عادت إلى الواجهة أخبار إلقاء الأجهزة الأمنية اللبنانية القبض على عدد من المتهمين بالتعامل مع الكيان الصهيونى حيث باتت وسائل الإعلام المحلية تنشر بشكل شبه يومي معلومات عن نجاح القوى الأمنية بضبط عدد جديد من العملاء. وكان آخر هذه الأنباء ما نشرته صحيفة "السفير" عن توقيف أربعة أشخاص في مناطق عدة من محافظة الشمال، بعد توفر معطيات عن اتصالات أجراها المعتقلون مع جهات صهيونية. وترافقت هذه "الإنجازات الأمنية" مع أخرى قضائية كشف عنها القضاء اللبناني تم خلالها إيضاح الأساليب التي ينتهجها الكيان الصهيونى لتجنيد عملاء في لبنان، وطرق التواصل معهم. وتبين من خلال القرار الاتهامي الذي صدر عن قاضي التحقيق العسكري سميح الحاج، بعد تحقيقات أجراها مع متهمين بالتعامل مع الصهاينة، أن الاستخبارات الصهيونية "استمرت بإرسال ضباطها عبر الحدود الجنوبية إلى داخل الأراضي اللبنانية، في الفترة اللاحقة لصدور القرار 1701 وانتشار القوات الدولية". وكشف أيضا عن استخدام الصهاينة "الحدود الجنوبية لنقل عملائهم إلى داخل فلسطينالمحتلة، حيث يدربون ويزودون بالتعليمات الأمنية ثم تتم إعادتهم إلى لبنان من المنطقة ذاتها". وأظهر القرار أن الضباط الصهاينة طلبوا من عملائهم "متابعة ومراقبة تحركات التنظيمات الأصولية في مخيم عين الحلوة، ومواقع وحواجز الجيش اللبناني المنتشرة على طول الخط الساحلي اللبناني، ومراقبة مواقع المقاومة في حرب يوليو". وأكد الخبير الاستراتيجي العميد أمين حطيط أن الجهود المتواصلة لأجهزة الأمن اللبنانية مؤخرا ساهمت في نجاحها بكشف المزيد من شبكات التجسس، إضافة لاستفادتها من نجاحات سابقة، واستغلال حاجة الكيان الصهيونى في هذه المرحلة لتنشيط عملائه وشبكاته، مما سهل من عملية ضبط تلك الشبكات. واعتبر حطيط أن البيئة الأمنية والسياسية القائمة في لبنان اليوم هي أفضل بكثير مما كانت عليه قبل سنتين، لكنها لم تعد إلى المستوى الذي كانت عليه قبل عام 2005. وقال إنه في مرحلة ما بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري كانت يد الصهاينة شبه مطلقة في زرع العملاء وتدريبهم، مما جعل البيئة الأمنية ملائمة جدا لها فكثفت من عملية زرع شبكات العملاء. وأضاف أن هذه الوضعية استمرت حتى عام 2008، لكنها تراجعت عن ما كانت عليه، إلا أنها بقيت مستمرة، في حين أن تغير البيئة والجهد المبذول من الأجهزة الأمنية الرسمية مكن من كشف المزيد من العملاء، خاصة أن الحاجة الصهيونية لحركتهم ونشاطهم كبيرة. ومن جانبه اعتبر الصحفي علي الموسوي أن الجهود اللبنانية لكشف العملاء لم تتوقف، موضحا أن الأجهزة الأمنية كانت تترصد وتتابع شبكات التجسس والشبكات النائمة و"من الطبيعي أن تأخذ عملية القبض عليهم بعض الوقت بانتظار الحصول على المعلومات اللازمة والأدلة". وأضاف الموسوي أن مراجعة دقيقة لعمل الشبكات الصهيونية كشف عن وجود طريق يسلكه العملاء للوصول إلى جهاز المخابرات الصهيونية (الموساد) وهو موجود على الأراضي اللبناني. وقال إن هذا الطريق الذي يمتد من الجنوب إلى شمال فلسطينالمحتلة وضعته القوى الأمنية والمقاومة تحت المراقبة، مما أتاح المجال لإلقاء القبض على بعض العملاء الذين سلكوا هذا الطريق، مضيفا أن ضبط العملاء يستلزم أحيانا وقتا طويلا. واعتبر الموسوي أن الساحة اللبنانية مستباحة ومكشوفة أمنيا، ليس فقط أمام جهاز الموساد، بل كذلك أمام أجهزة أمنية استخبارية أخرى عربية وأوروبية، موضحا أن ذلك يلقي عبئا كبيرا على عاتق الأجهزة الأمنية يتطلب المزيد من الوقت لتطهير الساحة اللبنانية من تلك الشبكات.