تتجه قافلة ( شريان الحياة - 5 ) من لندن نحو غزة المحاصرة، محملة بعدد من المتضامنين وبسلع مهمة لأهل القطاع وخاصة من هم بدون مأوى منذ أكثر من عام ونصف العام. ولسنا ندري حتى اللحظة ما الصعوبات والمشكلات التي ستواجهها، خاصة وأننا نضع في المقدمة ما حصل ( لمرمرة ) وقافلة ( الحرية ) - التركية - في عرض البحر الأبيض المتوسط. جورج جالوي يدفع ثمن مواقفه - في الداخل البريطاني من جانب، كما في خضم تشابك العلاقات الفلسطينية - وحتى العربية من جانب آخر. لكن هذه كلها ينبغي أن تكون دافعا فلسطينيا وعربيا يؤكد التضامن مع نحو مليون وثمانمائة ألف إنسان، والشتاء على الأبواب، والأمراض تزداد تفشيا وخطورة بفعل اضطرار أهالي القطاع لشرب المياه غير الصالحة للشرب كونها مختلطة مع مياه الصرف الصحي وبنسبة وصلت إلى أكثر من 80% ، بحسب إحصائيات دولية من منظمات إنسانية غير عربية ومنها بالطبع الأونروا. لكن ينبغي التنبيه هنا إلى أن الحصار المضروب على أهلنا في القطاع لا يلاقي منا الاهتمام الذي يستحقه.. خاصة بعد أن انهمكنا جميعا تقريبا في متابعة معركة ( التفاوض ) مع الاحتلال - من دون الحصول لا على إجماع عربي ولا على إجماع فلسطيني، وإنما جاء التصرف من قبل رام الله على وفق رؤية أميركية - إسرائيلية فقط، وكان اجتماع وزراء الخارجية العرب قد وافق بشروط لافتة بعد ان حدثت الاجتماعات في واشنطن وشرم الشيخ، وبعد عودة نغمة ضرورة الاعتراف الفلسطيني أولا بيهودية إسرائيل ونسيان أو تناسي مسألة الاستيطان كونها ربما تشكل عائقا أمام استمرار المفاوضات. وجدلية الصورة تمثلها تصريحات عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية بعد أن سبق وأكد موت (عملية السلام) وها هو يحنى رأسه أمام عاصفة الأمر الواقع ويتحدث عن ضرورة وقف الاستيطان ( أو استمرار تجميده) علما أن الاستيطان لم يتوقف لحظة واحدة في الضفة الغربية منذ سنوات.. ماذا عن شريان الحياة بالأحرى أين هي شرايين الحياة العربية؟ من اللاذقية انطلقت سفينة محملة بنحو 650 طنا من المساعدات الإنسانية السورية لأهلنا في القطاع. هذا معلن لكن لماذا تعرقلت سفينة مريم وسفينة ناجي العلي، وما مصيرهما؟ وهل مازالت المحاولات جارية لكسر الحصار عربيا وإسلاميا عن أهلنا في القطاع ؟ وهل للسلطة في رام الله دور ما؟ وإذا لهذه السلطة أي دور فهل هو إيجابي أم هو سلبي؟ أم أنها آثرت اللهاث وراء سراب المفاوضات بالرغم من استمرار تقليص وشفط رقعة الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية وتآكل مساحة مشروع الدولة والى حد أن البقع، لا البقعة، التي يمكن أن يمنحها المحتلون للسلطة لا تساوي 9% من ارض فلسطين، لا رابط بينها، والأمن فيها موكول لجيش الإحتلال كونه سيتمركز في الغور.. وليس ثمة ما يشير إلى إمكانية أو احتمال أن يقدم الاحتلال على تفكيك (بيت) واحد في مستوطنة من مستوطناته في الضفة عموما وفي القدس خصوصا، بعد أن تنازلنا عن التمسك بالشرعية الدولية وقراراتها القاضية برفض الاعتراف بأي تغيير في الواقع الديموغرافي للأرض التي يتم احتلالها بالقوة، والضفة بطبيعة الحال احتلت خلال حرب يونيو 67 . وماذا عن القرارات العربية القاضية بعدم الاعتراف بالحصار والسعي الجماعي العربي لكسر الحصار ؟ لماذا لا توفر دول الجامعة التسهيلات والحماية اللازمين لوصول ( شريان الحياة ) للقطاع ؟ لماذا لا تقول جامعة الدول العربية العتيدة والمفاوض (الفلسطيني العنيد جدا)، لا مفاوضات مع المحتلين إلا بعد وقف الاستيطان وتنفيذ القرارات الدولية بشأنه وبعد فك الحصار عن القطاع بصورة نهائية وتكرار الإقرار بأن حدود دولة فلسطين وفق المفاوضات يجب أن تكون في الأقل كل ارض احتلها الصهاينة في حرب يونيو لعام ألف وتسعمائة وسبعة وستين، وفي مقدمها القدس، وان ذلك لا يشكل حلا نهائيا للصراع لأن ثمة حقوق اللاجئين في العودة والتعويضات وهي حقوق معترف بها دوليا وفي القرار 194؟