ولكن القليل من الفلسطينيين على الارجح سيتبنون الاخذ باحتجاجات سلمية كطريق للحصول على الدولة‚ ليس هذا لأن الفلسطينيين ميالون للانتقام من الاسرائيليين بل لأن نبذ العنف لن يوفر لهم استراتيجية فعالة يمكن الاعتماد عليها في مسيرة قادها غاندي يوم الجمعة الماضي في القدس الشرقية‚ شارك آلاف الفلسطينيين فيها بمن فيهم ابو علاء قريع رئيس الوزراء وعدد من نشطاء السلام الاسرائيليين‚ وقد اتجهت تلك المسيرة الى الجدار العازل الذي تقوم اسرائيل ببنائه عبر الضفة الغربية‚ وقد نظمت تلك المسيرة تحت شعار «لا للعنف ونعم للسلام» من اجل تقوية طريق الفلسطينيين في المقاومة السلمية للاحتلال الاسرائيلي‚ \r\n \r\n وتأمل منظمو المسيرة ان وجود غندي في المنطقة يمكن ان يقنع العالم بأن الاعمال التي يقوم بها الاحتلال الاسرائيلي في الاراضي المحتلة هي شكل من العنف الذي يمارس ضد الشعب الفلسطيني وهو شيء لن يجعل الحل اقرب وان الرأي العام الاسرائيلي مخطىء في الاعتقاد بأنه لا يوجد هناك شريك فلسطيني في عملية السلام‚ \r\n \r\n بعد اربع سنوات من الانتفاضة فانه يوجد بالتأكيد من الفلسطينيين من هو مستعد للاستماع الى فلسفة غاندي في التمرد الذي لا يتسم بالعنف واتخاذه كطريق افضل من الطرق الاخرى التي قد تتسم بالعنف وهناك عدد من المراقبين الذين يعتقدون بأن تراجع الهجمات الفلسطينية هو اشارة على ان الفلسطينيين قد توصلوا تقريبا الى نفس النتيجة ولكن الملفت للنظر ان معظم سنوات الاحتلال الممتدة على مدار 37 عاما كان الفلسطينيون فيها غير مبالين للعنف في الضفة الغربية وقطاع غزة وهذا لم يحقق لهم ايضا الشيء الكثير او حتى الشيء القليل‚ فاسرائيل سعت باستمرار لتقوية وتعزيز احتلالها للفلسطينيين واستولت على اراضيهم واقامت عليها مستوطنات نقلت للاقامة فيها مئات الآلاف من المستوطنين بصورة غير شرعية في حركة استيطان واسعة النطاق اتفق عليها العالم على انها غير شرعية وغير قانونية‚ \r\n \r\n وحتى عندما اخذ الفلسطينيون بالعنف في الانتفاضة الاولى فانها كانت عبر الاخذ بحجر داود وليس باستعراض عضلات جالوت‚ \r\n \r\n الحقيقة المحزنة التي تعلمها الفلسطينيون خلال الاربع سنوات الماضية في الانتفاضة الثانية انه لا علاقة بين العنف الذي يوقعونه على الاسرائيليين والمعاناة التي يلاقونها على يد القوات الاسرائيلية‚ فبالرغم من تراجع الهجمات الفلسطينية على الاسرائيليين الا ان عمليات القتل التي يمارسها الجيش الاسرائيلي لم تتوقف وتحدث يوميا‚ \r\n \r\n الفلسطينيون تأكدوا الآن ان العنف هو افضل طريقة لاسماع صوتهم للعالم‚ فعمليات تفجير باصات الركاب هو عمل لا اخلاقي ولكنه خبر يحتل صدر صفحات الجرائد ونشرات الاخبار مذكرا العالم بأن هناك صراعا مستعرا في الشرق الاوسط‚ فعندما يكون الفلسطينيون الضحية فلا يسمع بهم احد‚ \r\n \r\n وعلى العكس لو اخذ الفلسطينيون بطريق نبذ العنف كخيار استراتيجي سلمي لهم فان وسائل الاعلام الدولية لن تلقي بالا لمعاناتهم وآهاتهم وأناتهم‚ \r\n \r\n هناك اضراب حالي يقوم به السجناء الفلسطينيون في السجون الاسرائيلية احتجاجا على العنف الذي يمارس ضدهم حتى وهم محرومون من حريتهم وتمارس بحقهم خروقات فاضحة لحقوقهم كبشر‚ هذا الاضراب فشل في ايقاظ ضمير العالم للتضامن معهم باستثناء نقله كخبر عندما قررت السلطات الاسرائيلية شوي الكباب خارج الزنزانات‚ \r\n \r\n نفس الشيء يمكن ان يقال عن الاحتجاجات التي لا تتسم بالعنف التي ينظمها الفلسطينيون حيث ان رادار الاخبار الغربية لا يلتقطها ولا تظهر على شاشته‚ \r\n \r\n وبمجرد ان تنتهي اسرائيل من اقامة الجدار الفاصل فان جميع الطرق المؤدية للمقاومة السلمية للاحتلال ستغلق بالكامل والى الابد‚ \r\n \r\n فالجيران والاسر الواحدة سيقطعون عن بعضهم البعض في كانتونات منعزلة لا تسمح لهم بتنظيم احتجاجات تطالب بادخال تغيير مهما صغر على حياتهم‚ \r\n \r\n الحقيقة التي لا يريد احد ان يسمعها هي ان الفلسطينيين هم من لا يجدون شريكا لهم في السلام في اسرائيل وليس العكس‚ فاليسار الاسرائيلي نفسه قد اغلق عينه واخلد للراحة ويغط الآن في سبات عميق اشبه ما يكون بسبات شتوي طويل‚ فبعيدا عن حفنة من الجماعات الراديكالية الاسرائيلية فان الاسرائيليين قد رفضوا شرعية كل انواع المقاومة الفلسطينية سواء أكانت سلمية ام لا‚ فخيام التضامن مع السجناء ومسيرات غاندي لم تنجح في جذب اي اعضاء من حركة السلام الآن اليها‚ \r\n \r\n في جنوب افريقيا نجحت الاحتجاجات التي لا تتسم بالعنف في هزيمة نظام الفصل العنصري لأن اعدادا متزايدة من البيض انضمت الى السود الملونين في التحدث ضد النظام واقفة في المقدمة غير عابثة بالمخاطر بما فيها الموت‚ \r\n \r\n والاسرائيليون أبعد ما يكونون عن مثل هذه المواقف حتى بعد مضي 37 عاما على الاحتلال المستمر للشعب الفلسطيني وللارض الفلسطينية‚ \r\n \r\n خلال المسيرة التي نظمت في شرق القدس ابلغ غاندي من خرج معه ان المنطقة بحاجة الى المزيد من المحبة والفهم‚ ولكن المطلوب حاليا وبصورة عاجلة المزيد من الغضب والشجاعة من الاسرائيليين الذين يرون مساوىء الاحتلال ولا يفعلون شيئا سوى هز الاكتاف دلالة على عدم الاكتراث‚ \r\n