\r\n وانما هو امر يمثل مصدراً للقلق لكل من يشترك معهم في حق نيل محاكمة عادلة في حال تعرضه لاتهام ما.غير ان هناك حاجة لصدور رد فعل اوسع من جانب الحكومة البريطانية تجاه الانتهاكات المتواصلة التي يمارسها بوش وادارته في حق الاعراف والقوانين الدولية. فإضغاء الطابع العسكري على محاكمة معتقلي غوانتانامو هو امر يعد في مجمله امتداداً منطقياً لاحتجازهم طوال عامين داخل معتقل عسكري، من دون وجود اي عملية قانونية تحكم وجودهم هناك. \r\n \r\n ومن غير المنطق ان يتم الاحتجاج بالقول ان بعض الاجراءات الخاصة بمحاكمة هؤلاء غير مقبولة، وذلك من دون ان ندين ذلك الشعور بالازدراء الذي ابدته ادارة بوش تجاه التزماتها بموجب القانون الدولي. \r\n \r\n ان ما تصرب من وثائق قانونية من داخل البنتاغون والبيت الابيض يرسم صورة تنذر بالخطر لادارة تعتقد انها غير ملتزمة فعلا بالمواثيق الدولية التي تحرم انتهاك حقوق المعتقلين. ويخلص طاقم المحامين الخاص بالبنتاغون الى نصيحة قانونية عبروا عنها بالقول ان: «القوانين الجنائية لا تقرأ على انها تناقض سلطة الرئيس العليا» وبالتالي فإن الرئيس الاميركي لديه «السلطة الدستورية التي تخول له اجازة استخدام التعذيب.. \r\n \r\n وليس من المفاجأة في شيء ان يتم تصنيف تلك الوثيقة من قبل مكتب رامسفيلد على انها «غير مسموح بقراءتها من قبل الاجانب»، وذلك لانه من غير المحتمل ان يكون قد ولد اي محام اجنبي حتى الآن يمكنه ان يخلص الى النتيجة نفسها التي خلص اليها المحامون التابعون للبنتاغون. ماذا اذن يمكن ان يكون رد فعل بقية بلدان العالم التي تتفاوض بشأن مواثيق ومعاهدات دولية مع الولاياتالمتحدة اذا احتفظ «رئيسهم» بسلطة تعليق تطبيق تلك المواثيق؟ وعلى الوجه الآخر ماذا سيكون عليه رأي المحامين في البنتاغون في حال تمسكت قيادات روسيا او الصين بالسلطة نفسها وقررت تعليق اتفاقياتها مع واشنطن؟ \r\n \r\n هناك امكانيتان يبدو انهما قد دفعتا ادارة بوش لتبني ذلك المذهب الغريب الخاص بالتنفيذ الانتقائي للقانون الدولي. الامكانية الاولى هي ان الايمان بأن اميركا لها وضع استثنائي يمثل جوهر الايديولوجيا التي يتبناها المحافظون الجدد الذين يسيطرون على تلك الادارة. \r\n \r\n وهنا يجب ملاحظة ان السلطة الكامنة الممنوحة للرئيس الاميركي لتعليق التزامات اميركا الدولية منصوص عليها في توصيفه الوظيفي في الدستور الاميركي. وتحتل تلك السلطة مكانة جوهرية في اعتقاد المحافظين الجدد الخاص بالتفوق الاميركي، وهو الاعتقاد الذي يجعلهم يرون ان تمتع الدستور الاميركي بسيادة وهمية اولوية قانونية على معاهدة جنيف هو امر طبيعي. \r\n \r\n ان هذا الاعتقاد لا يفضح ازدراء للرأي العام الدولي من قبل اميركا فحسب، وإنما يمثل تجاهلاً لتقاليد اميركا الطويلة المجيدة الخاصة بسعيها الى تكريس الاتفاقيات على اساس المعايير الدولية التي تحكم معاملة البشر. وليس من قبيل المفاجأة ان تحتوي احدى الوثائق التي شربت من البنتاغون والبيت الابيض على احتجاج غاضب من قبل كولن باول يقول فيه ان منح الادارة نفسها الحق في خرق المواثيق الدولية يعني تبني اسلوب «يخالف السياسة الاميركية على امتداد قرن من الزمن» على حد تعبيره. \r\n \r\n المبرر الثاني لهذا التوجه الاميركي المتمثل في عدم الالتزام بالمعايير والمواثيق الدولية هو ان الدولة منخرطة في «حرب على الارهاب» ان عبارة «حرب على الارهاب» تلك يمكن استغلالها بشكل مجازي لتجميع الطاقات اللازمة لهزيمة الارهاب. وللأسف فإن كثيرين من ادارة بوش قد تعاملوا مع تلك العبارة بشكل حرفي مفرط، وتصوروا انهم أبطال حرب حقيقية. \r\n \r\n وتمثلت احدى العواقب الوخيمة لهذا الاعتقاد في انهم خدعوا انفسهم بتصور ان النشر غير المتجانس والعشوائي للقوة العسكرية هو امر سوف يلحق الهزيمة بالارهابيين اكثر منه امر يمكن ان يمنحهم مزيدا من التأييد، فضلا عن ذلك، فإنهم يعتقدون انهم يمكنهم تعليق تنفيذ اجراءات اوقات السلم عن طريق فرض سلطات الحرب التي يتمتع بها الرئيس بصفته القائد الاعلى للقوات المسلحة. \r\n \r\n وبشكل لا يثير اي مفاجأة ينتج عن هذا المنطق الذي فرض من اجل الوصول الى خلاصة مفادها ان الولاياتالمتحدة غير ملتزمة بقوانين تتوقع هي نفسها ان يلتزم بها الاخرون هذا المنطق نتج عنه تناقضات فادحة، ولهذا فإن حقيقة ان الدولة في حالة حرب يتم استخدامها لتبرير سلطة الرئيس الخاصة بالموافقة عليه واجازة اللجوء الى معاملة المعتقلين بشكل غير لائق، ولكن بشكل يثير التناقض تأتي حقيقة ان هؤلاء المعتقلين انفسهم لا يتم تصنيفهم كسجناء حرب لتستخدم لحرمان هؤلاء المعتقلين من الحماية التي تنص عليها اتفاقيات جنيف. \r\n \r\n مؤخرا، ادعت البنتاغون ان الوثائق التي صدرت عنها تدل على ان الادارة لم تسمح ولم تجز عمليات التعذيب غير ان فحصا دقيقا للأمور يكشف ان هذا الادعاء يعد صحيحا فقط في حال اتفاق المرء معهم من تعريفهم لمفهوم التعذيب، فالوثائق اكدت ان الادارة وافقت على اساليب اساءة معاملة الاسباني توماس دي توركيمادا وهو الوحيد الذي يمكنه اعتبارها مخففة، في حين ان اي شخص له ادراك سليم سيعتبرها وحشية وغير انسانية، وتضمنت اساليب التعذيب التي تمت الموافقة عليها تغطية رأس المعتقل وتعريته وترهيبه باستخدام الكلاب واجباره على المكوث في اوضاع تتسبب له في توتر ذهني وبدني. \r\n \r\n وجاءت تلك الاساليب نفسها لتظهر في عالم رامسفيلد الجديد الممتد من غوانتانامو الى ابو غريب الى كابول، وببساطة لا يمكن اعتبار ان مثل تلك الممارسات المتشابهة يمكن ان تظهر في اماكن مختلفة من العالم من دون ان تكون هناك موافقة مركزية عليها من طرف واحد. \r\n \r\n لقد قدمت البريجادير جنرال كاربينسكي قائد سجن ابو غريب، تفسيرا بارع الايجاز لما يحدث تجاه المعتقلين، وذلك في حديثها مع الجنرال ميلر، قائد معتقل غوانتانامو، قالت كاربينسكي: انهم مثل الكلاب اذا سمحت لهم بالاعتقاد بأنهم اكثر من كلاب، فإنك ستفقد السيطرة. كما جاءت بتفسير مستبعد كل الاستبعاد لأصل البوم الصور التي التقطت لمعتقلي ابو غريب، لقد بدا الامر كأنه اجراء عادي تلجأ اليه الاستخبارات العسكرية لتصوير الاوضاع المهينة التي يرغم عليها المعتقلون من اجل ابتزازهم . \r\n \r\n وارغامهم على التعاون خشية افتضاح امرهم لدى اسرهم، وبشكل يثير المفاجأة والانتعاش بالفعل لم يبد ان هناك احدا قد ادرك ان تلك الصور التي تصدم النساء والامهات في بغداد سيكون لها التأثير نفسه على النساء في كل ارجاء الغرب اذا ظهرت يوما بشكل علني. \r\n \r\n ان «القاعدة» منظمة شريرة لها ايديولوجية سامة تقوم على البغض والكره ولكننا قمنا من قبل بمحاربة ايديولوجيات شريرة من دون ان نخرق التزامنا بالعدل والادب والاخلاق. \r\n \r\n هل جرائم اسامة بن لادن، على الرغم من بشاعتها، هي اكثر سوءاً من جرائم هتلر، الا اننا على الرغم من ذلك، قمنا طوال الحرب العالمية الثانية بمعاملة المعتقلين والمواطنين بشكل انساني، نحن لا يجب علينا ان نقوم بالعمل نفسه الذي يقوم به الارهابيون عن طريق تدمير قيمنا الانسانية. \r\n \r\n ولهذا فإن السير بيتر غولد سميث على حق في اصراره على ان يمثل سجناء غوانتانامو امام محاكمة عادلة، غير ان الصورة الاكبر المتمثلة في قيام ادارة بوش بانتهاك منهجي للمعايير الدولية تحتاج لان يرد عليها زملاؤه الاخرون في الحكومة. خلال الشهر الماضي، افردت مجلة «اتلانتك فوشلي» افتتاحية تأسف فيها لقيام بريطانيا بخذلان الاميركيين بقيامها بدعم اجندة بوش في الوقت الذي كان فيه الاميركيون بحاجة الى صديق صريح وشجاع بالقدر الذي يسمح له بأن يقول للطرف الاقوى انه على خطأ عندما يجانبه الصواب. \r\n \r\n ويمكن لتوني بلير ان يبرهن على انه استفاد من تلك النصيحة عن طريق تحذير جورج بوش من ان اقدامه على تقويض القانون الدولي يعني انه يقوض المكانة الدولية لكل من اميركا واقرب حلفائها مثل بريطانيا. \r\n \r\n \r\n وزير الخارجية البريطاني السابق \r\n \r\n \r\n