بالعقل وبالمنطق وبالارقام تحتاج مصر إلى زراعة ثلاثة ملايين فدان جديدة لتحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح. الحسبة ببساطة تقول إن متوسط إنتاجية الفدان الواحد تبلغ ثلاثة أطنان ويبلغ استهلاك مصر من القمح ما يقدر ب14 مليون طن، بينما لا يزيد الانتاج على خمسة ملايين طن سنويا . لكن يبدو أن حسبة الدكتور ايمن ابو حديد وزير الزراعة تختلف تماما . إنه يعتبر استهلاك مصر من القمح لا يزيد على 9 ملايين طن هى اجمالى ما يتم استخدامه فى انتاج الدقيق 82 الخاص بالخبز البلدى المدعم، وهو بذلك يستبعد 1،3 مليون طن احتياجات انتاج الخبز الطباقى 76%، ويتجاهل نحو ثلاثة ملايين طن أو أكثر لاحتياجات مخابز الفينو والحلويات والمخبوزات . فضلا عن ذلك فإن فكرة زيادة انتاجية الفدان عن طريق جينات وراثية فكرة غير واقعية ولها كثير من المخاطر الصحية . كان الحلم أن يتم تحقيق الاكتفاء الذاتى فى القمح عن طريق زيادة المساحة المنزرعة من القمح واستصلاح أراضٍ جديدة فى مناطق صحراوية، وقدم بالفعل عدد من المصريين بالخارج مشروعا مكتمل الملامح لاستصلاح نحو 500 الف فدان قمح بشرق العوينات وسيناء والنوبارية . وعرض مقدمو المشروع تحمل كافة تكاليف المشروع والتعهد باستخدام الاراضى المخصصة لهم فى زراعة القمح تحديدا بهدف زيادة الانتاج والحد من الواردات . تم عرض المشروع يوم 7 مايو الماضى ورغم طول فترة الدراسة من جانب وزارة الزراعة فإن قرار الوزير جاء مخيبا للآمال ومحبطا حيث قرر تخصيص ثلاثة آلاف فدان فقط لزراعة القمح تخوفا مما اعتبره غموضا حول المشروع المقدم . وفى واقع الامر فإن ثلاثة آلاف فدان من القمح لا تعنى شيئا لدولة تستهلك مخابزها المنتجة للخبز البلدى وحده كل شهر نحو 750 الف طن دقيق . ومن جانبه أكد على شرف الدين رئيس غرفة صناعة الحبوب ل " بوابة الوفد " أن الفارق الكبير بين استهلاك وانتاج القمح يجعل مصر دائما معرضة لخطر التعرض للضغوط السياسية من جانب الدول، ولاستنزاف مواردها المالية . وقال إننا مطالبون بضرورة التوسع فى استصلاح أراضٍ زراعية بأى صورة لتحقيق الاكتفاء الذاتى ولو فى القمح المخصص للخبز البلدى والذى يتطلب منا نحو 9 ملايين طن سنويا لا ننتج منه سوى خمسة ملايين طن . وأوضح أن تأمين رغيف الخبز مطلب ضرورى فى ظل تقلبات الاسواق العالمية وامكانية التعرض لأزمة عالمية بسبب تقلبات المناخ او استخدام القمح فى استخراج الوقود . وضرب مثلا بما جرى خلال العام الماضى عندما اعلنت روسيا وقف تصدير القمح وسادت حالة من الارتباك فى السوق المصرية وسعى المستوردون للاستيراد بأى سعر . وكشف مصدر مسئول بهيئة السلع التموينية – رفض ذكر اسمه – أن كلام وزير الزراعة حول تحقيق اكتفاء ذاتى اعتمادا على تحديث جينات وراثية كلام غير علمى لأن متوسط انتاجية الفدان فى مصر تبلغ نحو 18 أردب، وفى بعض مناطق الصعيد يصل الانتاج الى 24 أردب. ولا يمكن أن يتجاوز انتاج الفدان ذلك الرقم باستخدام أى جينات وراثية لأن أعلى انتاجية هى 24 أردب للفدان . فضلا عن مخاطر استخدامات الهندسة الوراثية على الصحة العامة . كذلك يدعى وزير الزراعة- والكلام مازال للمصدر المسئول - أن مصر قاربت على تحقيق الاكتفاء الذاتى فى القمح بتصور أن لدينا 3،2 مليون فدان منزرعة قمح وان متوسط انتاجية الفدان تقترب من ثلاثة أطنان بمعنى أننا ننتج نحو 9 ملايين طن وهذا كلام مغلوط لأن ارقام العام الماضى تشير الى أن ما تم زراعته بالفعل لم يتجاوز 2،5 مليون فدان . واذا قلنا أن ما يدخل بالفعل الى هيئة السلع التموينية لا يتجاوز بأى حال 5،5 مليون طن سنويا لأن كثير من الفلاحين يستخدمون جزءا من القمح المزروع لديهم، فضلا عن تحول كثير منهم لزراعة البنجر الذى يحقق ربحا أعلى . وقال المصدر بالهيئة إن تكلفة استيراد القمح بمعرفة هيئة السلع التموينية تجاوزت خلال العام الماضى 13 مليار جنيه، وذلك بخلاف القمح الذى تم استيراده بمعرفة القطاع الخاص لمخابز الفينو والحلويات والمخبوزات . ومن المعروف أن مصر هى أكبر دولة مستهلكة للقمح فى العالم إذ يبلغ متوسط استهلاك الفرد نحو 163 كيلو جراما سنويا، بينما يبلغ المتوسط العالمى للاستهلاك نحو 36 كيلو جراما فقط . وتلزم الاشارة الى أن القمح سلعة من السلع الغذائية الاساسية ويبلغ متوسط الانتاج العالمى نحو 670 الف طن . والقمح نوعان من حيث التوقيت قمح شتوى وينتشر فى المناطق المعتدلة والدافئة ويشكل نحو 75 % من جملة القمح المزروع، وهناك قمح ربيعى يزرع فى المناطق الباردة . والقمح نوعان من حيث الملمس قمح صلب يزرع فى الجهات الأقل مطرا ويتميز بارتفاع نسبة البروتين وسهولة النقل والتخزين، وهناك نوع طرى يزرع فى الجهات الأكثر مطرا وهو الذى تستورده مصر فى الغالب . وتعد الصين اكبر منتجا للقمح فى العالم إذ يصل حجم الانتاج الى نحو 110 ملايين طن وتليها الهند بانتاج يبلغ نحو 75 مليون طن، وتأتى الولاياتالمتحدة فى المرتبة الثالثة بنحو 55 مليون طن ثم تليها روسيا فى المرتبة الرابعة ثم فرنسا وباكستان والمانيا وكندا ثم كازاخستان واوكرانيا والارجنتين وايران .