شأن جميع القمم كانت هناك امكانية لعدم توصل الاطراف المعنية إلى التفاهم.
\r\n
\r\n
ويحدد كلينتون قوله بهذا الشأن: «كان مسئولو الامن الداخلي الاميركي يخشون فشل تلك القمة وما يمكن ان يترتب على ذلك الفشل من نتائج. كان عرفات ونتانياهو قد اتخذا علنياً مواقف متشددة جداً وكان نتانياهو قد اختار ارييل شارون، ممثل الخط المتشدد في حزب الليكود، كوزير للخارجية والذي كان قد وصف اتفاق السلام الموقع عام 1993 بأنه بمثابة انتحار وطني. وكان من المستحيل معرفة ما اذا كان نتانياهو قد منح تلك الحقيبة الوزارية لشارون من اجل ان يجعل اللوم عليه في حالة فشل القمة، او من اجل ان يضمن تغطية لدى معسكر اليمين في حالة نجاح القمة.
\r\n
\r\n
\r\n
ويؤكد كلينتون انه كان يرى باستمرار في اللقاء فكرة جيدة، وذلك لانه ليس هناك ما يمكن خسرانه، ثم انه كان يعتقد دائماً انه من الافضل دائماً مواجهة خطر الفشل عبر القيام باي عمل مقبول مما هو عدم القيام باي عمل خشية الفشل. وفي 15 نوفمبر 1998 بدأت النقاشات في البيت الأبيض قبل ان تتوجه الوفود إلى مركز اللقاء في واي ريفر بميريلاند. وكان المكان كما يصفه كلينتون مريحاً ومناسباً جداً لمثل تلك القمة، اذ كان يمكن لاعضاء كل وفد ان يقيموا بجانب بعضهم البعض وبعيداً في الوقت نفسه عن الوفود الاخرى.
\r\n
\r\n
في واي ريفر
\r\n
\r\n
استمرت القمة اربعة ايام. وكانت البداية هي الاتفاق على القواعد المعتادة، والمتمثلة في عدم الزام الطرفين بأي اتفاق اولي، طالما انه لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائى. كما تم الاتفاق على ان تقوم الولايات المتحدة بتحرير الوثيقة النهائية. اشار كلينتون للطرفين بانه سوف يكون حاضرا بقدر ما يسمح له وقته بذلك، لكنه اصر على العودة كل مساء بالهليكوبتر إلى البيت الابيض، حيث يقوم في صباح اليوم التالي بتوقيع القوانين التي يجرى سنها، ويتابع المفاوضات مع الكونغرس حول الميزانية.
\r\n
\r\n
ومنذ اليوم الاول اوحى كلينتون لعرفات ونتانياهو بأن يفكرا بما يمكنهما فعله من اجل ان يسهل كل منهما للآخر مهمته مع المعارضة التي يواجهها. لقد فكر بذلك طيلة ايام اربعة لكنهما لم يتوصلا إلى بداية حل، ذلك ان نتانياهو اكد بإنه لا يمكن التفاهم حول جميع النقاط واقترح ما يلي «يمكن لاسرائيل ان تحقق الجلاء عن 13% من الضفة الغربية .
\r\n
\r\n
ويلتزم الفلسطينيون بالمقابل بأن يتعاونوا اكثر على صعيد الامن عبر اتباع برنامج تم وضعه بمساعدة مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية جورج تينيت الذي كان يحظى بثقة الطرفين».
\r\n
\r\n
في مساء اليوم الاول من المفاوضات وجد بيل كلينتون نفسه بمفرده مع ارييل شارون للمرة الاولى. انه يصفه ب «هذا الجنرال السابق البالغ من العمر 73 سنة والذي كان قد شارك في انشاء اسرائيل كما شارك في جميع الحروب التي تلت ذلك. انه لم يكن يحظى بأية شعبية في العالم العربي، وليس فقط بسبب عدائه لسياسة الارض مقابل السلام، وانما بسبب الدور الذي لعبه اثناء اجتياح لبنان عام 1982 والذي شهد مقتل عدد كبير من الفلسطينيين الذين لم يكونوا يمتلكون اي سلاح على يدي الميليشيات اللبنانية المتحالفة مع اسرائيل.».
\r\n
\r\n
وخلال تبادل الحديث الثنائي الذي اكتفى كلينتون خلاله تقريباً بمجرد طرح الاسئلة والاستماع ومنهم من خلال ما قاله شارون بان هذا الاخير «لم يكن لا مبالياً بالوضع السيء الذي كان يواجهه الفلسطينيون واراد تقديم مساعدة اقتصادية لهم، لكنه لم يكن يعتقد ان الجلاء عن الضفة الغربية هو في الصالح الامني لبلاده، ولم يكن يثق بعرفات في مجال مكافحة الارهاب». وكان عرفات هو الشخص الوحيد الذي رفض شارون مصافحته بينما كان الاعضاء الاخرون في الوفد الاسرائيلي قد صافحوه. وخلال هذا اللقاء الذي استمر حتى الثالثة فجراً فهم كلينتون بشكل افضل، كما يقول طريقة تفكير شارون.
\r\n
\r\n
وكان أكثر ما أثار دهشة كلينتون اثناء الحديث مع شارون هو الحاح هذا الاخير على طلب العفو عن جوناثان بولارد العميل السابق الذي كان قد نقل معلومات حساسة لاسرائيل وتم الحكم عليه بالسجن لفترة طويلة من قبل القضاء الاميركي. ويرى كلينتون انه كان واضحا له تماماً مدى أهمية اطلاق سراحه بالنسبة لشارون وقبله لرابين من اجل أغراض تتعلق بالسياسة الداخلية. لا سيما وان الجمهور الاسرائيلي كان يرى بدون شك، بانه لم يكن ينبغي ان يصدر الاميركيون عقوبة قاسية لانه كان قد نقل معلومات حساسة لبلد حليف.
\r\n
\r\n
لقد تابع كلينتون المحادثات مع عرفات ونتانياهو والفريق المرافق لهما وخاصة وزير الدفاع الاسرائيلي اسحق مردخاي والمستشارين الرئيسيين لياسر عرفات، ابو علاء وابو مازن اللذين اصبحا كليهما، فيما بعد رئيسين للحكومة الفلسطينية. وكذلك مع صائب عريقات ومحمد دحلان.
\r\n
\r\n
ويشير كلينتون في هذا السياق الى الدور الاساسي الذي لعبه جمال هلال المترجم بوزارة الخارجية الاميركية، في المفاوضات ويؤكد القول ان اعضاء الوفدين كانوا يتحدثون اللغة الانجليزية، لكن عرفات لم يكن يتحدث عن المسائل المطروحة إلا باللغة العربية. وكان جمال هلال هو الشخص الوحيد الحاضر اثناء محادثاتي مع عرفات. لقد كان يفهم الشرق الأوسط والدور الذي لعبه كل عضو في الوفد الفلسطيني اثناء النقاشات، وكان عرفات يحبه بشكل خاص. وقد اصبح بعد ذلك أحد المستشارين في فريقي.. وفي مناسبات مختلفة كانت علاقاته الشخصية مع عرفات ذات قيمة ثمينة».
\r\n
\r\n
ولقد حث كلينتون نتانياهو على ان يكون كريما مع عرفات وان يتخلى له عن اراضٍ والمطار وممر آمن بين غزة والضفة الغربية ومرفأ في غزة، وهذا كله من اجل ان يمتلك قدراً من القوة يسمح له بالتصدي للارهاب». اما بالنسبة لعرفات فقد طلب منه بالاضافة الى «تكثيف جهوده لصالح استتباب الامن دعوة المجلس الوطني الفلسطيني لاعادة النظر في الميثاق الفلسطيني ويحذف الدعوة الى القضاء على اسرائيل.
\r\n
\r\n
وكان المجلس التنفيذي لمنظمة التحرير الفلسطينية قد حذف تلك الدعوة. لكن عرفات لم يكن يريد دعوة المجلس الوطني الفلسطيني لانه لم يكن واثقاً من قدرته السيطرة على قراراته، كما يرى كلينتون ويعيد ذلك التمايز بين فلسطينيي الشتات وفلسطينيي الداخل لسياسة رئيسهم عرفات القائلة بضرورة القيام بمصالحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
\r\n
\r\n
حضر الملك حسين الذي كان المرض قد أنهكه جانباً من المفاوضات وقد خفف مجرد حضوره من حدة المواقف، وساعد عندما تحدث مع الطرفين لغة الحكمة والتعقل. وبعد أن بدا أن نتانياهو قد ينسحب من المفاوضات لأنه لم يتم التوصل إلى اتفاق حول مسألة الأمن اجتمع الوفدان الفلسطيني والإسرائيلي وحدهما لمدة ساعتين، جرى بعدها عرض خطة كان الوفدان قد توصلا اليها من أجل التصديق على تغيير الميثاق من قبل المجلس الوطني الفلسطيني.
\r\n
\r\n
وقد حدد كلينتون مضمون الخطة بالقول: «كان ينبغي عليّ الذهاب الى غزة من أجل تقديم الاقتراح مع عرفات الذي سيطلب عندها من المجلس الموافقة عليه برفع الايدي أو بالتصفيق أو بضرب القدمين على الأرض». لقد أشار ساندي برجر على الرغم من موافقته على المشروع إلى أن ذلك يتضمن بعض المخاطر بالنسبة لكلينتون الذي يعلق على هذا بالقول: «هذا صحيح، لكنني كنت قد طلبت من الفلسطينيين ومن الإسرائيليين أن يأخذوا مخاطر أكبر، فقررت أن أفعل ما كانوا قد طلبوه مني».
\r\n
\r\n
كانت الأمور لا تزال في الطريق المسدود في اليوم الأخير للمفاوضات. إذ كان عرفات يطلب الإفراج عن ألف معتقل فلسطيني في السجون الإسرائيلية، وكان نتانياهو يصر على القول بأنه لا يستطيع أن يطلق سراح أعضاء حركة حماس أو أي شخص آخر «يداه ملوثتان بالدم» وبالتالي حدد الذين يمكن الإفراج عنهم بخمسمئة سجين. أدرك كلينتون.
\r\n
\r\n
كما يقول إن الأمور قد وصلت إلى نقطة القطيعة فطلب من الملك حسين المجيء للحديث مع الوفدين ويصف وصوله بالمثالي: «عندما دخل إلى الغرفة كانت هالته الملكية ونظرته الصافية وبلاغته العفوية بمثابة أمور زادها انهيار صحته عظمة. لقد قال بصوته العميق والرنان إن التاريخ سوف يحكم علينا جميعاً وبأن الخلافات التي لا تزال قائمة بين الطرفين كانت تافهة بالمقارنة مع الفوائد التي يجلبها السلام، الذي ينبغي توقيعه باسم أبنائهم. لقد كات الدلالة الكامنة غيرالمصرح بها، واضحة أيضاً ومؤداها ما يلي: «ربما لم يبق لي سوى فترة قصيرة من حياتي وأنتم يعود إليكم عدم ترك السلام يموت».
\r\n
\r\n
من أجل بولارد
\r\n
\r\n
استمرت المفاوضات حثيثة حتى ساعة متأخرة من الليل وحوالي الساعة الثالثة فجراً طرح الرئيس كلينتون فكرة لحل مشكلة السجناء، واستمرت النقاشات من أجل الوصول لاتفاق عليها حتى حوالي الساعة السابعة صباحاً، لكن بقيت هناك عقبة إذ هدد نتانياهو بأن يخرب كل ما تم التوصل له، إذا لم يفرج الرئيس كلينتون عن الجاسوس الإسرائيلي بولارد، وأكد القول إن كلينتون نفسه كان قد وعده عشية الليلة الماضية، وكان ذلك هو السبب الذي حثه لتأييد قرارات أخرى. لكن ما قلته في الواقع هو انه إذا كان هذا هو ثمن السلام فإنه يغريني أن أدفعه، لكن يتوجب عليّ الرجوع إلى شعبنا.
\r\n
\r\n
وعلى الرغم من التعاطف الكبير الذي كان بولارد يحظى به في إسرائيل فإن «الأميركيين قد لا يكونون مستعدين للصفح عنه. لقد كان باع أسرارنا مقابل المال، وليس على خلفية أيديولوجية، بالإضافة إلى أنه لم يبد أبداً أي ندم»، كما يقول الرئيس كلينتون مع إشارته إلى أن عدداً من الشخصيات التي طلب رأيها بالموضوع أعلنت عن معارضتها لإطلاق سراح بولارد، بل إن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية، جورج تينيت، قال بانه سيكون مرغما على الاستقالة اذا تم الافراج عن بولارد.
\r\n
\r\n
\r\n
ويؤكد بيل كلينتون: «لم تكن لدي رغبة ان افعل ذلك وتصريح تينيت عزز قراري» وكان تينيت نفسه قد ساعد الطرفين من اجل تسوية بعض التفاصيل وألزم وكالة الاستخبارات المركزية مسئولية تطبيق الاجراءات التي يتم اقرارها .
\r\n
\r\n
وبعد ان يشير كلينتون الى ان استقالة تينيت تعني احتمال انسحاب ياسر عرفات من المفاوضات وانه بحاجة الى تينيت من اجل النضال ضد القاعدة يقول بأنه اتخذ قرار اخبار نتانياهو بأنه سوف يقوم جديا بدراسة حالة بولارد وبأنه سيحاول الوصول الى حلها مع تينيت وفريقه المكلف بالأمن الداخلي ثم ان الوصول الى اتفاق حول الامن مع الفلسطينيين سيقدم خدمات اكبر من الافراج عن بولارد هذا ما حاول كلينتون ان يشرحه لنتانياهو.
\r\n
\r\n
في النهاية قبل نتانياهو بعد نقاش طويل مع كلينتون الوصول الى اتفاق لكن بشرط تعديل قائمة السجناء الذين سيقوم باطلاق سراحهم، بحيث تتضمن عددا اكبر من سجناء الحق العام وعددا اقل من السياسيين، وكان هذا يطرح مشكلة بالنسبة لعرفات الذي كان يريد اطلاق سراح اشخاص كان يعتبرهم بمثابة مقاتلين من اجل السلام.
\r\n
\r\n
ارسل كلينتون كلاً من دنيس روس ومادلين اولبرايت للنقاش مع عرفات في مقر اقامته واستطاعا اقناعه بأن كلينتون لا يستطيع ان يفعل افضل مما فعل، ثم ذهب كلينتون نفسه لشكره اذ ان ذلك التنازل في الدقيقة الاخيرة كان قد انقذ تلك الليلة».
\r\n
\r\n
لقد ضمن الاتفاق للفلسطينيين مزيدا من الارض في الضفة الغربية ومطاراً وميناءً بحريا واطلاق سراح سجناء وممراً امناً بين غزة والضفة الغربية ومساعدة اقتصادية. بالمقابل حصلت اسرائيل على تعاون لا سابق له في مكافحة العنف والرعب واعتقال بعض الفلسطينيين الذين تم تقديمهم كمسئولين عن اعمال عنف وقتل وتعديل الميثاق الفلسطيني هذا على ان تقوم الولايات المتحدة بتقديم مساعدات مالية لاسرائيل وللفلسطينيين.
\r\n
\r\n
وتلعب الدور المركزي في تدعيم التعاون الامني المستجد الذي انخرط الطرفان فيه. وبعد اربعة أيام من النقاشات المستمرة المنهكة توجه الجميع في اليوم التالي الى البيت الابيض للاحتفال بالتوقيع على الاتفاق.
\r\n
\r\n
بعد شهرين من ذلك الاتفاق اتجه بيل كلينتون وزوجته هيلاري الى الشرق الاوسط حيث كانت اسرائيل هي المحطة الاولى ليتم الانتقال منها مباشرة الى قطاع غزة حيث جرى اولا قص الشريط الاحمر ايذانا بتدشين المطار الجديد. ألقى بيل كلينتون بعد ذلك وكما كان متفقا عليه خطابا امام المجلس الوطني الفلسطيني بعد ان كان المندوبون قد وافقوا عبر رفع اغلبيتهم الساحقة الايدي في اللحظة التي سبقت الخطاب على حذف الفقرة الداعية للقضاء اسرائيل في ميثاقهم «لقد كانت تلك لحظة تعطي وحدها لرحلتي كل معناها» حسب تعبير بيل كلينتون، لانه رأى ان ذلك قد يسمح بأن نتصور اخيراً امكانية ان يعيش الفلسطينيون والاسرائيليون على نفس الارض ويتقاسمون نفس المستقبل.
\r\n
\r\n
كانت حكومة نتانياهو قد صادقت على الاتفاق بعد عناء كبير الا ان الائتلاف الذي كان يدعمه بدا مترددا الى درجة انه كان من المستحيل عمليا القيام باعادة نشر القوات او اطلاق سراح السجناء الفلسطينيين، او التقدم في الملف الاكثر تعقيدا والخاص بالوضع القانوني النهائي، لاسيما فيما يتعلق بقيام الدولة الفلسطينية .
\r\n
\r\n
وبان تكون القدس الشرقية هي عاصمة فلسطين، وفي محصلة هذا التوصيف الذي قدمه كلينتون للوضع الذي كان قائما، اي انه لم يبق امام نتانياهو سوى الاختيار بين «تشكيل حكومة وحدة وطنية بالاعتماد على قاعدة شعبية اوسع او العودة من جديد الى صناديق الاقتراع» ويستمر كلينتون بالتأكيد على المنطق نفسه عبر تأكيده بأنه «لم يكن باستطاعة اي انسان معرفة ما اذا كانت المخاطر التي جازف بها ستجلب سلاما دائما لبلاده او انها ستؤدي الى التسريع بنهاية حكومته.
\r\n
\r\n
الازمة الاخرى
\r\n
\r\n
غادر بيل كلينتون الشرق الاوسط وعاد الى واشنطن حيث كان هناك نزاع اخر عليه التدخل فيه وكان يخص الازمة العراقية، اذ قبل ايام فقط كانت فرق التفتيش التي اوفدتها الامم المتحدة الى العراق قد حاولت الدخول الى مقر حزب البعث، ولكن تم منعها من ذلك، وكان رئيس المفتشين ريتشارد باتلر ارسل تقريرا للامين العام للامم المتحدة كوفي عنان يقول فيه ان العراق لم يف بالتزاماته، ورفض التعاون معه، بل انه فرض قيودا جديدة تحد من حرية حركة المفتشين.
\r\n
\r\n
في اليوم التالي لوصول كلينتون الى واشنطن قامت الولايات المتحدة وبريطانيا بسلسلة من العمليات الجوية والصاروخية ضد مواقع يشتبه بأنها كانت تحتوي على امكانيات كيميائية وبيولوجية ونووية وكذلك على منشآت عسكرية يمكن ان تشكل تهديدا لجيران العراق، وقد القى بيل كلينتون آنذاك خطابا وجهه للشعب الاميركي اشار فيه الى ان صدام حسين كان قد استخدم الاسلحة الكيماوية ضد الايرانيين وضد الاكراد في شمال العراق .
\r\n
\r\n
واطلق صواريخ سكود على بلدان اخرى، ثم اكد أنه كان قد أمر بإيقاف هجوم على العراق في آخر لحظة قبل اربعة اسابيع لان صدام حسين قد التزم بالانصياع الى قرارات الامم المتحدة، لكن هذا لم يمنعه من استمرار التهديد عدة مرات للمفتشين الدوليين وبذلك ترك العراق الفرصة الاخيرة تفوته.
\r\n
\r\n
وفي الوقت الذي كان الهجوم الاميركي البريطاني مستمرا قامت اجهزة الاستخبارات الاميركية بإعلام السلطات بأن «كميات كبيرة من الاعتدة الكيميائية والبيولوجية التي كان قد تم احصاؤها في البلاد عند نهاية حرب الخليج 1991 وكذلك رؤوس صواريخ لم يتم العثور عليها كما اكدت تلك الاجهزة الاستخباراتية بأن اعمالا مخبرية اولية ترمي الى امتلاك السلاح النووي هي بصدد القيام بها، واكد الخبراء العسكريون الاميركيون بأن «الاسلحة غير التقليدية» قد تأخذ اهمية اكبر في مشاريع صدام نظرا لتضاؤل قوة القوات النظامية العراقية منذ حرب الخليج.
\r\n
\r\n
وكان هناك اجماع في الرأي داخل فريق الأمن القومي الاميركي صاغه كلينتون بالقول: «كان علينا ان نضرب منذ نشر تقرير ريتشارد باتلر وكل مهلة نتركها لصدام سوف تمنحه امكانية توزيع قواته وتخزين الاعتدة الكيميائية والبيولوجية». ويؤكد كلينتون ايضاً بأن توني بلير كان يوافق على هذا الرأي، هكذا استمرت الهجومات الاميركية، البريطانية اربعة ايام كاملة .
\r\n
\r\n
وتم القيام بستمئة وخمسين طلعة جوية واربعمئة ضربة صاروخية وبحيث كانت كلها موجهة الى اهداف عسكرية او ذات علاقة بالاجهزة الامنية العراقية وبحيث يتم تقليل عدد الضحايا المدنيين الى اقصى حد ممكن. واذا لم تكن هناك اية وسيلة لمعرفة حجم الدمار الذي نتج عن الهجوم بالنسبة للاسلحة الممنوعة، كما يعترف كلينتون، فإنه يؤكد بنفس الوقت بأن «القوات التي كان يمتلك عليها العراق لانتاج ونشر اسلحة خطيرة قد تأثرت كثيراً».
\r\n
\r\n
ويشير كلينتون الى ان الجمهوريين الاميركيين كانوا يتحدثون عن صدام حسين وكأنه يجسد الشر المطلق الا ان العديد منهم اظهروا غضبهم الشديد حيال قرار القيام بالهجوم، الى جانب انتقاد اختيار اللحظة ولمح البعض الى ان القرار الذي كان كلينتون قد اتخذه بذلك الهجوم انما كان يرمي الى تأجيل اقتراع ممثلي الشعب في مجلس الشيوخ على عزله بسبب قضية لوينسكي، «لقد كانوا ينتظرون نتيجة الاقتراع بفارغ الصبر»، كما يقول عنهم كلينتون.
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.