يعمل إسلاميو موريتانيا بقوة من أجل الفوز بالانتخابات في بلادهم على الرغم من اللافتات المتعددة التي ينضوون تحت ألويتها، لتعذر ترشيحهم تحت لافتة حزب إسلامي. ويعود الاسلاميون من جديد الى اللعبة الديمقراطية بعدما استبعدوا من الحياة السياسية الموريتانية, مؤكدين انهم قوة معتدلة تشكل بديلا في مواجهة الاحزاب التقليدية في الانتخابات التي تجري الاحد 19-11-2006. وسمح للاسلاميين المعتدلين بالمشاركة في المعركة الانتخابية للمرة الاولى منذ استقلال البلاد في 1960 لكن السلطات لم تسمح لهم بتشكيل حزب اسلامي, معتبرة انهم لا يستطيعون ان يكونوا "المؤتمنين الوحيدين على الاسلام", وذلك بموجب دستور البلاد. وأمام الأمر الواقع, يؤكد الاسلاميون انهم يواجهون صعوبات في خوض حملة للانتخابات التشريعية والبلدية التي ستجرى الأحد في بداية عملية انتقالية ديمقراطية يقوم بها المجلس العسكري الحاكم الذي تولى السلطة في اغسطس 2005. وقال جميل ولد منصور منسق الحركة الاسلامية في مكتبه الذي تغطي جدرانه اعلانات قيادة حملة المجموعة في نواكشوط: "نحن مجبرون على ان نترشح تحت رايات مختلفة، لهذا السبب تبدو قراءتنا اكثر صعوبة من الاحزاب الاخرى ونحتاج الى جهد اكبر لجذب اهتمام الناخبين". وللالتفاف على هذا التشتت القسري للوائح, قال ولد منصور: "تبنينا شعارا مشتركا مفاده أن الأكثر نزاهة هم الأصلح للحكم". وحرص الإسلاميون عبر برنامجهم وخطبهم على طمأنة الناخبين والرأي العام بشأن قناعاتهم الديمقراطية وخصوصا عبر تبني اسم "مجموعة الاصلاحيين الوسطيين" الذي لا يشير بشكل مباشر الى الجانب الديني. وقال دبلوماسي غربي في نواكشوط ان "التيار الاسلامي الموريتاني كان حركة تسامح تقليديا لكننا لا نعرف في الواقع حجم المعتدلين والآخرين في الحركة، لذلك من الصعب تحديد الوضع بدقة في المرحلة الحالية". وقمعت السلطات التي تعاقبت على موريتانيا التي تضم ثلاثة ملايين نسمة معظمهم من العرب المسلمين, الاسلاميين باستمرار. وهناك حوالى عشرين سلفيا في السجن بتهمة "الانتماء الى منظمة غير مصرح لها وتهديد ارهابي". ويؤكد ولد منصور ان البرنامج الرسمي للمجموعة يقضي بان "الامة هي التي تقودنا وليس الدين", رافضا الدعوة الى "اقامة الدولة الاسلامية" التي تدعو اليها حركات متشددة أخرى. لكن منسق المجموعة قال انه يأمل في قطع العلاقات الدبلوماسية مع "العدو الصهيوني", واكد انتماء تياره الى "المدرسة المعتدلة للاخوان المسلمين" في مصر. لكنه قال انه لا يجد تطابقا مع "تجربتهم السياسية". من جهة أخرى وحول الشريعة التي تبنتها موريتانيا في الثمانينيات, قال ولد منصور ان "الحدود" او الاحكام التي تدينها منظمات الدفاع عن حقوق الانسان, "يجب ان تصدر لكن تطبيقها يجب ان يعود الى السلطات السياسية وحدها". ولا تملك المجالس البلدية ومجالس المحافظات سلطة تنفيذ القرار القضائي في موريتانيا, خلافا لدول اخرى يمكن ان تطبق فيها الشريعة على المستوى المحلي. وتقدم المجموعة "لوائح شباب" تتراوح اعمارهم بين 25 واربعين عاما, يحملون شهادات تعليمية عالية وبينهم عدد كبير من النساء. ويؤكد هؤلاء الشبان انهم بعيدون عن القوى التقليدية اي الحزب الحاكم السابق والمعارضة السابقة, على حد قول ولد منصور الذي يعول على هذه الوجوه الجديدة لجذب الناخبين الشباب. ويؤكد محمد فال ولد عمير مدير وكاتب المقالة في مجلة "لا تريبون" الأسبوعية المستقلة أن "الاسلاميين المعتدلين يمكن ان يشكلوا قوة ثالثة لانهم يمثلون اكبر نسبة من التجديد ويلقون تعاطفا عفويا من جانب الناخبين بخطابهم التجديدي".