شددت السلطات الصومالية – الموالية للاحتلال - الإجراءات الأمنية في العاصمة مقديشو قبيل افتتاح مؤتمر المصالحة الوطنية الذي ينطلق اليوم وذلك بعد أن هددت المحاكم الإسلامية بتعطيل المؤتمر الذي رفضت المشاركة فيه ووصفته بالمؤامرة ضد شعب الصومال معتبرة أن كل من يشارك فيه محكوم عليه بالموت. وجاء التهديد من "الشباب" - الجناح العسكري للمحاكم -التي سيطرت على معظم وسط وجنوب الصومال لستة أشهر العام الماضي قبل أن تنسحب تكتيكيا بعد العدوان الإثيوبي . وانتشرت قوات مدججة بالسلاح أمس السبت في محيط مكان انعقاد المؤتمر في مخزن سابق للشرطة بشمال العاصمة وقوات أخرى لحماية الفنادق التي يقيم فيها المندوبون. واعتبر الخبراء أن موقع المؤتمر غير محصن للتصدي لقذائف الهاون أو الهجمات الفدائية. وعشية انعقاد المؤتمر أفاد شهود عن مقتل أربعة مدنيين وقال عبدي علي محمود من سكان حي هودان في مقديشو – بحسب وكالة الصحافة الفرنسية - إن شخصين قتلا بالرصاص في حي حريوة وثالث في هودان. مضيفا أن امرأة قتلت وجرح ابنها (8 أشهر) في انفجار قنبلة في هودان. كما تشهد العاصمة الصومالية موجة فرار لآلاف السكان خشية تصاعد أعمال العنف خلال انعقاد المؤتمر. وأمام تزايد ضغوط المجتمع الدولي على الحكومة الانتقالية الصومالية العاجزة منذ تشكيلها عام 2004 عن بسط نفوذها ينعقد المؤتمر بعد ستة أشهر من الاحتلال الإثيوبي والذي كان من المفترض عقده في أبريل الماضي وتم تأجيله المرة الأولى حتى شهر يونيو بعد نشوب مواجهات بين الحكومة والقوات الإثيوبية وبين المحاكم وجماعات قبلية من جهة أخرى أدت إلى مقتل ألف وثلاثمائة شخص وهروب نحو أربعمائة ألف مواطن من العاصمة. لكن هذه المرة قال الرئيس الصومالي عبد الله يوسف - الموالي للاحتلال - إنه حتى إذا انفجرت قنبلة نووية في مقديشو سيعقد المؤتمر في موعده. ويهدف الاجتماع -الذي قد يدوم أسابيع عدة- إلى إرساء السلام في الصومال البلد الفقير في القرن الأفريقي الذي تجتاحه الحرب منذ سقوط نظام الرئيس محمد سياد بري قبل 16 سنة. لكن مقاطعة الإسلاميين المؤتمر تطرح علامات استفهام جدية حول مدى فعاليته. وقال أحد قادة المحاكم الإسلامية طلب عدم كشف هويته في أسمرا إننا لن نشارك في هذا المؤتمر الرامي إلى خداع الصوماليين. لا يمكن أن نتوقع أي اتفاق سلام من مؤتمر لا يشارك فيه سوى الموالين للحكومة. ومن المتوقع مشاركة نحو ألفين وثلاثمائة مندوب يمثلون أكبر الفصائل في المجتمع الصومالي في المؤتمر الذي يضاف إلى سلسلة طويلة من مؤتمرات السلام في الصومال. واختلف أفراد قبيلة هوية -التي ينتمي جزء منها إلى المحاكم الإسلامية- بشأن المشاركة في مؤتمر المصالحة فقرر قسم المشاركة وفضل قسم آخر المقاطعة. وأعلن الناطق باسم هوية أحمد دريعي أنه كان يمكن أن يكون للمؤتمر معنى لو جمع الخصوم السياسيين والمجموعات المسلحة حول طاولة واحدة لكن ما هو مطروح هو البحث في نزاع قبلي غير موجود مما يعني مضيعة للوقت والجهد. من جهته قال المبعوث الإيطالي الخاص إلى الصومال ماريو رافايلي بعد عودته من العاصمة المضطربة إنه إذا أرادت الحكومة انتهاز الفرصة كحيلة لإنقاذ ماء وجهها أمام المجتمع الدولي فإن ذلك لن ينطلي على أحد. وأضاف أننا لا نعرف بعد مدى إمكانية مشاركة ممثلين أوروبيين في افتتاح المؤتمر بسبب الوضع الأمني.