الاستقرار السياسي وإنقاذ الاقتصاد هدفان أعلت بهما حكومة حازم الببلاوي سقف توقعات الشعب المصري من أدائها المتوقع عبر الستة أشهر المقررة لها وفق الإعلان الدستوري الصادر عن الرئيس المكلف في 8 يوليو 2013، إلا أنه يبدو من خلال تطورات المشهد السياسي أن تحقيق هذين الهدفين خلال الفترة الانتقالية برمتها أمر صعب. تقول ماجدة إبراهيم الباحثة في الشؤون الاقتصادية إن د.حازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء المعين ظهر في أول حوار تليفزيوني له بتاريخ 20 يوليو 2013 ليؤكد أن حكومته هي حكومة انتقالية وليست حكومة تسيير أعمال، مشيرا إلى أنها حكومة وقتيه ولكنها ستقدم استراتيجية المرحلة الراهنة والمقبلة وستمهد الأسس للحكومات المقبلة، لكنه في ذات الوقت عاد وأشار عبر حواره أن اختياره لوزراء حكومته الذي سبق وأكد أنه وفق معيار الكفاءة لا الانتماء السياسي الأمر الذي قوبل بالنقد والاعتراضات على تشكيل حكومته وعلى كثير من الوزراء بها من جهات عدة راعى فيه ألا يتسبب في الإضرار بمستقبل مهني لبعض الأشخاص الذين وجدهم أكفاء لحمل حقائب وزارية مما دفعه للتراجع عن تكليفهم لأنها حكومة مؤقتة لن تستطيع تحقيق إنجاز يذكر. أضافت الباحثة أن الببلاوي أكد خلال حواره للتليفزيون المصري أن حكومته لا تمتلك رؤية حتى الآن وأن وضع الرؤية سيتم بالتشاور مع الوزراء المكلفين خلال الاجتماع الأول لمجلس الوزراء الذي يرأسه هو. وعلى غير ما ذكر الببلاوي، فالحكومة لم تعلن رؤيتها وجدولها الزمني بعد أول اجتماع لمجلس الوزراء، بل ظل وضع عدم مصارحة الشعب بها حتى هذه اللحظة، مما حدى ببعض القوى السياسية أن تعبر عن قلقها إزاء ذلك مثل تنسيقية 30 يونيو حيث صرحت أميرة العادلي عضو التنسيقية بأن الحكومة الجديدة برئاسة الببلاوي يجب أن تعلن عن برنامجها الاقتصادي في أسرع وقت والبدء في تنفيذه، ودعت العادلي حكومة الببلاوي إلى تركيز خطتها على علاج ملفات الأمن والاقتصاد والسياحة وتنفيذ خارطة الطريق خاصة وأنها حكومة انتقالية. وقد انتقد عدد من الخبراء والسياسيين ومسئولي الأحزاب مثل أحمد فوزي الأمين العام للحزب المصري الديمقراطي وعبد الله المغازي المتحدث باسم حزب الوفد وياسر حسان عضو الهيئة العليا بحزب الوفد ورئيس لجنة الإعلام بالحزب عدم إعلان حكومة الببلاوي لخطة عملها خلال المرحلة الانتقالية، مؤكدين أن الحكومة لم تقدم أي حلول لعلاج كثير من الملفات المهمة كالأمن والاقتصاد وباقي المشاكل التي يعاني منها المصريون. في حين أكد المستشار السياسي للرئيس المكلف د.مصطفى حجازي نحن في مرحلة تأسيس وليست مرحلة انتقالية، فالحديث عن "انتقال" يعني القبول بتغيير الوجوه ما بين سياسي وآخر، أو تيار وآخر، دون تغيير في قلب السياسات، أو قاعدة الحركة في المجتمع، وهنا الخطأ الذي حدث بعد ثورة 25 يناير، فنحن واعون به هذه المرة. ويقول حجازي يقتضي التأسيس أن تكون المؤسسة هي المحور الأساسي في العمل أي أنه لا توجد أعمال عرفية ونحن نتحدث أيضا عن قاعدة لوضع الأطر الصحيحة في حين أن البناء يأخذ وقته لاحقا، وكل ما نقوم به اليوم هو وضع هذه القاعدة الصحيحة. هذه القاعدة في تصور المستشار السياسي للرئيس المكلف هي وجود أربعة محاور خاصة بهذه المرحلة، الأول أن يوجد إطار استراتيجي للحركة الإصلاحية في مصر، أي تحديد لماذا نقوم بهذا الأمر، وليس الاكتفاء بكيف نقوم به، والمحور الثاني هو وجود حكومة كفاءة قادرة على إدارة الأزمة، فنحن نمر بأزمات اقتصادية وأمنية، والمجتمع مأزوم، ويلزم أن يوجد لدينا مفوضية أزمة، وهي تساوي الحكومة، أما المحور الثالث فهو ما يسمى بتمكين قوى المجتمع التي استطاعت أن تشكل كفاءة للاحتجاج، وتزيح ما لاتريد، فالوقت حان لأن تتحرك من هذه المساحة، إلى إدارة الواقع بالطريقة التي تناسبها، وأن تتحرك من مجرد ثقافة الاحتجاج إلى ثقافة البناء، ويبقى المحور الرابع وهو إيجاد قاعدة مصرية ثابتة للتعايش والسلم المجتمعي أساسها كيف يحيا المجتمع حياة دائمة السلم وغير قابلة لتهديد هذا السلم ويأتي من خلالها العدالة والمصالحة الانتقالية. كما أضاف حجازي قائلا :"نحن نمر بلحظة استثنائية بمعنى أنني أسمي هذه الحكومة مفوضية أزمة، وبشكل أدق مفوضية إغاثة، لأنها تقوم بعملية إنقاذ ولا أنظر إلى لون الوزير السياسي وإنما لكفاءته. وإذا ما نظرا إجمالا إلى الوضع في مصر اقتصاديا وأمنيا فلن نجد إنجاز أي شيء فلا السياحة عادت كما كانت قبل 30 يونيو ولا تم وضع حد أدنى للأجور بل على العكس يوميا نسمع عن إضرابات عمالية في المحلة والسويس وغيرهما لتأخر صرف مستحقات مالية ، وأمنيا لم يتم تحقيق أي جديد فالوضع في سيناء أشبه بالحرب مع الهواء فلا أنت ترى العدو رأي العين ولا أنت سالم من ضرباته، وفي القاهرة وباقي المحافظات يوميا تخرج المسيرات والمظاهرات المعارضة للانقلاب العسكري ولم يسفر التعامل الأمني معهم عن أي تقدم إنما فاقم الأمر وزاده تأزما.