أوشك الحصار الصهيوني للبنان على الانتهاء وقد استعدت بيروت لهذه الخطوة بطلبها من الأممالمتحدة السماح برقابة دولية للسواحل اللبنانية. وتوجهت اليوم دفعة جديدة من القوات الفرنسية إلى لبنان بينما أعلن الكيان الصهيوني أنه يحتفظ لنفسه بحق منع ما أسمته بتهريب الأسلحة لحزب الله. ومن المتوقع أن تقوم السفن الألمانية بهذه المهمة حيث تعهدت برلين بالمساعدة في مهام المراقبة، وتنفيذ مهام الإمداد والتموين لقوات الأممالمتحدة المعززة (اليونيفيل). وتوقع مسؤولون من الأممالمتحدة أن تقود السفن الألمانية قوة بحرية تضم سفنا من فرنسا وإيطاليا واليونان وبريطانيا لتوسيع عمليات المراقبة. وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتينماير إن خبراء حدود وجمارك ألمانيين سيساعدون في تأمين مطار بيروت اعتبارا من اليوم. وفي إشارة إلى قرب انتهاء الحصار أعلنت عدة شركات طيران عربية ودولية أنها ستستأنف الرحلات المباشرة إلى بيروت. ومن ميناء تولون بفرنسا أبحرت سفن تحمل 13 دبابة من نوع لوكليرك من الكتيبة الفرنسية الأولى لتعزيز القوات الأممية. وستوضع هذه الآليات المدرعة تحت قيادة العقيد أوليفييه دو سفينس قائد الفوج المنتشر في تشاد. وأكد سفينس أن قواته ستكون جاهزة اعتبارا من منتصف الشهر الجاري للانتشار في جنوب لبنان. وتشمل الكتيبة أيضا سريتين مدرعتين للفوج المنتشر في تشاد، وستزود هذه القوة الفرنسية بوسائل الدفاع الجوي. كما تغادر إسبانيا في وقت لاحق أول وحدة من مشاة البحرية تضم 450 جنديا إسبانيا في طريقها إلى لبنان . وذكر بيان صادر عن المكتب أن وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس والأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان قد أبلغا رئيس وزراء الكيان الصهيوني إيهود أولمرت بأن القوات الدولية مستعدة لتولِّي السيطرة على الموانئ والمطارات في لبنان، وكانت فرنسا وألمانيا قد أعلنتا أنهما مستعدَّتان لمراقبة السواحل اللبنانية في وقت سابق، الأمر الذي مهَّد- فيما يبدو- لقرار رفع الحصار. وفي تعليقات على القرار الصهيوني نقلت وكالات الأنباء عن مسئول لبناني (رفض ذكر اسمه) أن قرار رفع الحصار الصهيوني جاء بعد اتفاق طلبت فيه الحكومةُ اللبنانيةُ من القوات الفرنسية وقوات دولية أخرى مراقبةَ سواحلها. بينما أكد وزير الإعلام اللبناني غازي العريضي أن قرارَ الصهاينةِ رفعَ حصارهم جاء بسبب "وحدة الموقف اللبناني وصلابته"، بينما رحَّب وزيرُ الخارجية الفنلندي آركي توميويا بالقرار، وتتولَّى فنلندا رئاسة الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي. يأتي ذلك بعدما كانت لبنان قد أعلنت أنها ستخرق الحصارَ الصهيونيَّ المفروضَ عليها خلال 48 ساعة، وهي المدة التي حدَّدها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان عقب اجتماع له الاثنين الماضي مع الرئيس المصري حسني مبارك في الإسكندرية. ونقلت وكالات الأنباء عن وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ قوله في مؤتمر صحفي على هامش اجتماع وزراء خارجية دول الجامعة العربية بالقاهرة أمس: "سننتظر ال48 ساعة التي حدَّدها عنان" مؤكدًا أنه إذا لم يتم فك الحصار "فالحكومة اللبنانية ولبنان ستتخذ الإجراء اللازم ونحن سنكسر الحصار بكل ما أوتينا من قوة". ويفرض الصهاينة حصارًا جويًّا وبريًّا على لبنان منذ يوليو الماضي بعدما بدأوا عدوانهم العسكري على لبنان في 12 يوليو الماضي بدعوى محاولة إطلاق سراح الجنديَّين اللذَين أسَرَهما حزبُ الله في ذلك اليوم، وعلى الرغم من الهدنة السارية بمقتضى القرار الدولي 1701 الذي دعا إلى وقف ما دعاه "العمليات الحربية" إلا أن الصهاينة لا يزالون مستمرين في حصارهم الذي كبَّد اللبنانيين خسائرَ كبيرةً على المستويات الاقتصادية والإنسانية إلى جانب ما يمثله من انتقاص للسيادة اللبنانية. يُشار إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة كان قد أعلن في الإسكندرية أمس أنه سمع أنباء- وصفها ب"الإيجابية"- عن رفع الحصار الصهيوني عن لبنان خلال 48 ساعة، بينما استدعت مصر أمس السفير الصهيوني لديها لحثّ الكيان على رفع الحصار عن لبنان، وهو التحرك الذي جاء بعد الضغوط الشعبية والسياسية الداخلية على الحكومة المصرية. وفيما يتعلق بقضية الجنديَّين الأسيرَين قال وزير الخارجية اللبناني إن إطلاق سراح الأسيرَين الصهيونيَّين معلق بإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين، مشيرًا إلى أنه من الضروري إجراء مفاوضات حول هذا الملف، ويتطابق موقفه هذا مع الموقف الذي أعلنه حزب الله بأن إطلاق سراح الجنديين سيكون من خلال مفاوضات غير مباشرة ولا مشروطة مع الكيان الصهيوني. وبعدما كان الموقف الصهيوني يرفض إجراء مفاوضات مع حزب الله بصورة غير مباشرة لإطلاق سراح الأسيرَين عادوا يتحدثون عن ضرورة إجراء تلك المفاوضات، وتشير الأنباء إلى أن وساطاتٍ ألمانيةً وإيطاليةً تعمل في هذا السياق مدعومةً من الأممالمتحدة، وذلك على الرغم من النفي الصهيوني الرسمي لتلك الأنباء. على الصعيد العسكري نقلت روسيا ادعاءات صهيونية بوجود أسلحة روسية الصنع بين تلك التي استخدمها حزب الله في الحرب الأخيرة التي دارت بينهما. وميدانيًّا قتل جنديان لبنانيان وأصيب ثالث بجروح أثناء تفكيك قنابل صهيونية غير منفجرة بمنطقة بنت جبيل التي انتشر الجيش اللبناني فيها قبل يومين، وتمثِّل هذه القنابل أزمةً إنسانيةً وأمنيةً كبيرةً تعوق عودة النازحين وتقديم الإغاثة في المناطق التي تتواجد بها، وهي في الغالب مناطق جنوبية؛ حيث كان الجنوب أكثر المناطق تعرضًا للقصف الصهيوني خلال العدوان.