\r\n تلكم خطوة اخرى في ظاهرة اوسع يمكن وصفها بعودة آسيا الى التاريخ. فقد كانت آسيا, خلال الحرب العالمية الثانية, جزءا كبيرا من التاريخ, عندما اخرجت اليابان, بمفردها, كلا من الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وهولندا, من شرق آسيا وجنوبها الشرقي وغرب المحيط الهادي. \r\n \r\n في ذلك, كانت اليابان تعمل على التاريخ لاعادة تشكيل آسا, وكانت الصين في الوقت ذاته, ولسنوات بعدها, ضحية محاولتها التايتانية والكارثية في اعادة تكوين نفسها وادى ذلك الى عواقب هائلة داخلها., اما خارجها, فلم يؤثر الانتصار الماوي والطفرة الكبرى الى الامام والثورة الثقافية, الا على التصور اليساري والمخاوف الفعلية الصحيحة للحرب الباردة. \r\n \r\n واسهمت فيتنام بنصيبها في التاريخ, ليس لان فيتنام ذاتها كانت ذات اهمية, بل بفضل جنون العظمة والارتياب, لدى واشنطن ومجتمع السياسة الامريكي, بشأن ما يمكن ان يتمخض عن ذلك, الا وهو بعض الانفجار العارم المعادي للولايات المتحدة في جميع بلدان العالم الثالث. (وكان على ذلك ان ينتظر عام 2003 وغزو جورج بوش للعراق) وفي الحقيقة, لم تكن فيتنام الا مجرد تمرد وطني من تمردات عديدة, ولكنه ناجح جدا, مثلما تميل التمردات الوطنية الى ان تكون كذلك عموما. \r\n \r\n منذ استسلام اليابان حتى الوقت الحاضر, يمكن القول ان شرق آسيا كان غائبا عن التاريخ, وبصرف النظر عن تصورات واشنطن حول تحول الصين الى دولة عظمى فالحرب العالمية الثانية والحرب الكورية وفيتنام خلفت قوات امريكية منتشرة على طول الحدود المجاورة للاكتظاظ السكاني, من البحار الكورية حتى جنوب الصين. وهناك استقرت وبقيت هذه القوات. \r\n \r\n وقد جرى الترحيب بالقوات الامريكية في كوريا الجنوبية بسبب التهديد المفترض - او على الاصح لما يبدو عدم عقلانية كوريا الشمالية. وفي مواقع اخرى, كان يعتقد في البداية ان تلك القوات كانت ضرورية من جانب واشنطن لحماية تايوان من الصين الشيوعية. لكن ريتشارد نيكسون اقر بان تايوان صينية - هذا على الرغم من عدم السماح للصين بأخذها. وفي نهاية المطاف, ظل سبب بقاء القوات الامريكية في آسيا قصورا ذاتيا. فهذه القوات كانت, وما تزال هناك, لانها موجودة وحسب, ولان الناس الذين يقررون مثل هذه الامور, في المواقع البيروقراطية القديمة, وضمن اطار التقاليد الحصيفة المدبرة, لم تكن لديهم الرغبة للقيام بأي عمل من شأنه ان ينسف وضعا مستقرا بشكل عام. وليس هذا بالوضع الذي يتوقع له ان يستمر الى ما لا نهاية. فمن الناحية النفسية, تظل كوريا الجنوبية دولة محتلة, وهناك رفض شعبي كبير لوجود القوات الامريكية في كوريا الجنوبية, كما ان هناك خوفا كبيرا مما سيحدث لو جلت هذه القوات عنها. \r\n \r\n مع كل ذلك , دخلت احداث طارئة في اماكن ودول اخرى, على الاستقرار القائم. فالولاياتالمتحدة بحاجة ماسة لقوات من اجل العراق. وهي تدير من وراء ستار عملية تجنيد فعلية للعراق من جنود »الحرس القومي« الحاليين منهم والاحتياط. ومتى ما انتهت انتخابات الرئاسة الامريكية, وتلاشت اوهام الادارة بأن الانتخابات في العراق في شهر كانون الثاني (هذا ان جرت) ستحل مشكلة العراق على نحو ما, فان ظهور القوة العسكرية البشرية سيكون امرا لا مفر منه. فحتى بعد تقليص حجم القوات الامريكية الى الثلث عن مستواها الراهن, فالى متى ستبقى الولاياتالمتحدة على قوة من 25.000 جندي مجمدين في كوريا الجنوبية? فهذه القوة يعاد نشرها حاليا فعلا الى الجنوب من سيؤول, وحيث لم تعد قوة ردع اوتوماتيكي لغزو من كوريا الشمالية. \r\n \r\n واوكيناوا قاعدلة ملائمة لقوة استطلاع من رجال البحرية (المارينز) مؤلفة من عدد مشابه من القوات. والقوات الامريكية فيها, تماما مثلما هي في كوريا الجنوبية, يمكن تدويرها الى العراق. غير ان وجود المارينز مكروه شعبيا. \r\n \r\n ويؤكد التمويل الصيني والياباني والكوري الجنوبي للعجز المالي الامريكي على التغيير الحاصل في علاقة واشنطن بالدول الكبرى الرئيسة في المنطقة, ومشددا على ازدياد الانكشاف الامريكي في جوانب متعددة, وعلى تنامي اعتماد الولاياتالمتحدة على الآسيويين. وتثبت القوة العسكرية الامريكية, التي تبدو هائلة, انها والى حد كبير, لا علاقة لها بالقضايا الحقيقية المتعلقة بما يسمى الحرب على الارهاب. وهذا ينسف ايضا الموقع الامريكي في آسيا (كما هو الحال في اوروبا). وبفضل »القاعدة« عادت آسيا الاسلامية لتدخل التاريخ بأسلوب عظيم من ايلول ,2001 وذهول الامريكيين, اما آثار ذلك, فيتلمسها شرق آسيا وما هذا الا البداية. \r\n \r\n ان نصف قرن من الهيكل التنظيمي للاستقرار في شرق آسيا آخذ في الوهن. وهذا ينطوي على خطر على اية حال. لكنه خطر على نحو خاص, اليوم, لانه لا حكومة كوريا الجنوبية ولا حكومة اليابان تبدو مستعدة لتلبية المطالب التي تستدعيها الازمة الامريكية عليها. وقد يثبت اندماجها الجديد مع التاريخ - اي تاريخ القرن الحادي والعشرين -انه اندماج قاس وصعب.0 \r\n \r\n عن صحيفة »انترناشيونال هيرالد تريبيون«