قال الكاتب البريطانى روبرت فيسك فى صحيفة "الإندبندنت" البريطانية, اليوم السبت, فيما يتعلق بالجندي الأمريكى مرتكب المذبحة التى راح ضحيتها 16 مواطنا أفغانياً منهم تسعة أطفال وتم تشخيص حالته أخيرا بالجنون، قائلاً " إن هذا التشخيص متوقع لكنه غير صحيح لأن هذا الجندي لو كان مختلاً لكان قام بقتل زملائه الأمريكيين، لكنه اختار الأفغان، أى أن العملية تطلبت تحديدا واختيارا. وأضاف فيسك - فى مقاله المنشور على موقع الصحيفة الإلكترونى -أن تشخيص "الجنون" الذى اعتبره فيسك هراء تم استخدامه من قبل مع الجنود الأمريكيين الذين قاموا بالقتل العشوائى فى بلدة حديثة العراقية، كما تم استخدامه أيضا مع الجندى الإسرائيلى الذى قتل 25 فلسطينيا في مدينة الخليل، وأخيرا مع الجندى الأمريكى مرتكب مذبحة قندهار فى أفغانستان. استنكر فيسك تسرع الصحفيين الذين وصفهم أيضا "بالمختلين" لوصفهم هذا الجندى بأنه يعاني من انهيار عصبى أو أنه منشق أو أن ثورته كانت بلا شك درب من الجنون، وهو كلام لا يصدق لأن هذه المجزرة كانت بناء على اختيار الجندى الذى اختار الأفغان ليقتلهم بدلا من زملائه الأمريكيين ، كما أن القول بأن الجندى تصرف على هذا النحو بعد أن شاهد بتر أرجل أحد زملائه لا يعد مبررا كافيا. قال فيسك إنه حين نفسر هذه المجزرة نتذكر حادثة حرق القرآن الكريم من قبل الجنود الأمريكيين ومقتل ستة جنود تابعين لحلف شمال الأطلسى منهم أمريكيان ردا على هذه الحادثة، إلا أنه يجب ألا ننسى البيان المهم الذى أصدره قائد كبير لقوات الجيش الأمريكية فى أفغانستان الجنرال جون الين قبل 22 يوما وبعد مقتل جنود الناتو والذى قال فيه إنه "لا وقت للانتقام لمقتل جنودنا " ، وأنه يجب مقاومة أى رغبة فى الانتقام وعدم تحكيم المشاعر. أوضح فيسك - فى مقاله بصحيفة "الاندبندنت" البريطانية - أن هذا البيان الذى يدعو فيه القائد جنوده إلى عدم الانتقام من الأفغان مع تذكيرهم بأنهم متواجدون فى هذه البلاد لمساعدة الأفغان وتدريبهم وحمايتهم يدعو للقلق ، فهو قد يكون مقبولا فى فيتنام وليس فى أفغانستان. كما أنه يعكس ما يحدث وسط العسكريين ذوى الرتب الصغيرة. كما يشير إلى احتمالية أن يكون الجنرال الين قد تلقى تحذيرا من غضب الجنود لمقتل زملائهم بعد حرق القرآن الكريم ومن ثم تورطهم فى أفعال قتل انتقامية ، لذلك حاول بشدة فى بيانه منع هذه المجزرة قبل حدوثها. قال فيسك إن هذا البيان للجنرال الين غاب عن الخبراء الذين يتحدثون عن هذه المجزرة ، لأن هذا البيان سيبعد هذا الجندى الأمريكى عن تشخيص "الجنون" وسوف يثبت دافع القتل لدى الجندى الأمريكى، لكن الأمر كالعادة يعكس تحالف الصحفيين وقادة الجيش الأمريكيين لإظهار هذا الجندى فى صورة "المسكين الذى لم يكن على وعى بما يفعل". أشار فيسك - فى ختام مقاله - إلى أن البريطانيين لديهم مذابحهم الخاصة بهم أيضا كما حدث فى القرية الماليزية ، حيث قام الحراس الاسكتلنديين أثناء معركة مع المقاتلين الشيوعيين بقتل 24 عامل مطاط عام 1948 ، كما أن البعض يمكنه أن يقول إن الفرنسيين فى الجزائر كانوا أسوأ من الأمريكين فى أفغانستان ، حيث "اخفوا" 2000 جزائرى فى ستة أشهر ، إلا أن هذه جدلية خاطئة كمن يقول إننا أفضل من صدام حسين ، مؤكدا أنه ليس من الشجاعة والالتزام والأخلاق على الإطلاق أن تقتل بهدف الإنتقام.