بقلم: حسين عبد الواحد [email protected] بشهادة الجميع، جرب الفلسطينيون ومارسوا كل اشكال الكفاح ضد الاحتلال الإسرائيلي ورغم ذلك كانوا دائماً يجدون انفسهم يعودون للمربع رقم واحد ! نعم .. لجأ الفلسطينيون الي النضال الدبلوماسي من خلال المنظمات الدولية مثل الأممالمتحدة ولكنهم لم يحصلوا علي اكثر من قرارات وأوراق لا تساوي حتي قيمة الحبر الذي كتبت به. وانتقلوا الي الكفاح المسلح والعمليات الاستشهادية.. وكانت النتيجة ايضاً هي قبض الريح.واستخدم الشعب الفلسطيني المقهور الحجارة في انتفاضته الشهيرة التي حققت له انتصاراً معنويا علي الة القمع الإسرائيلية ولكن نتائجها علي ارض الواقع كانت مأساوية.ولم يعد امام الفلسطينيين سوي ما يسمي بالحل السلمي من خلال مفاوضات مباشرة مع عدوهم فغيروا دستورهم ليعترفوا بدولة اسرائيل واعلنوا التخلي عن اخر ورقة في ايديهم وهي الكفاح المسلح. رغم ذلك استمرت إسرائيل في ابتلاع اراضيهم بمشاريع الاستيطان حتي اوشك التفاوض ان يصبح مسألة عبثية لانه لم يعد يوجد تقريبا ما يمكن التفاوض عليه. ومع فشل النضال المسلح والكفاح السياسي وعدم فاعلية الانتفاضة والعجز العربي وسلبية المجتمع الدولي واستمرار الانحياز الامريكي لاسرائيل، اصبح السؤال الصعب هو .. ماذا يفعل الفلسطينيون؟ الإجابة جاءت مؤخراً من خلال مفهوم جديد للمقاومة بدأت معالمه تتضح في الضفة الغربية واطلق عليه البعض اسم »الانتفاضة البيضاء«. اهم هذه الملامح هي العصيان المدني والمسيرات السلمية ضد الإحتلال وخلال هذه المسيرات يتم إحراق البضائع التي يتم انتاجها في المستوطنات الإسرائيلية بهدف دعوة الفلسطينيين لمقاطعتها والامتناع عن العمل في المصانع والمستوطنات الإسرائيلية. وقد دخل رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض قبل ايام الي مناطق في الضفة الغربية لا تخضع حالياً للسلطة الفلسطينية وقام بزرع عدة اشجار وهو يؤكد علي ان هذه هي ارض الدولة الفلسطينية القادمة. ويقول حسن ابو لبدة وزير الاقتصاد الفلسطيني ان الفكرة ببساطة هي ان يشعر الفلسطينيون بانهم حملة الأسهم في مشروع او عملية بناء دولتهم. هذه العملية مازالت في بدايتها إلا ان هناك اتفاقاً علي انها ستشكل ضغطاً كبيراً علي إسرائيل رغم انها تحتاج لوقت طويل حتي تثبت فاعليتها. وتسعي السلطة الوطنية لدعم مشروعات التعليم والصرف الصحي والطاقة في القري الفلسطينية لتأكيد حقيقة الدولة المستقلة. وتجاوبت بعض الدول مع هذه التوجهات الفلسطينية واعلن الرئيس الفرنسي ساركوزي مشاركة بلاده بعشرة ملايين يورو لاقامة منطقة صناعية في رام الله . ويقول رئيس الوزراء الفلسطيني فياض ان مفهوم الصمود تغير الآن من الشعارات الي الأفعال والحقائق علي الأرض. ويستلهم الفلسطينيون في هذا المشروع تجارب شعوب عديدة في العصيان المدني والمقاومة السلمية بدليل مشاركة حفيد الزعيم الهندي الراحل غاندي في مسيرة احتجاج ضد الاحتلال بقرية بيلين وخلال ايام تشهد الضفة الغربية مؤتمراً حول الكفاح السلمي يشارك فيه حفيد مارتن لوثر كنج زعيم حركة الحقوق المدنية الأمريكية. ومهما كانت نتائج هذا الإسلوب الجديد للكفاح الفلسطيني فإن هناك نتيجة اساسية تحققت بالفعل وهي التأكيد علي ان هذا الشعب مازال حياً وان قضيته لا يمكن ان يموت.