وكيل تعليم دمياط يتفقد سير اليوم الدراسي بعدة مدارس    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمحطة تنقية مياه الشرب بمدينة أسوان الجديدة    عاجل:- نقيب الفلاحين: 20 جنيهًا تراجعًا في سعر كيلو الطماطم اليوم    محافظ البحيرة: إحلال وتجديد مدخل المنطقة الصناعية بالطرانة في حوش عيسى    المالية: زيادة مساهمة ودور القطاع الخاص يتصدر أولويات الإصلاح المالي والاقتصادي خلال المرحلة المقبلة    محافظ قنا يشهد استلام لحوم صكوك الأضاحى ضمن مبادرة «بداية» تمهيدًا لتوزيعها على المستحقين    "مياه أسيوط" تواصل فعاليات مبادرة "بداية" بين طلاب مدارس مركز الفتح    الكرملين: اغتيال نصر الله يزعزع الاستقرار بشكل خطير في الشرق الأوسط    الصحف الألمانية تتغنى بالفرعون المصري عمر مرموس بعد أدائه المميز أمام هولشتاين    ريفر بليت يسقط على أرضه أمام تاليريس كوردوبا    مدرب منتخب الشاطئية يطالب الجبلاية بتوفير مباريات ودية    ضبط 40 كيلو حشيش بقيمة 3 مليون جنيه في الإسكندرية    منخفض جوي جديد.. 6 تحذيرات من الأرصاد للمصريين    إصابة شخصين إثر انقلاب سيارة واشتعال النيران بها بصحراوي المنيا    النيابة تواجه متهمى واقعة السحر لمؤمن زكريا بالمقاطع المتداولة    يحتل المركز الأول.. تعرف على إيرادات فيلم "عاشق" لأحمد حاتم أمس في السينمات    حملة دعاية واسعة استعدادا لانطلاق الدورة 7 لمهرجان نقابة المهن التمثيلية للمسرح    جالانت: الجيش سيستخدم كل قدراته العسكرية في مناورة برية وهدفنا إعادة سكان شمال غزة لمنازلهم    غدًا.. ديفيليه استعراضي لفرق مهرجان الإسماعيلية الدولى للفنون الشعبية 24    الصحة اللبنانية: ارتفاع حصيلة الاعتداء الإسرائيلي على عين الدلب إلى 45 قتيلا و70 جريحا    نائب رئيس جامعة بنها تتفقد الدراسة بكليتي العلوم والهندسة    وكيل شعبة الكهرباء: الفتح والغلق المتكرر للثلاجة يزيد الاستهلاك    المؤتمر: تحويل الدعم العيني لنقدي نقلة نوعية لتخفيف العبء عن المواطن    بمشاركة 115 دولة.. كلية الإعلام بالجامعة البريطانية تنظم المهرجان الدولي للأفلام    السعودية تُسلم فلسطين الدعم المالي الشهري لمعالجة الوضع الإنساني بغزة    جريزمان يعلن اعتزاله اللعب الدولى مع منتخب فرنسا    وزير التعليم يتفقد 6 مدارس بحدائق القبة لمتابعة سير العام الدراسي الجديد    انطلاق أولى جلسات دور الانعقاد الخامس لمجلس النواب.. غداً    41615 شهيدًا حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة منذ 7 أكتوبر    أوكرانيا: تسجيل 153 اشتباكا على طول خط المواجهة مع الجيش الروسي خلال 24 ساعة    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق بمدينة نصر    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    ضبط دجال بالإسكندرية يروج لأعمال السحر عبر مواقع التواصل    شخص يتهم اللاعب أحمد فتحى بالتعدى عليه بسبب ركن سيارة فى التجمع    فريق هاريس يتودد للجمهوريين لكسب تأييدهم للمرشحة الديمقراطية بانتخابات أمريكا    الاحتلال الإسرائيلى يعتقل 41 فلسطينيا من الضفة الغربية    «وزير التعليم» يتابع انتظام سير العمل ب 6 مدارس في حدائق القبة | صور    «المالية»: إطلاق مبادرات لدعم النشاط الاقتصادي وتيسيرات لتحفيز الاستثمار    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات والتداولات تتجاوز 2.6 مليار جنيه    نبيل علي ماهر ل "الفجر الفني": رفضت عمل عشان كنت هتضرب فيه بالقلم.. وإيمان العاصي تستحق بطولة "برغم القانون"    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    بعد واقعة مؤمن زكريا.. داعية: لا تجعلوا السحر شماعة.. ولا أحد يستطيع معرفة المتسبب فيه    موعد مباراة السد القطري ضد استقلال طهران اليوم في دوري أبطال آسيا والقنوات الناقلة    أبو ليمون يتابع تطوير كورنيش شبين الكوم والممشى الجديد    أطباء ينصحون المصريين: الحفاظ على مستوى الكولسترول ضرورة لصحة القلب    توقيع الكشف الطبى على 1584 حالة بالمجان خلال قافلة بقرية 8    احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر، فتح المتاحف والمسارح والسيرك القومي مجانًا    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    السياحة والآثار تنظم عددًا من الأنشطة التوعوية للمواطنين    بالصور.. نجاح فريق طبي في استئصال ورم نادر بجدار الصدر لشاب بأسيوط    بشير التابعي: الأهلي كان مرعوب.. وممدوح عباس سبب فوز الزمالك بالسوبر الافريقي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    أمين الفتوى: كل قطرة ماء نسرف فيها سنحاسب عليها    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    «القاهرة الإخبارية»: أنباء تتردد عن اغتيال أحد قادة الجماعة الإسلامية بلبنان    دونجا يتحدى بعد الفوز بالسوبر الأفريقي: الدوري بتاعنا    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفلسطينيون.. خلاف حاضر وشرعية غائبة!
نشر في الشعب يوم 18 - 11 - 2006


بقلم: جواد البشيتي

الصراع السياسي المحتد بين "حماس" و"فتح"، أو بين "الحكومة" و"الرئاسة"، وفي بعض من جوانبه وأوجهه، يمكن تفسيره، وفهمه، وقبوله، على أنه مظهر خلاف واختلاف في وجهات النظر والتصورات والبرامج السياسية، أكان الموضع، أو المدار، شأنا فلسطينيا آنيا طارئا أم شأنا فلسطينيا إستراتيجيا بعيد المدى.

وحتى يُفهم الخلاف في وجهات النظر بين قوى سياسية بأهمية ووزن "حماس" و"فتح" على حقيقته ينبغي لنا أن نرى، في الوقت نفسه، ما يكمن في مفرداته وعباراته من مصالح فئوية، ليست دائما على وفاق مع ما يُعَدُّ مصالح فلسطينية عامة، فخلاف كذاك لديه من الدوافع والأسباب ما يضيق به ميزان الصواب والخطأ بمعاييرهما في المنطق.

لسنا ضد الخلاف والاختلاف في وجهات النظر، ولا ضد أن يُعبِّرا، علانية أو سرا، عن تلك المصالح الفئوية الضيقة، ولو كانت، كليا أو جزئيا، غير متصالحة مع ما ينظر إليه الفلسطينيون، في غالبيتهم، على أنه مصالح فلسطينية عامة، لا بد لكل قيادة فلسطينية من أن تشتق منها، ومنها فحسب، سياسة توافقها قدر المستطاع.

الأزمة التي تعصف بالفلسطينيين جميعا لا تستمد معناها، أو أيَّا من معانيها، من هذا الذي أتينا على ذكره، فالخلاف والاختلاف في وجهات النظر، ومهما حكمتهما وتحكَّمت فيهما المصالح الفئوية الضيقة، ليسا هما، في حد ذاتهما، الأزمة، وليسا هما، أيضا، بالمكروه الذي ينبغي للفلسطينيين اجتنابه، فخيرهما يفوق، ويجب أن يفوق، شرهما إذا ما..

إنَّ عبارة "إذا ما" هي بيت القصيد.. هي الأزمة في وجهها الحقيقي، وهي الحل لها، والمخرج منها، في الوقت عينه.

لا مرجعية شرعية فلسطينية وعربية ودولية يمكن أن يرجع ويحتكم إليها المختلفون في وجهات النظر والبرامج السياسية، ويمكنها أن تبقي خلافهم، أو أن تديره، أو أن تحله وتُسوِّيه، بمنأى عن الحديد والنار، ومخاطر الاقتتال والحرب الأهلية.

المرجعية الشرعية تلك، وفي وجهها الفلسطيني، إنما هي حال من العدم السياسي، فلا وجود لها لا في المجلس التشريعي، ولا في تلك الهيئة القيادية التي تتمثَّل فيها القوى السياسية الفلسطينية على اختلافها، ولا في الهيئات القيادية العليا الثلاث لمنظمة التحرير الفلسطينية.

ليس من هيئة قيادية فلسطينية في مقدورها الآن أن تخاطب العالم قائلة: هذا هو رأي الشعب الفلسطيني، وإرادته، وقراره، وموقفه. هذا هو قوله الذي لا بد لكل من يدَّعي شرعية تمثيله، والتحدث باسمه، أن يلتزمه.

الاجتماعات والمفاوضات، أكانت بين "حماس" و"فتح"، أم بين المنظمات الفلسطينية جميعا، لم تثمر إلا لجهة تضييق الفجوة بين الصراع السياسي والاقتتال. وكذلك جهود ومساعي الوسطاء من مصريين وقطريين وعرب آخرين.

أما الولايات المتحدة وإسرائيل فلا تملكان من مصالح وأهداف ودوافع إلا ما يغريهما بصب مزيد من الزيت على نار الخلاف السياسي بين "حماس" و"فتح"، فكل ما تستمسكان به من شروط ومطالب، تلبسانها اللبوس الدولي، لا هدف لها سوى جعل هذا الخلاف يحبل بالاقتتال والحرب الأهلية.

والمجلس التشريعي لا يملك من مقومات، أو خواص، تسمح له بأن يكون تلك المرجعية الشرعية الفلسطينية، فقراره في حسم الخلاف، وإذا ما اتخذه، لن يكون إلا لمصلحة "حماس". أما الهيئات القيادية الثلاث (اللجنة التنفيذية، والمجلس المركزي، والمجلس الوطني) لمنظمة التحرير الفلسطينية فهي أشبه بظل فقد جسمه، أو ميِّت ترك "وصية سياسية"، تُسْتَثمر، ليس في حل النزاع، وإنما في تنميته وتوسيعه.

لقد أبقى الفلسطينيون على كل خلاف من غير أن يُبْقوا له ما يحتاج إليه كل خلاف مثمر وحيوي كمثل هيئة تُنظِّمه، وتديره، وتكبحه، وكأنهم في سيارة مزودة وقودا، وتملك كل ما تحتاج إليه من أجهزة باستثناء جهاز واحد هو "الكابح"!

مياههم عكَّروها، وعكَّرها معهم، وضدهم، آخرون. ثمَّ سمحوا لذوي المصالح الفئوية الضيقة من أبناء جلدتهم، ولقوى خارجية لها مصلحة في إظهار مزيد من العداء للحقوق القومية للشعب الفلسطيني، بالاصطياد فيها.

أما الشعب الفلسطيني، فلا يملك، ولم يُملَّك، من القوى والوسائل إلا ما يبقيه في حال من الاغتراب السياسي، وكأن حقوقه القومية، ومصالحه، ومآسيه، ليست بالأمر الذي يعنيه، أو يجب أن يعنيه، وكأن إرادته مشتقة من إرادة هذا التنظيم أو ذاك، أو امتداد لها.

الخلاف بيِّن وواضح وجلي، ليس في عيون القيادات فحسب، وإنما في عيون الفلسطينيين جميعا، أكانوا "مواطنين" أم لاجئين. وقد حان للمختلفين أن يتخذوا "الاستفتاء الشعبي الفلسطيني العام" مرجعية يرجعون إليها ويحتكمون، ولا تعلوها مرجعية أخرى.

حان لهم أن ينشروا غسيلهم على مرأى من الشعب، ليقرِّر في حرية تامة موقفه المُلْزِم ل "حماس" و"فتح"، ولغيرهما من المنظمات الفلسطينية. ليتَّفق المختلفون بعيدا عن الشعب وإرادته، وضد الشعب ومصالحه وحقوقه بحسب النتائج والعواقب الموضوعية لخلافهم واختلافهم، على شيء واحد فحسب، هو أن يذهب كل فريق بوجهة نظره في الأزمة وأسبابها وسبل حلها إلى تلك المرجعية الفلسطينية الشرعية وهي الاستفتاء الشعبي الحر الديمقراطي، فالفريق الذي يفوز هو الذي يحق له عندئذٍ أن يجيء، عبر انتخابات تشريعية ورئاسية جديدة مبكرة، بسلطة فلسطينية جديدة تمثِّل وجهة نظره التي فازت في الاستفتاء الشعبي.

على أن هذا الاستفتاء الشعبي لن يحظى بأهميته الشرعية الفلسطينية المطلقة إلا إذا نُظِّم في طريقة تسمح بالقول إنَّ نتائجه تُعبِّر، أيضا، عن رأي وإرادة اللاجئين الفلسطينيين على ما يكتنف ذلك من صعوبة، بعضها موضوعي وبعضها ذاتي، لم نرَ حتى الآن جهدا فلسطينيا حقيقيا يبذل في سبيل تذليلها قدر المستطاع. إنَّ مجالس منتخَبة للاجئين هي من أهم الأدوات والقوى التي تحتاج إليها كل سياسة فلسطينية عامة، حيوية وقوية.

أما في شأن "الشرعية العربية والدولية" فأقول إنها شرعية قوَّضت نفسها بنفسها حتى أن البحث عن معانيها السياسية العملية فقد جدواه وأهميته.

على العرب أن يجتمعوا، وأن يعقدوا قمة عربية جديدة، يقرِّرون عبرها، وفي وضوح وتفصيل، موقفهم من "عملية السلام" التي قالوا بموتها. عليهم أن يقولوا، بما يشبه "رسالة الضمانات" التي سلَّمها بوش إلى شارون، هذا هو السلام الذي نريد، وهذه هي تنازلاتنا من أجله.. من أجل أن يبدأ، ومن أجل أن يدوم ويستمر.

وعندئذٍ، ستنتفي الحاجة إلى أن يُدعى الفلسطينيون إلى سياسة مستمدة من الشرعية العربية أيضا، فهذه الشرعية هي الآن كمثل الشرعية الفلسطينية، أي أن كلتاهما في حال من العدم السياسي، فالمهزلة بعينها أن نقول: "عملية السلام" ماتت؛ ولكن "مبادرة السلام العربية" ما زالت حيَّة تُرزق!

و"العدم السياسي" هو، أيضا، حال "الشرعية الدولية"، التي يناقض بعضها بعضا، ويلغي بعضها بعضا، فأين هي الشرعية الدولية التي تجرؤ على مخاطبة الإسرائيليين والفلسطينيين قائلة: هذا هو أنا، نصا وروحا، مبدأ وتفاصيل، فَمَن قبلني قبلته، ومَن رفضني رفضته!

ليخرج المنادون بالشرعية الدولية من جحورهم، وليقرِّروا، من حيث المبدأ والجوهر والأساس، الحل النهائي الذي يريدون، وليتركوا، من ثم، للتفاوض السياسي أمر الاتفاق على تفاصيله. وليُضمِّنوا قرارهم هذا المعنى الشرعي الدولي ل "الاعتراف المتبادل"، ول "الإنهاء المتبادل لأعمال العنف".

إذا كان الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل جزءا لا يتجزأ من الحل الذي تقرِّه الشرعية الدولية، فأين نراه في فضاء الشرعية الدولية؟ لن نراه أمرا ملزما للفلسطينيين إلا في قرار الأمم المتحدة الرقم 189، فهل اعتراف الفلسطينيين بدولة إسرائيل، في سياق ذلك القرار الدولي فحسب، يتَّفق أم يتعارض مع الشرعية الدولية؟!

أين هو الحل الدولي المبدئي لمشكلتي "الاعتراف المتبادل" و"الإنهاء المتبادل لأعمال العنف" حتى يصبح ممكنا، وجائزا، حثُّ المجتمع الدولي للفلسطينيين على انتهاج سياسة تستوفي شروط ومطالب الشرعية الدولية؟!

لستُ مع "حماس" في رفضها أن تبدي استعدادا للاعتراف بإسرائيل؛ ولكنني لستُ مع أي اعتراف فلسطيني بإسرائيل لا يقترن باعتراف إسرائيلي بفلسطين، شعبا ووطنا ودولة وحقوقا.

وغني عن البيان أن المهمة التي لم تُنجز بعد، والتي لا بد من إنجازها، هي تمكين ظل الشرعية الفلسطينية والعربية والدولية من استعادة جسمه، على أن يبدأ إنجاز تلك المهمة بالشرعية الفلسطينية، التي في غيابها، أو ضعفها، يختلف الفلسطينيون في كل ما يجب أن يتفقوا عليه، ويتفقوا في كل ما يجب أن يختلفوا فيه. وليكن "الاستفتاء الشعبي الفلسطيني العام" هو الأداة التي بها يبتني الفلسطينيون لخلافهم واتفاقهم كل شرعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.