يتفنن نظام العسكر بقوانين لم يتم عرضها أو تطبيقها فى أى مكان بالعالم، فشروط صندوق النقد هى المحرك الرئيس بلا شك لسرعة خروج تلك القوانين المجحفة التى لا تتناسب مع البيئة المصرية، ولا أى بيئة آخرى، فلم يثبت حتى الآن نجاح روشتة صندوق النقد الدولى فى النهوض بأى دولة، لكن نظام العسكر الذى يعلم ذلك جيدًا مستمر فى مخططه بإهانة الوطن وأبنائه ونهب خيراته المتبقية. فقانون الاستثمار الجديد ينص بشكل كبير على أن كل ما يتركه العسكر ولا ينهبوه، يكون من حق رجال الأعمال والمستثمرين ينهبو منه وبشكل قانونى كيفما شاؤو، وعلى رأس تلك الغنيمة، مجهودات العمال المصريين. الدين الداخلى أصبح خارجيًا ! هذا ليس كل شئ، بل إن توغل المستثمر الاجنبى دخل من منطقة أكثر خطورة، وهى سندات الخزانة التى تطرحها المالية يوميًا، والتى تعد نوع من أنواع الدين التى يحتسبها النظام داخلى، لكن بمراقبة الواقع وجنسية المستثمر فى أذون الخزانة نجدها ديون خارجية. وبينما ينظر المسؤولون بعين الإعجاب لزيادة استثمارات الأجانب في أذون الخزانة، واعتبارها نتيجة لتحرير سعر الصرف الإضافة إلى أمور أخرى، فإن خبراء الاقتصاد يحذرون من تزايد تلك الاستثمارت خطورتها على الاقتصاد والسياسة النقدية المصرية، واعتبروها شكلا جديدا من أشكال "الاحتلال الاقتصادي".
ويرى الخبير المصرفي، أحمد آدم، أن ارتفاع نسبة استثمارات الأجانب بالدين المحلي يحوله إلى دين خارجي بما له من تأثيرات وتداعيات سلبية على القرارات السيادية لمصر، حيث أنه يعطي فرصة كبيرة للتآمر الاقتصادي على مصر، في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة من أحداث.
وأكدت دراسة أعدها الخبير المصرفي، مؤخرا، أن الاستثمارات الأجنبية شديدة الحساسية وسريعة رد الفعل بالانسحاب من داخل البلاد وهو ما قد يؤدي إلى ضغوط كبيرة على سعر صرف الجنيه وعلى سوق الصرف المصري التي لم تستقر حتى الآن.
ووفق بيانات البنك المركزي، بلغ صافي مشتريات الأجانب في أذون الخزانة المصرية 686.7 مليون دولار في النصف الأول من العام المالي الجاري 2016/2017، مقابل صافي مبيعات 38.3 مليون دولار في نفس الفترة.
وقال المحلل الاقتصادي المصري هشام إبراهيم، إن الأثر السلبي لاستثمارات الأجانب في أذون الخزانة، نابع من كونها ليست استثمارات تدفع عجلة النمو، ولا تشكل قيمة مضافة على الاقتصاد المحلي"، مؤكدًا أن الأذون هي طوق نجاة مؤقت ومتاعب طويلة المدى.
قانون الاستثمار.. مالم ينهبه العسكر ينهبهُ المستثمر الأجنبى وبالتزامن مع تلك الخطوات الكارثية التى ذكرناها عن الدين الداخلى الذى يشتريه المستثمرين الأجانب، نجد أن هناك كارثة أكبر وتقنين بشكل أوضح لما يفعله رأس المال ببلادنا، والذى تلخص فى قانون الاستثمار الجديد، الذى يجعل المصريون مجرد هوامش في وطنهم، وهو ما حذّر منه خبراء حيث يمنح القانون المتوقع تمريره قريبا، امتيازات واسعة للمستثمرين بالمسودة الأخيرة للقانون، تعود بالضرر على نحو 5 مليون مصري على صلة مباشرة بالعمل في هذا المجال.
وتنص المادة 15 في المسودة النهائية لمشروع قانون الاستثمار، التي وافق عليها مجلس الوزراء بنهاية ديسمبر الماضي، على أن "تكفل الدولة معاملة المستثمر الأجنبي معاملة مماثلة لتلك التي تمنحها للمستثمر الوطني"، لكنها تضيف أنه "يجوز استثناءً بقرار من مجلس الوزراء تقرير معاملة تفضيلية مراعاة لبعض الاعتبارات الخاصة لمتطلبات الاقتصاد الوطني أو الأمن القومي، أو طبقاً لمبدأ المعاملة بالمثل". ورأى مجلس الدولة أن تلك المادة قد تشكل إخلالًا بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص المقررين بموجب المواد أرقام 4 و9 و27 من الدستور.
كما تمنح المادة (53) من القانون، المستثمر "الحق في الحصول على العقارات اللازمة لمباشرة نشاطه، أو التوسع فيه، أياً كانت جنسية الشركاء أو المساهمين أو محل إقامتهم أو نسبة مشاركتهم أو مساهمتهم في رأس المال، وفقاً لأحكام التصرف في العقارات المنصوص عليها في القانون"مما سيفتح المجال لتملّك جنسيات إسرائيلية أو إيرانية مثلاً واستقدامها نسبة من العمالة من بلدانها، للعمل على داخل مصر، وتقاضي رواتبها بالعملة الصعبة".
أيضاً ومن ضمن كوارث ذلك القانون إلغاء المناطق الحرة والذي سيتسبب في إغلاق 223 منطقة صناعية، يعمل بها نحو 73 ألف عامل مصري، تبلغ تكاليف مشروعاتها الاستثمارية نحو عشرة مليارات دولار.
وأدرج قانون الاستثمار الجديد المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وشملها بأحكام القانون الجديد، وهذا خطأ واضح، ذلك أن هذه المشاريع ذات رؤوس أموال لا تؤهلها لأن تندرج تحت احكام قانون الاستثمار، حيث إن رأس مال المشروع الاستثماري 20 مليون جنيه على الاقل، وبذلك سوف يكون هناك عبء كبير على هيئة الاستثمار في التعامل مع هذه المشاريع لكبر عددها ، والذي يتجاوز 2.5 مليون مشروع حسب الاحصائيات المصرح بها من وزارة الصناعة.
كما يُسقِط مشروع القانون الجديد كلمة "الأراضي" من المواد الخاصة بتصرف الدولة في أصولها، وهي المواد 53 إلى 67، ويكتفي بالعقارات. ولم يذكر المشروع الجديد الآليات المتخذة لتخصيص الأراضي أو أشكال تقنين عملية تخصيص الأراضي. وعلى الرغم من ذلك يجيز مشروع القانون في المادة 36 تخصيص الأرض مجانًا (بدون تحديد حق انتفاع أم تأجير أم تمليك) للمشاريع الاستراتيجية أو رد نصف قيمتها للمشروع الصناعي إذا بدأ الإنتاج خلال عامين من تسليم الأرض...وهو ما يجعل مصر كلها ملكا لمن يدفع بغض النظر عن الجنسية.
فيما جاء الإعفاءات الضريبية للمستثمرين على رأس العيوب التي أجمع عليها خبراء الاقتصاد معتبرين انها ليس حافزا للاستثمار، بل تضر الاقتصاد وإهدار للمال العام، ونص القانون في مادة 30 على "تعفى من ضريبة الدمغة ومن رسوم التوثيق والشهر عقود تأسيس الشركات والمنشآت وعقود التسهيلات الائتمانية والرهن المرتبطة بأعمالها، وذلك لمدة خمس سنوات من تاريخ قيدها في السجل التجاري ولو كان سابقاً على العمل بهذا القانون".