ها هي الأقوام التي تشكل الشعب العراقي تدفع، بمرارة وألم مبرح، أثمان أخطاء الإمبراطورية البريطانية بحقها مجتمعة. لذا يتبلور السؤال الأكثر أهمية اللحظة، وهو: هل يبقى العراق قائماً متماسكاً، وهو سؤال مؤرق ليس لهذه الأقوام من عرب وكرد وأقليات إثنية ودينية أخرى، ولكن كذلك لكامل الإقليم الذي تعصف به الحروب الأهلية والخصومات والضغائن؟ إن مراجعة تاريخ هذه الدولة التي اصطنعتها الإمبراطورية البريطانية من دمج ثلاث ولايات عثمانية (الموصل، بغداد، البصرة) منذ تأسيسها في 1921 تؤكد ما نذهب إليه من حال محيرة، أي منذ حكم الملك فيصل الأول حتى حكم الجماعات غير المتجانسة التي تقود العراق اليوم. لذا تمكن دراسة هذا التاريخ المعاصر القصير نسبياً بوصفه محاولات حكومات بغداد التغلب على الألغام التي أخفتها بريطانيا هنا وهناك مذاك في سبيل تشكيل دولة معتلة تخدم مصالحها وليس مصالح العراقيين أو مصالح الأمم المكونة لإقليم الشرق الأوسط. لست أدعي أن الأمل ببقاء العراق كدولة، لم يكن ممكناً، إلا أن الملك فيصل الأول قد أفصح في كتاباته الخاصة عن شعوره بالحيرة والخيبة حيال شعب بهذه الدرجة من التنوع والتناقض إثنياً ودينياً وطائفياً. أما معضلات كينونة العراق الجغرافية السياسية، فلم تعد بعيدة المنال لكل قاص ودان، منذ الملك غازي حتى نهاية صدام حسين، مروراً بالمرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم الذي كان يداعبه حلم عراق عصري يقف بمصاف دول العالم المتقدمة. بيد أن هؤلاء الحكام جميعاً، بغض النظر عن مثالبهم وأخطائهم، كانوا يصطدمون بالمطبات التي وضعتها بريطانيا على طريق بناء هذه الدولة وتطورها. توفي فيصل الأول قلقاً على مصير "دولته"، وقتل غازي بسبب تطلعاته خارج الحدود، بينما أعدم قاسم لنفس السبب، زد على ذلك مصير صدام حسين المعروف.جميع هؤلاء القادة جربوا حظهم في الإجابة على لغز هذا البلد الجميل والغني الكامن على احتمالات وقدرات قد تفوق ما تمتلكه ولاية كاليفورنيا، كما قال أحد الساسة الأميركيين في خمسينيات القرن الماضي. وهكذا قضى هؤلاء نحبهم بين سندان العراق المفكك وبين مطرقة القوى الأجنبية والمصالح الخارجية التي لا تمل الضرب على حديده. لقراءة هذا المقال كاملا اضعط هنا