استقبلت أديس أبابا مساء أمس جثمان رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي القادم من العاصمة البلجيكية بروكسل حيث توفي بإحدى المستشفيات هناك، وذلك استعدادا لتشييع جنازته التي لم يتحدد موعدها بعد. وتم إنزال نعش زيناوي -الذي توفي عن عمر ناهز 57 عاما- من الطائرة الإثيوبية التي أقلته مغطى بالعلم الإثيوبي وسط دموع العشرات الذين حضروا إلى المطار. ورافقت فرقة عسكرية نزول النعش الذي تم نقله بعدها إلى سيارة لدفن الموتى محاطا بجنود يرتدون زي العروض العسكرية. وقد انتظر آلاف الأشخاص وصول جثمان زيناوي وتجمعوا داخل حرم المطار وفي محيطه وعلى الطرقات المؤدية إليه حيث تم نشر عدد كبير من عناصر الشرطة. وقال المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية بركات سايمن "إن اجراءات التشييع ستجرى وفق خطة أعدتها لجنة تعمل على هذه القضية"، موضحا أن إثيوبيا ستكون في حالة "حداد وطني" حتى تنظيم الجنازة "تكريما لرئيس الوزراء". لكنه لم يحدد موعدا للجنازة. وفي إطار ردود الفعل الإقليمية والدولية على وفاة زيناوي قرَّر الرئيس المصري محمد مرسي إيفاد وفد رسمي إلى إثيوبيا للمشاركة في تشييع جنازته. وأعرب الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون عن "حزنهما" إثر وفاة زيناوي. وقال أوباما في بيان له إن زيناوي "يستحق التحية لمساهمته منذ زمن طويل في تنمية إثيوبيا". كذلك تقدم رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو "بتعازيه للشعب الإثيوبي" بعد وفاة زيناوي الذي وصفه بانه "صديق حقيقي" للكيان الصهيوني. من جهته، أكد رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو أن زيناي كان "زعيما أفريقيا محترما برهن على التزام شخصي كبير لسنوات عديدة لتحسين حياة الإثيوبيين وكل شعوب أفريقيا". ونعى رئيس جنوب أفريقيا -جاكوب زوما- ميليس، مؤكدا أنه كان "قائدا قويا ليس في بلده فحسب بل في كل القارة الأفريقية، يعمل كوسيط في عدد كبير من المناقشات وخصوصا في القرن الأفريقي". في المقابل، أبدت حركة الشباب المجاهدين الصومالية -التي واجهت القوات الإثيوبية مرتين في عهد زيناوي- ارتياحها لوفاته. وقال المتحدث باسم الحركة علي محمود راجي "لقد قاد الزعماء الأفارقة الذين كانت لهم أصابع في الصومال لعقدين، لكن كل ذلك ذهب سدى". أما الجبهة الوطنية لتحرير أوغادين الإثيوبية "المتمردة" المحظورة فقالت إن وفاة زيناوي قد تمهد لمرحلة جديدة من السلام في البلاد، إلا أنها أكدت استعدادها للقتال من أجل تقرير المصير. وأضافت الجبهة في بيان "قد تمثل وفاة الدكتاتور الإثيوبي مرحلة جديدة للاستقرار والسلام في إثيوبيا ومنطقة القرن الأفريقي بأكملها". وتابعت أنها ستعمل مع أي قوى معارضة "تقدمية متفتحة تكون مستعدة للاعتراف بحق تقرير المصير لكل الأمم والجنسيات". وتقول جماعات دولية لحقوق الإنسان إن زيناوي كان حادا مع المعارضة وقد ألقى القبض على العديد من زعمائها بعد انتخابات متنازع على نتائجها عام 2005، كما اعتقل معارضين وصحفيين بموجب قانون لمكافحة الإرهاب صدر عام 2009. كما وصف موقع "إثيوبيان ريفيو" المعارض على الإنترنت زيناوي بأنه "طاغية مولع بالإبادة" وقال "اليوم يوم فرحة لأغلب الإثيوبيين وكل محبي الحرية في أنحاء العالم". يذكر أنه حكم أثيوبيا بقبضة من حديد منذ 1991. وقد وصل إلى الحكم على رأس مجموعة مسلحة تمكنت من إسقاط نظام الدكتاتور منغيستو هايلي مريام. وانضم الرجل إلى النادي المغلق للقادة الأفارقة الذين يحكمون منذ أكثر من عقدين على إثر فوزه الساحق في انتخابات 2010 حين نال 99% من الأصوات. وكان بشخصه يجسد كل السلطة في بلده الذي حوله إلى حليف رئيسي للولايات المتحدة في حملة "مكافحة التطرف في القرن الأفريقي". وشهدت ولايات زيناوي حربا حدودية دامية مع إريتريا المجاورة بين 1998 و2000 وتدخلين عسكريين في الصومال، الأول في نهاية 2006 وحتى مطلع 2009 والثاني منذ نهاية 2011 ضد المقاتلين الإسلاميين.