يندرج موضوع تأمين الغذاء من أولويات الشعب المصرى وخاصة الاكتفاء من القمح الذى يشكل المكون الأكبر فى رغيف الخبز الذى يشكل بالتالى جزءا هاما من طعام المصريين. وقد ناقشنا فى الحلقات السابقةالدور السلبى للحكومات السابقة والنظام السياسى البائد فى هذا الشأن، وبعد أن غربت شمس هذا النظام وشروق شمس ثورة يناير فلنتحمل المسؤلية ولنسمع تشخيص علماؤنا و خبراؤنا للمشكلة و الحلول الممكنة لها.
- أولا :يبلغ إنتاج مصر من القمح هذاالعام نحو 8 مليون طن، من زراعة 3.1 مليون فدان، علماً أن الاستهلاك السنوي يبلغ 14 مليون طن على الأقل، بمعنى أن مصر تحقق 57 في المئة من الاكتفاءالذاتي ويتزايد تبعاً للزيادة السكانية. ولسد الفجوة، لا بد من مضاعفة المساحةالمخصصة لزرع القمح بالتوافق مع الزيادة السنوية المطردة في عدد السكان. علماً أناستهلاك الفرد منه يتراوح من 180 الى 200 كيلوغرام في السنة، بحيث تحتاج مصر إلىزيادة المساحة المخصصة لزراعته بمعدل 70 ألف فدان سنوياً
ماذا يقول علماؤنا عن أسباب المشكلة؟ . سأ سرد هنا أراء العلماء التى وصلت اليها دون انتقاء أو حتى ترتيب أملا أن تكون مجرد فاتح للشهية للعلماء، الذين بح صوتهم دون أن يسمع لهم أحد، أن يطرحوا اراءهم ونتائج خبراتهم، فاليوم هويوم البناء بعد أن حطمنا كثيرا من معاول الهدم. فيا علماء مصر ان الفرصة مواتية الان لننقذ مصرولنؤمن قوت شعبنا و لنكبل البقية الباقية من عناصر الفساد. أستحلفكم الله أن تقولوا قولتكم لوجه الله ولرفعة الوطن.
فهذا ما لدى من معلومات وأنتظر منكم المذ يد
- ان أزمةالقمح تتمثل في ندرة الأراضي الزراعية ومحدودية المياه. فحصة مصر من الأخيرة 55.5بليون متر مكعب تتأمن من خارج أراضيها، فهي دولة مصب، وليس دولة منبع، إلى جانبتفتيت المساحة المزروعة، ما يضع البلد في مواجهة أزمة إستراتيجية. والمعروفأن دولاً عدة كانت تستورد القمح، أصبحت مصدرة له بعد أن حققت اكتفاءها الذاتي، مثلالهند والصين وروسيا، والآن تحولت مصر إلى أكبر دولة مستوردة في العالم، ما يمثلخطورة اقتصادية لها. - كما أن وجود ألغام على الساحل الشمالي الغربي، تعود إلىالحرب العالمية الثانية من دول الحلفاء وألمانيا، ويخص بريطانيا وحدها 60 في المئةمن الألغام. وتساءل عن مسؤولية نزعها فعددها نحو 20 مليوناً، كلفة نزع الواحد 300دولار. ووجود هذه الألغام فوق مساحة واسعة، يعرقل الزراعة على المصريين ويقلص فرصتحقيق الاكتفاء الذاتي. - ولأن القمح محصول استراتيجي يستخدم كورقة ضغطللتأثير على القرار السياسي وتهديد الأمن القومي، يقدّر محللون اقتصاديون وجود مخططلعدم تحقيق الاكتفاء الذاتي منه، ويوضحون أن اتفاقات المنح والقروض التي تقدمهاواشنطن، تنص على ألا تستخدم في كل ما من شأنه تحقيق الاكتفاء الذاتي لمصر من القمح. - ان من أسباب أزمة القمح في مصر، تفتيت المساحاتالزراعية وعدم القدرة على استخدام الآلات الزراعية فيها وتآكل الأراضي الزراعيةبسبب الزحف العمراني أو عن طريق التجريف، التعدي على الأراضي الزراعية وتجريفها جريمة فى حق البلد وينبغي على الحكومة ألا تتهاون مع مرتكبيها وأبرز الحلول هو نقل الناس إلى أراضي جديدة ونوسع الرقعة العمرانية فى الصحراء.
المزارع المصري محروم حتي من الدعم البسيط الذي كان يحصل عليه ولا وجهللمقارنة بينه وبين المزارع الأمريكي أو الأوروبي لأن هذه الدول تدعمالمزارع في كل الاتجاهات سواء في الانتاج المباشر أو في التصدير أو عن طريقشراء المنتجات. يجب أن توفر الدولة للفلاح كل ما يلزمه من مبيدات جيدة وصالحة وتقاوي وبأسعار معقولة ويجب أن تحل الدولة محل الوسيط أو التاجر الذى يستغل الفلاح ويأخذ نتيجة عمل الفلاح لنفسه وأن تحول الدولة دون وجود حلقات وسط بينها وبين الفلاح وتشتري من الفلاح مباشرة.
- عجز سياسات التصنيع عنالمساهمة الجادة في تطوير الزراعة وتحديثها، وتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعي بكلفةمناسبة، فهي لا تزال تمثل عبئاً ثقيلاً على الإنتاج من ناحية وانخفاض إيراد المزارعمن ناحية أخرى. التصنيع الزراعي هو الملجأ الوحيد لرفع القيمة المضافة للانتاج الزراعي. - السياسة الزراعية تراجعت في الفترة الأخيرة شأن الاقتصاد وهذا يأتي نتيجةإلي أن كل وزير يأتي بفلسفته الخاصة ولا وجود للفلسفة العامة. - يتعرض حوالى 20 في المئة من القمح المخزن في الصوامع، للتلف خصوصاً أنها مكشوفة، ولا بد من مراعاة طرق التخزين السليمة. - نخسر 1.3مليون طن قمح خلال المراحل الإنتاجية المختلفة .
- أن الطاقةالاستيعابية للصوامع في مصر لا تكفي حاليا لتخزين أكثر من 3 ملايين طن قمحوهو ما يمثل مشكلة لزيادة الاحتياطي الاستراتيجي من القمح خاصة وانه منالمحاصيل التي يمكن تخزينها لمدد طويلة باستخدام تكنولوجيات حديثة تحافظعلي سلامة المحصول خلال عمليات التخزين حتى مراحل التصنيع. - إن قضية استيراد القمح يجب أن تكون من اختصاص الدولة فقط وألا يتدخل القطاع الخاص فى مثل هذه الأمور.
- أهم الأسباب أننا أهملنا أفريقيا تماما وبالذات دول حوض النيل والذى أدى الى الانتقاص من الدور الريادى فى مصر والى تسلل بعض القوى الاقليمية الأخرى الى هذه الدول متبنية اجنداتها الخاصة والتى فى كثير من الأحوال تتعارض مع مصالح مصرالعليا بل فى كثير من الحيان تتبنى استرايجية عدائية لمصر مثل ما يقوم به العدو الصهيونى فى هذه الدول. و انى أحمل الحكومات المصرية السابقة ووزارة الخارجية تحديدا هذه المسؤلية، ليس هذا فقط بل أن لعلاقات المصرية العربية ليست علي ما يرام وهو أعاق قيام اسوق العربية المشتركة و التعاون المصرى السودانى فى الزراعة وخاصة القمح مما يعود على البلدين و الدول العبية الأخرى با لرخاء.
هذه هى المشكلة و تلك هى لأسبا ب وقد يكون هناك أسباب أخرى ولكنى أؤكد أن هذه المشكلة ليست بأى حال من الأحوال بعاصية عن الحل و خا صة أن مصر تملك من العلماء الكثير ممن يملكون الحلول العلمية التى أهملت سابقا و بعد سطوع شمس الثورة سترى النور و هو ما سنتناوله لاحقا. والله أكبر والعزة لمصر
* الأستاذ بكلية علوم الأزهر وعضو المكتب السياسي بحزب العمل