أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن انزعاجه الشديد من التقارير الواردة بشأن قيام قوات حفظ السلام في جنوب السودان بارتكاب انتهاكات جنسية واستغلال للسكان، بمن فيهم أطفال، مشيراً إلى أنّ تحقيقاً أجرته المنظمة أسفر عن طرد أربعة من الجنود . وقال بان كي مون إنّ سياسة المنظمة التي تولى أمانتها العامة مع مطلع السنة الجديدة، في هذا الشأن هي عدم التسامح مطلقا مع هذه الأفعال أو مع مرتكبيها، وقال إنّ بعثة الأممالمتحدة في السودان، المعروفة اختصاراً باسم "أونميس"؛ تقوم بالتحقيق في التقارير للتأكد من أنّ هذه المزاعم جديدة أو أنها تشير إلى حالات يتم التحقيق فيها بالفعل .
وأضاف كي مون قائلاً "إنّ سياسة الأممالمتحدة هي التعامل مع مزاعم الاستغلال الجنسي على إنها مخالفات خطيرة ويجب التحقيق فيها من قبل مكتب المراقبة الداخلية ".
وحسب ما أشارت إليه مصادر الأممالمتحدة؛ فإنه يوجد بالفعل مكتب تابع للمراقبة الداخلية في السودان وقد أدت التحقيقات التي قام بها إلى طرد أربعة من قوات حفظ السلام وإرسالهم إلى بلادهم .
وقال الأمين العام للأمم المتحدة إنّ المنظمة "تعمل مع السلطات المحلية والشركاء، بمن فيهم الدول المساهمة بقوات، لضمان التزام موظفي الأممالمتحدة بأعلى درجات المسؤولية ".
وكانت صحيفة بريطانية قد أفادت أنّ جنوداً من القوات الدولية العاملة في جنوب السودان وعاملين مدنيين بالأممالمتحدة هناك؛ يمارسون الفظائع الجنسية بحق الفتيات القاصرات وطفلات لا تتجاوز أعمارهن اثنتي عشرة سنة أحياناً .
فقد جمعت صحيفة "ديلي تلغراف" اللندنية في تقرير لها روايات من أكثر من عشرين فتاة صغيرة في بلدة جوبا، ورد أنّ عاملين مدنيين وأفراداً من قوة الأممالمتحدة لحفظ السلام المرابطة هناك قد أجبروهن على ممارسة الرذيلة معهم .
ويذكر التقرير أنّ المؤشرات الأولية لوقوع الاستغلال الجنسي لفتيات صغيرات في جنوب السودان قد تكشفت خلال أشهر من وصول جنود القوات الدولية للمنطقة في آذار (مارس) 2005، وأنّ صندوق الأممالمتحدة لرعاية الطفولة "يونيسف" قد وضع تقريراً داخلياً يتضمن تفاصيل المشكلة، كما أنّ الحكومة السودانية جمعت أدلة بينها لقطات فيديو لعاملين للامم المتحدة يمارسون الرذيلة مع فتيات صغيرات، ولكنّ الأممالمتحدة لم تعترف علناً حتى الآن بأنّ هناك مشكلة كما لم تقوم بتحقيق في هذه الانتهاكات المريعة التي تضاف إلى انتهاكات شبيهة ثبت تورط القوات الدولية بها في مواقع أخرى من العالم .
وتجيء هذه الإفادات لتلقي بظلال قاتمة على مهمة أكثر من أحد عشر ألف جندي وشرطي من حوالي سبعين دولة ضمن قوات الأممالمتحدة في جنوب السودان، يرابطون هناك بموجب اتفاق سلام جرى إبرامه في مطلع سنة 2005 بين الحكومة السودانية ومتمردي الجنوب .
وقد برزت مشاكل الانتهاكات الجنسية من قبل القوات الدولية سنة 2004، حين كشفت تقارير عن انتهاكات واسعة في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وأعلنت الأممالمتحدة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أنها حققت في اتهامات بحق 319 موظفاً عسكرياً ومدنياً في جميع بعثاتها، وأسفرت عن إجراءات تأديبية بحق 179 جندياً ومدنياً وشرطياً .