حمّلت منظمة حقوقية "القوات الأمريكية الموجودة في العراق قدراً كبيراً من المسؤولية" عن محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين وعملية إعدامه وتوقيتها و"ما صاحبها من خروق"، معتبرة أنّ "الملابسات المروِّعة" لإعدامه تشكل "صدمة للضمائر الإنسانية وللمسلمين والمسيحيين". فقد حذّرت منظمة "أصدقاء الإنسان الدولية" المدافعة عن حقوق الإنسان، ومقرها فيينا، من أنّ تنفيذ حكم الإعدام شنقاً، بالرئيس العراقي السابق صدام حسين، السبت (30/12)، "بعد محاكمة لم تخضع لمعايير قضائية وحقوقية معتبرة"؛ قد جاء "صدمة لذوي الضمائر الإنسانية ولمشاعر المسلمين والمسيحيين في أنحاء العالم، وذات وقع أكثر إيلاماً بالنظر إلى الطريقة الوحشية التي أعدم بها وكذلك إلى توقيتها الذي وافق تماماً ساعة بدء الاحتفال بعيد المسلمين الأكبر، وقبل ساعات من العام الجديد الذي يحتفل به المسيحيون".
وأعادت المنظمة الحقوقية إلى الأذهان، في بيان صادر عنها بهذا الشأن، أنه قد داهمت الجميع ذلك الصباح "مشاهد التهيئة لمنصة الإعدام، وإعداد حبل المشنقة، والتحضير لهذه العملية المفزعة على أيدي رجال مقنعين". وأضاف البيان "من بعد جاءت مشاهد الجثمان المسجّى وقد بدت عليه آثار دماء غير اعتيادية. وعندما سرب لاحقاً تسجيل عملية الإعدام عبر الشبكة الدولية واستبان الجو الطائفي المهين الذي صاحب عملية الإعدام فقد أصبح للصدمة وقع أكبر".
وأعربت "أصدقاء الإنسان" عن استغرابها لصدور "صيحات التأييد أو الإقرار الضمني التي سبقت خطوة الإعدام وأعقبتها، وهي مواقف تبدو مستغربة للغاية عندما تصدر عن دول تمنع كثير منها في الأصل عقوبة الإعدام، وتنادي بحظرها عالمياً"، معتبرة أنّ ذلك يثير التساؤلات بشأن "جديّة الالتزام بحقوق الإنسان في عالمنا اليوم وإمكانية أن تخضع الأنظمة العقابية لمعايير مزدوجة على هذا النحو المثير للأسف".
وشددت المنظمة على أنّ "المسّ بالكرامة الإنسانية، وانتهاك مشاعر الناس في تلك الأيام بالذات؛ سلوك مشين ومرفوض بالكلية"، معبرة عن إدانتها لعملية إعدام صدام حسين، وعن "الصدمة التي فجعت الكثير من المسلمين والمسيحيين في أيام أعيادهم التي ينبغي أن تسودها الطمأنينة والسلام"، وفق قولها.
كما حذّرت "أصدقاء الإنسان الدولية" من أنّ "وقوع ما جرى تحت سمع العالم وبصره، وبتصرّف مباشر من الولاياتالمتحدةالأمريكية التي ناهضت بقوة قيام المحكمة الجنائية الدولية؛ إنما يُنذر بفتح الباب أمام مزيد من الممارسات المنافية للعدالة والتي تمعن في انتهاك الكرامة الإنسانية مع إسباغ مسوح قانونية شكلية"، معيدة إلى الأذهان التحذيرات المتوالية التي كانت تصدر طوال الفترة الماضية من جهات حقوقية؛ "بشأن إخلال محاكمة صدام حسين بالمعايير التي تكفل النزاهة والعدالة والتماشي مع حقوق الإنسان".
وأكدت أصدقاء الإنسان في هذا الصدد أنه "من ناحية قانونية تتحمل القوات الأمريكية الموجودة في العراق قدراً كبيراً من المسؤولية عن محاكمة الأسير صدام حسين وعملية إعدامه وتوقيتها وما صاحبها من خروق"، وفق تعبيرها.
وأوردت المنظمة الحقوقية عدداً من الحجج لتعزيز تقديراتها هذه، منها أنّ "دولة العراق لا تتمتع بالسيادة في الوقت الحاضر لأن أراضيها محتلة من قبل القوات الأمريكية والبريطانية، ويعتبر رئيس العراق السابق أسير حرب، ومن المفترض أن يتمتع مع باقي الأسرى في العراق بحماية القوة المحتلة، وهي الولاياتالمتحدةالأمريكية بشكل أساسي".
وتابعت المنظمة لتشير إلى "تأييد الولاياتالمتحدةالأمريكية العلني لإعدام صدام حسين منذ أسره، ما شجع السلطات العراقية الخاضعة لقوات الإحتلال على إصدار حكم الإعدام"، بينما "تعلم القوات الأمريكية مدى النفوذ الذي تتمتع به المليشيات العسكرية الطائفية في وزارة الداخلية العراقية والجيش العراقي"، كما قالت.
وفي معرض تحميلها الجانب الأمريكي المسؤولية عن محاكمة الرئيس العراقي السابق وعملية إعدامه وما يرتبط بها من خروق؛ أضافت المنظمة "كانت القوات الأمريكية تحتجز صدام حسين طول فترة أسره، وهي التي نقلته من سجنه وسلمته إلى وزارة الداخلية العراقية قبل إعدامه بدقائق"، موضحة أنّ القوات الأمريكية قامت بنقل أربعة عشر مسؤولاً عراقياً إلى وزارة الداخلية العراقية لمشاهدة العملية، كما قامت، بشهادات الحضور العراقيين، بتفتيشهم قبل الدخول بحثاً عن مواد محظورة وأجهزة تصوير، ثم نقلت جثمان صدام حسين من بغداد إلى تكريت وسلمته لرئيس عشيرته وأصرت أن يقوم مع نفر قليل بدفنه في الليل، حسب توضيحها.
وزادت المنظمة الحقوقية أنه مما يجعل القوات الأمريكية مسؤولة أيضاً عما جرى؛ أنّ قيادتها لم تعلن ملاحظاتها على الطريقة التي أُعدم بها صدام حسين إلا بعد تسرب تسجيل عملية الإعدام، وأضافت "من المستحيل أن لا تكون تلك القيادة قد اطلعت على ذلك من قبل. وهذا التصرف يذكر بخطوات أمريكية سابقة تتخذ بعد حدوث الإنتهاكات وتسربها إلى الرأي العام"، مشددة على أنّ هذه الأحداث تدل على تدخل القوات الأمريكية بشكل مباشر ورئيس في عملية الإعدام والإعدادات السابقة واللاحقة لها"، على حد استنتاجها.
وانتهت "أصدقاء الإنسان" إلى القول "إننا إذ نسجل استهجاننا الشديد لهذه الانتهاكات؛ نطالب القوات الأمريكية والسلطات العراقية بالحفاظ على حقوق الأسرى في العراق والكف عن انتهاكها والتستر عليها"، مطالبة الطرفين كذلك بعدم تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق الأسيرين العراقيين برزان إبراهيم التكريتي وعواد حمد البندر، وإعطائهم الفرصة للسعي لتخفيف عقوباتهم عبر إجراءات قانونية سليمة"، كما قالت.