لا تزال باكستان تعيش حالة توتر أمني على خلفية تداعيات أزمة المسجد الأحمر التي اندلعت مطلع الشهر الحالي فيما يلف الغموض فحوى اللقاء الذي جمع بين الرئيس الباكستاني برويز مشرف ورئيسة الوزراء السابقة -زعيمة حزب الشعب المعارض المقيمة بالمنفى- بينظير بوتو. وفي سياق تداعيات أزمة المسجد الأحمر تنظم الجماعة الإسلامية مظاهرة اليوم في العاصمة إسلام آباد احتجاجا على ما جرى بالمسجد من مواجهات دامية بلغت أوجها في العاشر من الشهر الجاري عندما اقتحمت القوات الحكومية مبنى المسجد وهو ما أسفر عن مقتل العشرات. في هذه الأثناء حذرت السلطات من وقوع المزيد من الهجمات الفدائية بإسلام آباد بعد يومين من مقتل 14 شخصا معظمهم من الشرطة وجرح 71 آخرين بهجوم وقع بمحيط ذلك المسجد. وقد عززت باكستان إجراءاتها الأمنية عقب الهجوم الأخير فيما أضرب التجار بمنطقة عبارة المجاورة للمسجد استجابة لدعوة من رابطة التجار بالعاصمة. وقد أغلقت المتاجر أبوابها احتجاجا على إخفاق السلطات الأمنية في حماية المنطقة. وتزامن هذا مع مواجهات بمحيط المسجد الأحمر بين الشرطة وطلبته الذين رفضوا الصلاة خلف الإمام الجديد الذي عينته السلطات مطالبين بأن يؤمهم مولانا عبد العزيز إمام المسجد المعتقل منذ الأحداث التي انتهت بعملية اقتحام دامية قبل أسبوعين. ومنذ اقتحام المسجد الأحمر شهدت مناطق متفرقة من البلاد سلسلة هجمات فدائية أسفرت عن مقتل نحو مائتي شخص غالبيتهم من الشرطة والجنود. على الصعيد السياسي لا يزال الغموض يلف اللقاء الذي جمع في أبو ظبي يوم الجمعة بين بوتو ومشرف الذي قام خلال اليومين الماضيين بجولة لعدد من دول الخليج. وأكدت عدة مصادر أن اللقاء بين الطرفين استمر طيلة نحو ساعة دون أن ترشح تفاصيل بشأن ما تم التوصل إليه ونقل عن وزير السكك الحديدية الباكستاني شيخ رشيد أحمد قوله إن اللقاء كان ناجحا دون أن يذكر تفاصيل عن ما دار فيه. لكن بعض المصادر أشارت إلى أنه لم يتم التوصل إلى نتيجة خصوصا بموضوع وجوب أو عدم وجوب احتفاظ مشرف بمنصبي رئاسة البلاد وقيادة الجيش. وتطالب رئيسة الوزراء السابقة مشرف بتخليه عن منصبه العسكري للاحتفاظ بالرئاسة. كما تطالبه بتعهده بالتخلي عن الصلاحيات الممنوحة للرئيس والمتعلقة بإقالة رئيس الوزراء وحل البرلمان. وقد أكدت بوتو في تصريحات لتلفزيون "كى تي إن" الباكستاني تمسكها بموقفها بضرورة تخلي الرئيس عن منصبه العسكري. وفي السياق قال وزير الشؤون البرلمانية شير خان نيازي إن مشرف وبوتو يحاولان –على ما يبدو- التفاوض على صفقة تدعم بموجبها بوتو مساعي مشرف للفوز بولاية رئاسية جديدة من خمس سنوات مقابل عودتها للبلاد من المنفى وتوليها رئاسة الوزراء. وقبل لقاء أبو طبي كانت بعض التقارير قد تحدثت منذ أشهر عن محادثات بين مبعوثين من الجانبين. ويأتي ذلك اللقاء بعد أسبوع من إدلاء بوتو بتصريحات صحفية قالت فيها إنها تنوي العودة إلى باكستان اعتبارا من سبتمبر المقبل. ويأتي تأكيد محادثات مشرف بوتو في أبو طبي وسط أنباء عن لقاء هو الأول من نوعه في مدينة جدة السعودية مع شهباز شريف رئيس الوزراء السابق لإقليم البنجاب وشقيق رئيس وزراء باكستان الأسبق نواز شريف المقيم بالمملكة. وقد أجرى مشرف محادثات مع الملك عبد الله بن عبد العزيز بعد زيارة قصيرة قام بها لدولة الإمارات. وتأتي هذه اللقاءات في إطار جولة قام بها الرئيس الباكستاني ووفد رسمي لعدد من دول الخليج.