اختتمت مساء الأربعاء الخامس من شهر اللهالمحرم لعام 1428ه الموافق للرابع والعشرين من شهر يناير لعام 2007م فعاليات مؤتمر(تعظيم حرمات الإسلام) بالكويت ،وقد حضره جمع من علماء الأمة ودعاتها ومثقفيها،لتداول الآراء حول ظاهرة التطاول على حرمات الإسلام، والبحث عن أسبابها ودوافعها،واقتراح سبل مواجهتها والحد من آثارها. وقد تناول المؤتمر مظاهر الاستهانة بدين الإسلام ورموزه وحرماته، من بعض الجهات التي لا تدين بالإسلاموتعاديه، أو تنتسب إليه لكن لا تعظم شعائره، ورأى المشاركون أن ردود أفعال العالمالإسلامي تجاه تلك المظاهر تثبت في كل مرة أنهاأمة لا تزال حية الوجدان، يقظة البصيرة، أمام ما يحاك ضد دينها وقرآنها ورسولهاوشريعتها. وإن كانت الظروف والملابسات وتطور الأحداث لا تسمح لها أنتحول احتجاجاتها العارضة، إلى سياسة عامة مستمرة ذات تأثير قويٍ في رد التعدي،ومجابهة التحدي. ورأىالمشاركون في المؤتمر أنه وعلى الرغم من أهمية العديد من المؤتمرات التي عقدت لبحثالإساءات المتكررة، والبيانات التي صدرت في التنديد بالإساءات، والمظاهرات التيخرجت للتعبير عن المشاعر، فإن الأمر لا يزال في حاجة إلى آليات أكثر تأثيرا، وأوسعبلاغًا.
توصيات المؤتمر • أولاً : حق الأمة الإسلامية في الدفاع عن دينها وحرماتها : يدعم المؤتمر حق جموع الأمة في الدفاع عن عقيدتها وشريعتها بكلالسبل المشروعة سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا، ويدعو إلى استثمار عاطفة الجماهيروتوجيهها نحو الوسائل الأرشد، ويحث المسئولين على التكاتف مع الشعوب الإسلامية فيحماية هويتها وحرماتها وقيمها من حالات التجاوز والتطاول على الثوابت داخل ديارالمسلمين، والتي تعد إحدى أسباب زيادة جرأة بعض غير المسلمين على حرمات الأمةورموزها. • ثانياً : التعدي على الحرمات نقطة فاصلةفي علاقة الأمة بغيرها : يؤكد المؤتمر أن الاعتداء على الثوابتوالشعائر، سواء كان ذلك من الداخل أم من الخارج، يعتبر اعتداءاً على جميع الأمة،تجب الحيلولة دونه. كما أن القيام بهذه الواجبات ينبغي أن يكون فرصة للاجتماعوالائتلاف على القواسم المشتركة بين الإسلاميين على اختلاف بلدانهم وتوجهاتهم. • ثالثاً : الاعتداء على الإنسان المسلم اعتداء علىجموع الأمة : يؤكد المؤتمرون على أن حرمة الإنسان في الإسلام هيمن أعظم الحرمات، ولهذا فإن الاعتداء على أرواح وأعراض وأموال المسلمين هو انتهاكلحرمات الشريعة وحدودها، (والمسلمون يسعى بذمتهم أدناهم)، لذا يطالبون لأجل ذلكبالكف عن الاستهانة بالدم المسلم من المعتدين ومن يساندونهم. • رابعاً : التحرك العملي البناء لحماية حرمات الأمة : مع ما يركز عليه المؤتمر من التأكيد على رفض كل أنواع الإعتداءتجاه عقيدة المسلمين وشريعتهم، فإنه يوصي بتحويل ذلك الرفض النظري إلى تحرك عمليجاد ومستمر على المستويات الرسمية والشعبية، لإظهار أن الأمة الإسلامية لا تقبلالمساس بمقدساتها وحرماتها. كما يرى المؤتمر أن تفعيل جهود المقاطعةالدبلوماسية والاقتصادية والثقافية للجهات المصرة على مواقفها العدائية هو أحدالسبل الناجعة في العلاج. • خامساً : أهمية تضافرالجهود الإعلامية والفكرية والثقافية للتأكيد على مكانة الأنبياء : ينظر المؤتمرون بقلق بالغ لظاهرة انتشار الاستهزاء بأنبياء اللهصلوات الله عليهم في وسائل الإعلام الغربية تحديداً، ومن خلال العديد من المواقعالإلكترونية الغربية، ومن خلال الكثير من الأعمال الفكرية والفنية والثقافية فيالحياة الغربية المعاصرة. وصاحب ذلك تزايد نفس الظاهرة في بعض المنتديات الفكريةالعربية ومن خلال عدد من وسائل الإعلام العربية أيضاً. لذا يوصي المؤتمر أنتتضافر الجهود من أجل الحفاظ على منزلة ومكانة الأنبياء، ولسن الأنظمة الدولية التيترعى حرمتهم، وتصونها من العبث الفكري والإعلامي والثقافي، وأن تكون الأمةالإسلامية في طليعة المطالبين بذلك. • سادساً : إنشاء ودعم مراكز الدراسات المتخصصة في دراسات الاستشراق والغرب : يرى المؤتمر أن الأمة الإسلامية تعاني من ندرة المراكز الفكريةالمتخصصة في التعرف على الفكر الغربي، والقادرة على التصدي للمواقف الفكريةوالإعلامية والثقافية الغربية التي تنال من حرمات الأمة، أو تعتدي على شعائرهاورموزها. لذا يوصي المؤتمر أن تعنى الأمة في المرحلة القادمة بإنشاء العديد منالمراكز الفكرية والإعلامية المتخصصة في فهم الغرب، وفي توجيه دفعة التعامل معالفكر الغربي، ومع المواقف الإعلامية الغربية التي تؤثر على الأمة الإسلامية سلباًأو إيجاباً. كما يرى المؤتمر أهمية إيجاد فريق عمل فكري يوصف أفراده بالعلمالشرعي والاطلاع الفكري على الغرب وامتداداته في بلاد المسلمين لإدارة هذه المواجهةالفكرية بكفاءة. • سابعاً : إصدار دراسات متخصصة فياستراتيجيات الأمة في تحجيم الإساءات الموجهة ضد دينها وحرماتها : إن قسماً كبيرًا من أسباب قلة تأثير مواقفنا المعارضة لتلكالتصرفات المعادية، يعود إلى نوع من القصور يشوب فهم دوافع المعتدين والمتجرئين علىديننا وثوابتنا، وهو ما يؤدي إلى بعض التضارب والتناقض في المواقف. لذا يوصيالمؤتمر باعتبار ما طرح في فعالياته من أفكار ورؤىً وتصورات منطلقاً لمزيد منالتعمق في دراسة تلك الظاهرة ودوافعها وأبعادها، على أن تتحول فيما بعد إلى دراساتشاملة تكشف جوانب الموضوع، وتطرح استراتيجيات التعامل معه. • ثامناً : أهمية تفاعل الحكومات والمؤسسات الرسمية مع بقيةالأمة : يطالب المؤتمر الحكومات العربية والإسلامية،والهيئات والفعاليات السياسية والدبلوماسية، اتخاذ مواقف أصح وأصرح، للتعبير عن دينالأمة وهويتها، إذ لا يعقل أن تكون كثير من ردود الأفعال الرسمية تجاه التدخل فيتفاصيل الشئون الداخلية، أهم وأكبر من اقتحام واستباحة حرمات الأمة كلها من أطرافخارجية أو داخلية، والمؤتمر يعد عدم التفاعل الرسمي من البعض في مواجهة تكرار هذهالإساءات لأمتنا نوعًا من الإخلال بأمانة المسئولية وتكاليف النيابة عن الأمة. • تاسعاً : ضرورة تأكيد مناهج الدراسة في العالم الإسلامي على تعظيم الحرمات،واحترام الأنبياء، والاقتداء بالصحابة رضوان اللهعليهم أجمعين. يتقدم المؤتمر بدعوة إلى وزارات التربية والتعليمفي العالم الإسلامي، وإلى القائمين على مسيرة تطوير مناهج التعليم في الأمةالإسلامية للتأكيد على تعظيم الشعائر والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والصحابة رضيالله تعالى عنهم من خلال البرامج التعليمية التي تربي الأجيال الناشئة من الأمة علىتعظيم حرمات الإسلام. • عاشراً : دعوة وسائلالإعلام في الدول العربية والإسلامية إلى تعظيم حرمات الإسلام والمسلمين، وعدماستفزاز عموم الأمة بالتطاول على الثوابت : ينكر المؤتمر علىبعض وسائل الإعلام في الدول العربية والإسلامية انسياقها مع الحملات المغرضة فيالتهجم على حرمات الإسلام وشعائره ورموزه، ويوصي بالمواجهة الرسمية والشعبيةالحاسمة لهذه الحملات، ومنع استمرارها بالطرق الشرعية الممكنة. كما يوصي المؤتمرالقائمين على وسائل الإعلام العربي والإسلامي أن يكونوا درعاً للأمة في صد الحملاتالخارجية، وألا يتحول البعض منهم إلى سلاح ضد الأمة بدلاً من أن يكون سلاحاً لها،ويشكر المؤتمر الاخوة التجار الذين تفاعلوا مع جلسات المؤتمر وتكفلوا بإنشاء قناةفضائية خاصة بتعظيم حرمات الإسلام. • حادي عشر : إنشاء لجنة إسلامية قانونية للدفاع عن الحرمات الإسلامية : يوصيالمؤتمر بتكوين لجنة قانونية متخصصة تسعى إلى ضمان عدم التعدي على الحرماتالإسلامية، وتجريم الإساءة إلى ثوابت الدين، والملاحقة القضائية والقانونيةللمتجاوزين من غير المسلمين أو من المنتسبين إلى الإسلام، وتحميلهم المسؤوليةالشرعية، والتنسيق مع اللجان الأهلية والحكومية العاملة في المجال نفسه من أجلتوحيد الجهود وتعزيزها. وقد بادر بعض القانونيين في كلية الحقوق في الكويتبتقديم مشروع متكامل في هذا الصدد . • ثاني عشر : التركيز على الجهود الدعوية الرامية إلى تعريف الغربيين بالإسلام : يؤكد المؤتمر على أهمية الجهود الدعوية في الدفاع عن حرماتالأمة عن طريق تعريف الغربيين بالإسلام من خلال البرامج الإعلامية والفكريةالموجهة، والقنوات الفضائية المتخصصة في مخاطبة الغرب، والتركيز على مخاطبتهمبالأساليب الدعوية المناسبة للشخصية الغربية. • ثالث عشر : أهمية دور الجاليات الإسلامية في الغرب : يوصيالمؤتمر بالاستفادة من الجاليات المسلمة في الغرب كخط دفاع أول في مواجهة ظاهرةالتطاول. كما يدعو المؤتمر إلى دعم الجاليات والتواصل معها والحرص على وحدة كلمتهاوتنسيق جهودها، ودعوتها إلى التركيز على نشر الإسلام بصورته المشرقة. • رابع عشر : الاهتمام بجوانب الآداب والفنون لمواجهة ظاهرةالتطاول على حرمات الإسلام : يرى المؤتمر أن ظاهرة التطاولعلى الإسلام وحرماته قد استغلت بعض مجالات الآداب والفنون، وأن التصدي لها يقتضيتشجيع العاملين في المجالات الأدبية والفنية في العالم الإسلامي لتوظيف تلكالمجالات واستخدمها في الدفاع عن الإسلام وتعظيم حرماته وشعائره. • خامس عشر : مطالبة المنصفين من عقلاء الغرب بالإعلان عنمواقفهم : يطالب المؤتمر قادة الرأي وصناع القرار في الغرببتحري الموضوعية والإنصاف فيما يتعلق بقضايا العالم الإسلامي الحضارية. ويرىالمؤتمر أن تخلف العقلاء من قادة الفكر والرأي في الغرب عن ذلك قد يعد تأييداًلمواقف المعتدين. وقد تم تشكيل لجنة من بعض حضور المؤتمر لإعداد رسالتين : الأولى موجهة إلى قادة الغرب ومفكريه، أعدت مسودتها الأولى بعنوان : ( موقفنا منتجاوزاتكم) ، ولا زالت في مرحلة الصياغة، والثانية : موجهة إلى بابا الفاتيكان لردافتراءاته الأخيرة . • سادس عشر : على أهمية عقدورش عمل حول التوصيات، وتحويل نتائج المؤتمر إلى خطط وبرامج عملية : يوصي المؤتمر بالتنسيق والتكامل بين المؤسسات الإسلامية العاملةفي هذا الشأن، ويعتزم منظمو المؤتمر – بإذن الله – عقد ورش عمل لتحويل التوصياتالخاصة بالمؤتمر إلى برامج عملية تساهم في الحد من هذه الظاهرة، وتتكامل مع قراراتوتوصيات المؤتمرات الإسلامية السابقة. • سابع عشر : تكوين لجنة خاصة بمتابعة توصيات المؤتمر من اللجان المنظمة. ختاماً : يحث المؤتمر العلماء والمصلحين على تربية أبناء الأمةعلى التفاؤل والإيجابية والاعتزاز بالهوية وتعظيم النصوص الشرعية والوقوف عندحدودها. ونسأل الله عز وجل أن يعز دينه وينصر أولياءه، ويبارك في هذا الجمعالمبارك. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآلهوصحبه وسلم.