بدأت قوات مشتركة مؤلَّفة من قواتٍ تابعة للاحتلال الأمريكي وأخرى عراقية عمليةً عسكريةً واسعةً شمال وجنوب العاصمة العراقية بغداد ضمن المحاولات الفاشلة للقضاء على أعمال العنف في العاصمة. وأعلن جيش الاحتلال مقتل 22 مسلحا في العملية التي تستهدف تنظيم القاعدة في بعقوبة ومحيطها شمال شرق بغداد مشيرا إلى أن عشرة آلاف جندي يشاركون في هذه العملية التي تشمل أيضا الضواحي الجنوبية والغربية من العاصمة العراقية. وقال متحدث عسكري للاحتلال إن القوات الأمريكية تسعى للاستفادة من وصول 30 ألف جندي أمريكي إضافي لشن هجمات متزامنة موضحا أن هذه العملية تستهدف المليشيات الشيعية وعناصر القاعدة بعد فرارهم من بغداد والأنبار تحت ضغط العملية الأمنية المستمرة منذ نحو أربعة شهور. يأتي ذلك في وقت يسود فيه هدوء حذر مدينة الناصرية جنوب العراق بعد اشتباكات عنيفة بين جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر وقوات عراقية خاصة مدعومة من قوات الاحتلال الدولي . وقالت الشرطة إن ثلاثة من رجالها جرحوا فجر اليوم في قصف بقذائف الهاون استهدف مقرا لها في هذه المدينة كما دمرت مركبة تابعة للشرطة من جراء هذا القصف. وأفادت مصادر طبية أن 23 قتيلا وأكثر من مائة جريح سقطوا حتى الآن من جراء هذه الاشتباكات التي اندلعت ليل الأحد عندما هاجمت الشرطة مكتبا للصدر بالناصرية ردا فيما يبدو على هجوم على رئيس للشرطة أسفر عن إصابته. وبموازاة ذلك قال جيش الاحتلال الأمريكي إن قوات الاحتلال الدولي قتلت عشرين مسلحا وجرحت ستة آخرين واعتقلت شخصا آخر بزعم الاشتباه فيه بسلسلة غارات استهدفت ما وصفه بخلايا سرية تهرب السلاح من إيران في مدينة العمارة وقضاء المجر الكبير في محافظة ميسان. وتضاربت الأنباء بشأن عدد القتلى والجرحى على الجانب العراقي فقد نقلت وكالة أسوشيتد برس عن مصادر طبية وأمنية عراقية سقوط 36 قتيلا على الأقل بينهم ثلاثة من أفراد الشرطة العراقية وإصابة مائة آخرين. في حين ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية نقلا عن لطيف التميمي -عضو مجلس محافظة ميسان ورئيس اللجنة الأمنية في المحافظة- ومصادر صحية مقتل 16 شخصا وإصابة أربعين آخرين بينهم امرأتان وطفل قتل غالبيتهم بقنابل ألقتها الطائرات البريطانية وهم نيام على أسطح منازلهم. وفي تطورات ميدانية أخرى قتل خمسة جنود أكراد في كمين نصبه مسلحون لهم أثناء توجههم إلى بغداد للانضمام إلى الحملة الأمنية المستمرة في العاصمة. وقال متحدث باسم البشمركة الكردية إن 15 جنديا كرديا أصيبوا أيضا في الهجوم الذي وقع أمس الاثنين في بلدة طوزخورماتو القريبة من كركوك. على صعيد آخر أقال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قائد شرطة البصرة محمد حمادي الموسوي جنوب العراق لفشل قواته في منع الهجمات التي استهدفت مسجدَيْن على الأقل في المدينة أواخر الأسبوع الماضي. وفي شأنٍ عراقيٍّ آخر قال السكرتير العام للنقابة العامة للعاملين في قطاع النفط العراقي فالح عبود عمارة أمس: إنَّ مشروع قانون النفط المقترح سيعزِّز من الهيمنة الأمريكية على ثالث أكبر احتياطي للنفط في العالم وإنَّ العاملين في صناعة النفط يعتزمون معارضته. وجاءت هذه التصريحات خلال حديث له في مدينة نيويوركالأمريكية التي يزورها ضمن جولة أمريكية له تهدف إلى لضغط من أجل انسحاب قوات الاحتلال الأجنبية من العراق. ونقلت (رويترز) عن عمارة قوله إن القانون المقترح يُعادل "محاولة من قبل اتحاد منتجي النفط العالمي لخفض الأسعار مشيرًا إلى أنَّ النقابات التي تمثِّل آلاف العمال في الصناعة ستتخذ إجراءاتٍ قويةً لمعارضته بما في ذلك اللجوء إلى الإضراب إذا لزم الأمر. وشدَّد على أنَّ القانون المقترح لا يخدم مصالح الشعب العراقي على الإطلاق فهو يكرِّس ويؤكد الهيمنة الأمريكية على حقول النفط العراقي. وبرَّر ذلك بأنَّ القانون المقترح يمنح مزايا تفضيلية لشركات النفط الأجنبية على حساب عمال النفط العراقيين، كما أنَّه لن يوفر حصةً كافيةً من الأرباح للدولة العراقية. وتنتظر الشركات الدولية صدور قانون الطاقة العراقي لتشريع تقسيم الثروة النفطية قبل أنْ تبدأ في ضخِّ أموالها في العراق الذي تعثَّرت صناعة النفط فيه؛ بسبب عقود من العقوبات قبل الغزو الأنجلو أمريكي للعراق. وكانت بغداد قد صادقت على هذا القانون في فبراير الماضي، وكان من المقرر تمريره في البرلمان في مايو، إلا أنَّ الجدل السياسي بشأنه مَنَع ذلك، وقال وزير النفط حسين الشهرستاني أواخر مايو الماضي إنَّه يتوقع تمرير القانون خلال الصيف الحالي. وقال عمارة في هذا الشأن إنَّ تأجيل تبنِّي قانون النفط والتفاوض بشأن بنوده كان مطلبًا رئيسيًّا أشعَل فتيل إضراب بين عمال النفط جنوب العراق في وقتٍ سابقٍ من شهر يونيو الجاري، ووصف الإضراب بأنَّه كان ناجحًا؛ حيث قال إن الحكومة وافقت على تشكيل لجنة تضمُّ قادة النقابات لحلِّ المشكلات العالقة في القانون، وأشار إلى أنه إذا تم تشريع هذا القانون فإنه على ثقة بأن اتحاد نفط الجنوب واتحادات أخرى ستتخذ موقفًا شديدًا جدًّا ضده، و"سنتخذ إجراءاتٍ قويةً قد تصل إلى وقف ضخِّ النفط". يُشار إلى أن الإضراب الذي قام به 600 ألف عامل في صناعة النفط في وقتٍ سابقٍ من الشهر الجاري لم يؤثر على صادرات النفط الخام العراقية، وكانت مدينة البصرة- ثاني أكبر مدينة في العراق وبوابتها على الخليج- قد شهدت صراعًا قويًّا بين الفصائل الشيعية التي تسعى للسيطرة على ثروتها النفطية، بينما قال عمارة إنَّ النقابة مستقلة عن أيِّ فصيلٍ سياسيٍّ عراقيٍّ. وتحتاج صناعة النفط العراقية التي أصابها التخريب والإهمال خلال أعوام الحصار والحرب إلى مليارات الدولارات لدعم الإنتاج وزيادة الدخل وإعادة بناء اقتصاد البلاد، ويقف سقف إنتاج النفط في العراق الآن عند حدِّ مليونَي برميلٍ يوميًّا، وهو ما ينقص كثيرًا عن المستوى الذي كان عليه خلال أيام حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وهو 3 ملايين برميل يوميًّا، والذي كان بدوره أقل من مستوى الإنتاج عام 1979م قبل الحرب الإيرانية- العراقية والذي بلغ آنذاك 3.7 ملايين برميل.