أرجئت محاكمة المدير العام لقناة نسمة التلفزيونية التونسية الخاصة المتهم بالمساس ب”قيم الاسلام” مع بث فيلم برسيبوليس الذي أدى إلى أعمال عنف، وذلك بعيد افتتاحها اليوم الخميس في تونس في أجواء من الفوضى. وتجمع حشد كبير في افتتاح هذه المحاكمة التي تتسم بحساسية كبيرة، من صحافيين وعاملين في نسمة جاءوا لدعم مديرهم وكذلك فضوليين ومندوبين عن المنظمات التي رفعت الدعوى المدعومة من مائة محام. وجرى جدل حاد بين ممثلي الادعاء والدفاع خلال الجلسة بينما دارت خارج القاعة التي اكتظت بالحضور مناقشات حادة حول حرية التعبير. وقال المدير العام للقناة نبيل القروي عند وصوله محاطا بحراس شخصيين “أشعر بحزن كبير لأن الناس الذين أرادوا تدمير القناة أحرار وأنا أمثل هنا لأنني قمت ببث الفيلم”. والقروي ملاحق مع اثنين آخرين من العاملين في القناة بتهمة “المساس بالمقدسات والأعراف والإخلال بالنظام العام”. وكان بث الفيلم الفرنسي الإيراني برسيبوليس في السابع من أكتوبر على قناة نسمة مدبلجا باللهجة التونسية، أثار احتجاجات وأعمال عنف قبل 15 يوما من الانتخابات في تونس. وأعلنت القناة حينذاك أن حوالى مائة شخص هاجموا منزل مديرها العام في تونس وألقوا عليه زجاجات حارقة بعد يوم من التظاهرات التي شارك فيها سلفيون، للمطالبة بإغلاقها بعد بثها الفيلم. وجاء الهجوم بعد يوم من التظاهرات في تونس، شارك فيها سلفيون احتجاجا على بث هذا الفيلم الذي يتضمن مشهدا يظهر فيه رجل عجوز ملتح على أنه يمثل الله. والسلفيون مجموعة صغيرة لكنها ناشطة في تونس حيث يشتبه بتورطها في عدة حوادث في الأشهر الأخيرة من بينها هجوم على سينما ومهاجمة جامعة. إلا أن العنف تصاعد فجأة الجمعة. وأثارت قضية قناة نسمة غضب السلفيين واستياء الرأي العام قبل أيام من اقتراع تاريخي في تونس نظم بعد تسعة أشهر على الثورة التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي الذي كان معاديا للإسلاميين. وقد أدانت الأحزاب السياسية الكبرى الهجوم على القناة لكنها دعت إلى احترام قيم الإسلام. وقدم رئيس مجلس إدارة نسمة نبيل القروي اعتذاره إلى الشعب التونسي عن بث هذا المشهد لكنه لم يتمكن من تهدئة الغضب. وقال عمر الأبيض أحد مستشاري القروي أن المتظاهرين الذين أوقفوا بعد محاولة مهاجمة القناة أفرج عنهم بعد دفعهم غرامة قدرها تسعة دنانير. وأضاف أن تسعة أشخاص تم حبسهم بعد مهاجمة منزل القروي. وصرح الصحفي في قناة نسمة سفيان بن حميدة “اليوم نحضر محاكمة رأي تذكر بحقبة محاكم التفتيش”. وأضاف أن برسيبوليس جمع عند بثه “ثلاثة بالمائة من المشاهدين أي حوالى 200 ألف مشاهد”، مدينا “الاستخدام المشين للمشاعر الدينية للشعب التونسي لغايات سياسية”. لكن سيف الدين مخلوف أحد محامي الادعاء بالحق المدني قال إن “لحرية التعبير حدودا. لدينا قيم، نحن شعب مسلم، ومن المسيء لنا تمثيل الله بشكل كاريكاتوري في فيلم رسوم متحركة”. ويؤكد الادعاء بالحق المدني أنه جمع أكثر من 100 ألف توقيع لمواطنين يرغبون في الانضمام إلى الشكوى ضد قناة نسمة. وأحيت قضية برسيبوليس النقاش حول الهوية العربية-الإسلامية للتونسيين، في إطار متوتر سبق الانتخابات التي فاز بها إسلاميو حزب النهضة. وكان فيلم مرجان سترابي الحائز جائزة لجنة تحكيم مهرجان كان 2007، عرض في الصالات التونسية وفي إطار مهرجان قرطاج السينمائي من دون أن يتسبب في أي احتجاجات. وقال موظف في نسمة “اعتقد أن دبلجته إلى اللهجة التونسية هو الذي صدم الناس. وقد تم استغلال هذا الأمر”.