تمكنت المقاومة الصومالية من تحقيق وعودها في أعقاب انسحابها التكتيكي من المواجهة المباشرة مع قوات الاحتلال الإثيوبي المدعومة أمريكيا حيث كثفت مؤخرا عملياتها الهجومية ضد قوات الاحتلال والقوات الحكومية العميلة . وشهدت العاصمة الصومالية مقديشو خلال الأيام الأخيرة أكثر المواجهات حدة بين الجانبين أسفرت عن إسقاط المقاومة لصومالية لمروحية تابعة لقوات الاحتلال. وقال شهود عيان إن المروحية من طراز "إم آي – 24" وقد تعرضت لقذيفة أثناء قيامها بقصف مواقع للمقاومة الصومالية . وأوضح الشهود أن الجيش الإثيوبي استخدم دبابات ومروحيتين في قصف مواقع بالعاصمة الصومالية وأن إحداهما تحولت إثر إصابتها بالصاروخ إلى كرة من اللهب ثم هوت على بعد نحو 500 متر من قاعدة القوات الأوغندية قرب مطار مقديشو. وقال مسئول في مطار مقديشو إن جميع ركاب الطائرة قد لقوا مصرعهم فيما أشار أحد مسئولي القوة الأوغندية إلى أن طاقم المروحية كان مكونا من ضابطين لقيا مصرعهما. ويأتي إسقاط المقاومة للمروحية في إطار المواجهات المستعرة حاليا بين المقاومة والاحتلال والتي أسفرت عن مقتل حوالي 21 جنديا جنود الاحتلال الإثيوبي خلال اليومين الماضيين وهي التي اعتبرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأعنف منذ 15 عاما. كما أعاد إسقاط المروحية وسحل الجنود الإثيوبيين الذين قتلوا في معارك الأسبوع الماضي إلى الأذهان مشهد إسقاط مروحيتين أميركيتين بمقديشو عام 1993 ما أدى إلى مقتل 19 من الجنود الأميركيين وكان السبب الرئيسي في انسحاب قوات الاحتلال الأمريكي من الصومال في مارس 1994. من جانبه قال حسن عثمان أحد مسئولي المحاكم الإسلامية التي تقود عمليات المقاومة ضد الاحتلال - بحسب وكالة رويترز - إن عناصر المقاومة يحاصرون القوات الإثيوبية في مقديشو مشيرا إلى أن الإثيوبيين لم يعودوا يسيطرون سوى على إستاد العاصمة فقط. وردا على الخسائر الكبيرة التي منيت بها قوات الاحتلال قامت القوات الإثيوبية بشن هجمات موسعة على مواقع زعمت أنها تابعة لعناصر المقاومة الصومالية . وقد أدى هجوم قوات الاحتلال إلى تدمير العديد من منازل المواطنين الصوماليين في المناطق الجنوبية من العاصمة بسبب قصف الإثيوبيين والقوات الحكومية للمنازل دون تمييز. كما زعمت إثيوبيا أنها قتلت حوالي 200 من عناصر المقاومة إلا أن الوقائع على الأرض تشير إلى أن القوات الإثيوبية لم تحقق أية انتصارات تُذكر على المقاومة حيث فقدت القوات الإثيوبية السيطرة على جميع المناطق في العاصمة مقديشو ولم تعد تسيطر إلا على منطقة الإستاد. وقد دعا القائد العسكري للمحاكم الإسلامية الشيخ حسن ضاهر عويس إلى الدفاع عن مقديشو ضد الهجمات اليومية التي تقوم بها قوات الاحتلال على مواقع المقاومة ومنازل المدنيين مؤكدًا أن الصومال تحت الاحتلال ما يعطي الشعب الحق في المقاومة. وانتقدت الأممالمتحدة العمليات التي تشنها قوات الاحتلال ورفضت المبررات التي ساقتها إثيوبيا لتبرير العمليات بأنها تأتي لنزع أسلحة المقاومة. وقال فرانسوا عن فال المبعوث الدولي للصومال – بحسب وكالة الأنباء الفرنسية - إن الأممالمتحدة تعتقد أن القوة ليست أفضل طريقة لنزع السلاح في مقديشو معبرًا عن أسفه لسقوط قتلى بين المدنيين في الصومال. ويأتي هذا القتال بعدما نقضت قوات الاحتلال الإثيوبي الاتفاق الذي وقعوه مع عشيرة الهوية الصومالية وهو الاتفاق الذي يقضي بعدم مشاركة الإثيوبيين في أية عمليات ضد أهالي العشيرة مقابل وقف العشيرة عملياتها ضد الاحتلال وإطلاق سراح الجنود التابعين للحكومة الانتقالية الأسرى لديها إلا أن الإثيوبيين نقضوا الاتفاق وشاركوا في عمليات ضد معاقل المقاومة ومن بينها معاقل لعشيرة الهوية الأمر الذي أسفر عن تجدد القتال مرة أخرى. وقد أدت الموجهات الراهنة في مقديشو إلى نزوح حوالي 12 ألفا خلال الأسبوع الأخير وفق أرقام المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وقال وليام سبيندلر المسئول في المفوضية إن حوالي 57 ألف شخص قد نزحوا من العاصمة منذ فبراير الماضي بسبب المعارك. وذكر أن الكثيرين ممن فروا قد توجهوا إلى منطقة شبيلي في الجنوب أو جلكاعيو حيث يواجهون العديد من المخاطر الأمنية من بينها القتل أو التعرض للاغتصاب والتحرشات من جانب ميليشيات أمراء الحرب والعصابات. وأضاف أن غالبية اللاجئين يعانون من نقص في المواد الغذائية والعديد من الأمراض من بينها الإسهال مشيرا إلى أن الذين يصلون هم في أغلب الأحيان معدمون ويعتمدون في إعالتهم على أشخاص آخرين. هذا وقد أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن انزعاجه من اندلاع المواجهات الأخيرة مضيفا أنه يشعر على نحو الخصوص بالقلق من استخدام الضربات الجوية وإدخال الدبابات والمدفعية الثقيلة إلى المناطق المأهولة بالسكان من المدينة. بينما قال رئيس الحكومة الانتقالية – الموالية للاحتلال - علي محمد جيدي إن الخطط الخاصة بعقد المؤتمر العام للمصالحة الوطنية في أبريل المقبل لا تزال قائمة مشيرا إلى أن الاستعدادات جارية على قدم وساق. وقد شهدت مقديشو عودة لنشاط أمراء الحرب بعد خروج قوات المحاكم الإسلامية من العاصمة نهاية العام الماضي إثر سقوطها في يد الاحتلال الإثيوبي الذي دخل بدعوةٍ من الحكومة الانتقالية الصومالية ودعمٍ أمريكي، لتعود الفوضى من جديد إلى العاصمة بعدما كانت المحاكم قد نجحت في فرض النظام القضائي والأمني والإداري في المدينة مما جعل مقديشو تعيش تحت سيطرة قوة واحدة للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب الأهلية في العام 1991م بعد سقوط نظام الرئيس السابق محمد سياد بري على يد أمراء الحرب.