أصدرت محكمة تونسية، اليوم الخميس، حكماً بتغريم إعلامي 2400 دينار "1550 دولارا" بتهمة "النيل من الشعائر الدينية". وأدانت المحكمة نبيل القروي مدير قناة نسمة التلفزيونية الخاصة "بتعكير صفو النظام العام" و"انتهاك القيم المقدسة" بسبب عرض فيلم الرسوم المتحركة "برسيبوليس" الحائز على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي عام 2007. وتدور أحداث الفيلم الفرنسي الأمريكي حول فتاة صغيرة تنشأ في ايران ويشمل مشهدا يجسد الذات الإلهية. وعقوبة دفع الغرامة أخف بكثير من عقوبة السجن التي كان يطالب الخصوم الإسلاميون للقروي بفرضها عليه. وكان من الممكن أن يعاقب القروي بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات. وانتقد نبيل القروي بشدة قرار إدانته معتبرا إياه ضربة لحرية التعبير وقال لرويترز "انه يوم حزين ليس لي ولنسمة فحسب بل لحرية الإعلام في البلاد.. كنت اتوقع ان تكون الرسالة واضحة للعالم كله بان تونس تضمن الحرية لا ان يتم إدانة القناة." واضاف قائلا "انها ادانة لحرية التعبير والابداع وفي يوم يفترض ان يكون للاحتفال بحرية الصحافة". وتابع القروي انه ينوي الاعتراض على الحكم. وأظهرت المحاكمة أن تونس مازالت تكافح لاحداث توازن بين الحساسيات الدينية وحرية التعبير وذلك بعد قرابة 18 شهرا على ثورتها التي كانت شرارة البدء في انتفاضات الربيع العربي. وفي أول رد فعل دولي عبرت الولاياتالمتحدة عن خيبة املها من القرار معتبرة انه مثير للقلق بشأن حرية التعبير. وقال السفير الامريكي في تونس جوردون جراي "ادانته تثير قلقا بالغا بشأن التسامح وحرية التعبير في تونسالجديدة. نفهم ان السيد القروي له حق الطعن في الادانة ونأمل ان يتم حل هذه القضية بطريقة تضمن حرية التعبير وهي حق اساسي حرم منه التونسيون في عهد زين العابدين بن علي." وأضاف جراي في البيان الذي ارسل لرويترز عبر البريد الالكتروني "انني أشعر بقلق بالغ وخيبة أمل عقب ادانة (مدير) قناة نسمة بسبب بث فيلم رسوم متحركة سبق الموافقة على توزيعه من قبل الحكومة التونسية." وأصبح إسلاميون متشددون -- شعروا بحرية في التعبير عن ارائهم بعدما أنهت الثورة حظر أنشطتهم -- أعلى صوتا في الدفاع عن ارائهم والسعي لان يلعب الدين دورا أكبر في المجتمع. وقال الاسلاميون ان عرض فيلم الرسوم المتحركة وجه اهانة للمسلمين ومثل استفزازا متعمدا. وقال بعض السلفيين ان مدير القناة يجب أن يعدم. واشتبك الاسلاميون مع العلمانيين الذين يؤمنون بضرورة الحفاظ على قيم الحداثة والحرية الفردية التي سادت في تونس طوال الخمسين عاما المنصرمة. ويرى العلمانيون أن محاكمة القروي هجوم على حرية التعبير وهو رأي عبرت عنه جماعات معنية بالحقوق من بينها منظمة العفو الدولية.