حماة سماء مصر يحتفلون بعيدهم ال54.. قائد قوات الدفاع الجوي: 30 يونيو عام 1970 البداية الحقيقية لاسترداد الكرامة    رئيس جامعة المنصورة يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 30 يونيو    استطلاع: 60% من الأمريكيين يرجحون استبدال بايدن بعد مناظرته أمام ترامب    أيمن غنيم: نشهد شراكة إستراتيجية كبيرة بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي    "ثورة 30 يونيو.. إرادة شعبية".. احتفالية لقصور الثقافة غدا بعين حلوان    محافظة الجيزة تنفي قطع الأشجار من حديقة المبدعين بالعجوزة    «شكري» يستقبل وزير خارجية الصومال    الشعراوي يقود تشكيل منتخب إيطاليا ضد سويسرا في ثمن نهائي يورو 2024    خالد الغندور يكشف عن مفاجأة: الدوري مهدد بالتأجيل لهذا السبب    طمعًا في فلوس البضاعة.. ضبط شابين تخلصا من زميلهما بالدقهلية    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: تحذير عاجل من السياحة لمرتادى الشواطئ.. وتحقيقات في حريق الاستاد الرياضي    أدلة الثبوت.. تفاصيل صادمة في قضية مقتل طفل شبرا الخيمة (خاص)    جامعة سوهاج: تكليف 125 أخصائي تمريض للعمل بمستشفيات الجامعة    انطلاق التصويت في الانتخابات الرئاسية الموريتانية    المقاولون العرب يقبل اعتذار معتمد جمال عن تدريب الفريق    اتحاد الغرف السياحية يعقد جمعيته العمومية ويعتمد الميزانية الختامية    وفد من وزارة الصحة يتفقد منشآت طبية بشمال سيناء    رد من فابريجاس على إمكانية تدريبه ل ريال مدريد    الزمالك: قراراتنا عن قناعة والكرة المصرية تعيش فسادا ماليا وإداريا    عضو "طاقة النواب": مصر نجحت في عمل بنية تحتية جاذبة للاستثمار    محافظ المنيا يوجه بوضع آليات عاجلة والاستجابة الفورية لطلبات المواطنين    إطلاق برامج تدريبية مجانية على الخياطة والحاسب الآلي لسيدات جنوب سيناء    ضحية إمام عاشور يطالب أحمد حسن بمليون جنيه.. و14 سبتمبر نظر الجنحة    بعد إحالته للمفتي.. تأجيل محاكمة متهم بقتل منجد المعادي لشهر يوليو    أعظم الثورات ومنحت الشباب مكتسبات غير مسبوقة.. رئيس "رياضة النواب" يهنئ السيسي ب"30 يونيو"    نسرين طافش تنشر فيديو أثناء لعبها التنس.. والجمهور: "صباح النشاط"    صراع السينما المصرية على شباك التذاكر.. "أولاد رزق وبيت الروبي وصعيدي في الجامعة الأمريكية" أفلام حققت أرقامًا قياسية بالإيرادات.. والشناوي: السيناريو ونجم العمل من أهم أسباب النجاح    حملات بيئية للتصدي لحرق المخلفات الزراعية والبيئية بالأقصر    إصدار مليون و792 ألف شهادة صحية مؤمنة ب «رمز الاستجابة» للمقبلين على الزواج    سلمى أبوضيف: قصة حبي حصلت صدفة والضرب في "أعلى نسبة مشاهدة" حقيقي    مصر تدعو دول البريكس لإنشاء منطقة لوجستية لتخزين وتوزيع الحبوب    بيل جيتس: الذكاء الاصطناعى يمكنه إنقاذ البشر من تغير المناخ والأمراض    علامات مبكرة للذبحة الصدرية.. لا تتجاهلها واذهب للطبيب فورا    الصحة: اختيار «ڤاكسيرا» لتدريب العاملين ب «تنمية الاتحاد الأفريقي» على مبادئ تقييم جاهزية المرافق الصيدلانية    نقيب الأشراف: الشعب المصري ضرب أروع الأمثلة في التحضر والرقي خلال ثورة يونيو    ماهو الفرق بين مصطلح ربانيون وربيون؟.. رمضان عبد الرازق يُجيب    الاحتلال الإسرائيلي يتعمد استهداف طواقم الإسعاف والدفاع المدني    أكرم القصاص: علاقات مصر والاتحاد الأوروبى تعتمد على الثقة وشهدت تطورا ملحوظا    الاتحاد الأوروبي يعلن توسيع العقوبات المفروضة على روسيا    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل جواهرجي بولاق أبو العلا ل28 يوليو    الفريق أسامة ربيع: نسعى لتوطين الصناعات البحرية والصناعات الثقيلة وإعادة الريادة للترسانات الوطنية    مجلس جامعة الأزهر يهنئ رئيس الجمهورية بالذكرى ال 11 لثورة 30 يونيو    بدءا من اليوم.. فتح باب التقدم عبر منصة «ادرس في مصر» للطلاب الوافدين    الصحة: الكشف الطبى ل2 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    كيف فسّر الشعراوي آيات وصف الجنة في القرآن؟.. بها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت    إعلام إيراني: محمد باقر قاليباف يعلن دعمه للمرشح سعيد جليلي في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية    السياحة تكشف حقيقة التحذيرات البريطانية والأمريكية لرعاياهما بشأن السفر إلى مصر    الوحدة السعودي ل«أهل مصر»: لم نفاوض ثنائي الأهلي    استعدادات أمنية لتأمين مباراة الزمالك وسيراميكا الليلة    شرح حديث إنما الأعمال بالنيات.. من أصول الشريعة وقاعدة مهمة في الإسلام    «التعليم» تحقق في مزاعم تداول امتحان التاريخ للثانوية العامة عبر «جروبات الغش»    مجلة جامعة القاهرة للأبحاث المتقدمة تحتل المركز السادس عالميًا بنتائج سايت سكور    اليوم.. محاكمة البلوجر نادين طارق بتهمة الفسق والفجور    الإفتاء: يجب احترم خصوصية الناس وغض البصر وعدم التنمر في المصايف    حظك اليوم| برج العذراء السبت 29 يونيو.. بشائر النجاح والتغيير بنهاية الشهر    لقطات من حفل محمد حماقي في «ليالي مصر».. شكر «المتحدة» وأعلن موعد ألبومه الجديد    حكم استئذان المرأة زوجها في قضاء ما أفطرته من رمضان؟.. «الإفتاء» تٌوضح    «غير شرعي».. هكذا علق أحمد مجاهد على مطلب الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة في العراق تخطَّت نقطة اللا عودة!
نشر في الشعب يوم 21 - 07 - 2007


بقلم: جواد البشيتي

أنتَ إنْ بقيتَ مُتَّ، وإنْ خَرَجْتَ مُتَّ، فما الحل؟ هذه هي حال الولايات المتحدة، وليس إدارة الرئيس بوش فحسب ، في العراق، وهذا هو السؤال .. "السؤال المعضلة"، الذي يسأله الطرفان ("الجمهوريون الحاكمون" و"الديمقراطيون المعارضون") على مدار الساعة؛ ولكن من غير أن يُوفَّقا، أو يوفَّق أحدهما، في إجابته بما يحل "المعضلة"، التي تختلف عن "المشكلة" لجهة "حلِّها"، أو لجهة "عواقب حلِّها"، في أنَّها تَعْدِل "المغامرة غير المحسوبة العواقب"، وفي أنَّ "النجاح" إذا ما تحقَّق (عبر تلك المغامرة) لن يكون إلا مر المذاق، وكأنَّه صنو "الفشل". وإلى أن تملك الولايات المتحدة ما يكفي من "جرأة المغامرة (غير المحسوبة العواقب)" يستمر الطرفان في المفاضلة بين ثمنين غاليين: "ثمن البقاء" و"ثمن الرحيل".
الرئيس بوش الذي ليس لديه ما يخسره شخصيا إنْ هو ظلَّ بوش الذي نَعْرِف أو أصبح شمشون؛ لأنْ لا سبب يدعوه إلى المزاوجة بين مغادرته الوشيكة والنهائية للبيت الأبيض ومغادرة الولايات المتحدة لجهنَّم العراقية مع مَنْ بقي معه من فريقه الحاكم ومن حزبه، مُصِرٌّ على البقاء، ولو كان بقاءً لا يُبقي للولايات المتحدة شيئا من مقوِّمات البقاء عراقيا وإقليميا، ويُظْهِر استمساكا لا نظير له بمبدأ أنَّ الفشل يمكن أن يغدو نجاحا إذا ما خُضَّتَ التجربة ذاتها غير مرَّة. وقد جاء بنفسه بالدليل إذ قال إنَّ النصر أو كسب الحرب في العراق ما زال ممكنا!
أمَّا إذا سعى خصومه من "الديمقراطيين"، المجتذِبين إليهم مزيدا من "الجمهوريين" الذين يتوفَّرون على أن يستجمعوا لأنفسهم أسباب الفوز الانتخابي، في تعداد وتبيان وشرح أوجه الفشل، الذي تضاعفه سياسة "الإصرار على البقاء"، فإنَّ الرئيس بوش يشرع يُحَدِّثهم عن الكوارث والمصائب التي ستَحْضُر لا محالة إذا ما أخذ بخيارهم.. "خيار المغادرة" بدءاً من الأوَّل من نيسان المقبل. هُم يُحدِّثونه عن "شرور البقاء"، وهو يُحِدِّثهم عن "شرور الرحيل".
وحتى يَكْفوا أنفسهم شرَّ المفاضلة التي يفضِّلون فيها "شرور الرحيل" على "شرور البقاء" دعوا إلى "رحيل" فيه جُلُّ معاني "البقاء"، فجزء كبير من الوجود العسكري للولايات المتحدة في العراق يمكن ويجب أن يبقى بعد "الرحيل المُتَدَرِّج" من أجل "الدفاع عن الحدود"، و"محاربة الإرهاب"، و"تدريب وتسليح الجيش العراقي"، وكأنَّ "الرحيل" الذي يدعو إليه "الديمقراطيون"، والذي سيَلْتَزِمه الرئيس المقبل إذا ما كان "ديمقراطيا"، هو الذي بموجبه يعود الجزء الأكبر من "المارينز" إلى الوطن، ليبقى جزء كبير منهم في العراق على أن يرحل هؤلاء من العراق، أي من حيث يدركهم الموت، إلى العراق، أي إلى حيث لا يدركهم الموت، فيغدو الموت عراقيا خالصا!
الرئيس بوش، وقبل أن يغادِر البيت الأبيض، قد يُصْدِر أمرا (لا يستعصي تبريره) لجيشه في العراق بأن يغادِر بغداد وغيرها من "مدن الموت"، ليُركِّز وجوده حيث "كثافة المخاطِر الأمنية الداخلية" أقلُّ بكثير. على أنَّ هذا إنْ حَدَث فلن يَحْدُث إلا بوصفه علامة على أنَّ ساعة ضرب إيران قد أزِفت.
كان العراق "مشكلة"، فسعى الرئيس بوش في حلِّها؛ ولكن بما يُوافِق مصالح وأهداف شخصية وفئوية ضيِّقة له ولِمَن رأى في الحرب خير تجارة، فكانت العاقبة أن تحوَّلت "المشكلة" إلى "معضلة"، لا حلَّ لها، إنْ حُلَّت، من غير أن يتمخَّض عن حلها مشكلات وأزمات ومعضلات جديدة وكثيرة.
لقد تخطَّى العراق، ومعه الولايات المتحدة، "نقطة اللا عودة"، ولم يبقَ من "انفراج واقعي" غير ذاك "الانفراج" الذي تصنعه سياسة "اشْتدِّي أزمة تنفرجي"!
"الأزمة العراقية"، أو "أزمة الولايات المتحدة في العراق"، يمكن أن تؤثِّر تأثيرا كبيرا وجليا في أزمات أخرى، بعضها إقليمي وبعضها دولي؛ ولكن ليس من أزمة يمكن أن يكون لها التأثير ذاته في تلك الأزمة.. حتى إحراز نجاح يُعْتَدُّ به في حل المشكلة الفلسطينية لن يُمكِّن الولايات المتحدة من أن تحل أزمتها في العراق بما يوافِق مصالحها وأهدافها الاستراتيجية، عراقيا وإقليميا ودوليا، أي بما يسمح لها بجعل وجودها فيه على مثال وجودها في كوريا الجنوبية أو اليابان.
وأحسب أنَّ إدارة الرئيس بوش تعي ذلك وتعلمه علم اليقين؛ ولو كانت تعلِّل نفسها بالوهم الذي كثير من العرب يعلِّلون النفس به لرأيْناها تتوفَّر على بذل جهد حقيقي وجدِّي لحل المشكلة الفلسطينية ولو جاء الحل بما يُوافِق "الخريطة" و"الرؤية" "والوعد".
حتى مهادنتها لإيران في برنامجها النووي ولو انتهى إلى امتلاكها السلاح النووي أو القدرة على صنعه لن تجعل لها العراق في الهيئة التي أرادتها، ورغبت فيها، وجاهدت في سبيلها.
وإنَّ من الوهم بعينه أن يَظُنَّ أحد أنَّ أحدا في العالم على رحبه واتِّساعه يمكن أن ينجح في ما فشلت فيه الولايات المتحدة وهو "إنقاذ العراق بما يُنْقِذ المصالح والأهداف الاستراتيجية للقوَّة العظمى في العالم"، فهذه معجزة لا يَعْتَقِد بها إلا كل من استبدَّ به الشعور بالعجز، فلا الأمم المتحدة، ولا اجتماعات الدول المجاوِرة (وغير المجاورة) للعراق، ولا حتى اللقاءات الثنائية المباشِرة بين طهران وواشنطن، يمكن أن تُخْرِج العراق من الأزمة التي خلقتها له الولايات المتحدة، أو أن تُخْرِج الولايات المتحدة من الأزمة التي خلقها لها العراق، فهذا صراعٌ من النمط الذي فيه يتَّحِد الطرفان في شيء واحد فحسب هو السعي إلى أن يُمْعِن كلاهما في تدمير الآخر.. وفي جعل "الجنون السياسي والحربي" قائدا أوحد للصراع، الذي كلَّما اشتد وعنف طَلَبَ مزيدا من الصراع.. في أماكن أخرى، وفجَّر مزيدا من الأزمات.
"الأزمة" إنَّما هي في المقام الأوَّل "أزمة حلول"، فليس من حلٍّ ل "الأزمة العراقية"، أو ل "أزمة الولايات المتحدة (وغيرها) في العراق"، جُرِّب، أو يُراد تجريبه، إلا وكان من النمط الذي يُفجِّر أزمات أخرى، ويَصُبُّ مزيدا من الزيت على النار، ف "الفوضى العامة العارمة"، والتي أشعلوا فتيلها إذ توهَّموا أنَّها ستكون "بنَّاءة"، لم تنتهِ بعد؛ لأنَّها لم تبدأ بعد، فالعقبات من طريقها ذُلِّلت وتُذلَّل الآن.
في مقالة له، رأى الدكتور سليم الحص أنَّ إدارة الرئيس بوش لم تفشل وإنَّما نجحت في العراق، فهو، أي الدكتور الحص، فهم "النتائج"، التي تمخَّضت، وتتمخَّض، عن الغزو والاحتلال والحرب على أنَّها "المكامِن" التي فيها تكمن "الأهداف الحقيقية".
إنَّني لا أشاطره هذا الرأي الذي يُفْرِط فيه في تفسير الأمور بما يدعو إلى الاعتقاد بأنَّ السياسة لا تتضمَّن "المؤامرة"؛ ولكن تَعْدِلها، فالولايات المتحدة أخفقت استراتيجيا في العراق، وإنَّ خير دليل على ذلك هو أنَّ "النتائج" قد ذهبت بما توقَّعت واستهدفت؛ فالنظر إلى "النتائج" على أنَّها هي "الأهداف الحقيقية"، والنظر إلى "الأهداف الحقيقية"، ولو كان بعضها غير مُعْلَن، على أنَّها خداع للأبصار والبصائر، لا يفيد إلا في إخراج السياسة من عالمها الواقعي.
كل ما نراه ونعرفه الآن هو أنَّ الولايات المتحدة، بما تُمثِّله من مصالح وأهداف دَفَعَتْها إلى غزو العراق واحتلاله، توشِك أن تقع في فم هزيمة يشبه فم "الثقب الأسود"؛ وإذا كان من تحدٍّ حقيقي وتاريخي نواجهه الآن، أو من الآن وصاعدا، فهذا التحدِّي إنَّما هو أن لا نُهْزَم بهزيمتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.