العاهل السعودي، ليس اسما عاديا فى قائمة المعتذرين عن عدم الحضور، وأبرزهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، والعاهل المغربي الملك محمد السادس، وسلطان عمان قابوس بن سعيد، فليس خافيا أن الأحداث والخلافات المتلاحقة فى علاقة القاهرة بالدوحة، والهجمات الإعلامية المتبادلة بين الجانبين، تحول دون حضور أمير قطر، رغم المشاركة القطرية ، فضلا عن أن غياب ملك المغرب يعتبر منطقيا بعد الأزمة الأخيرة بين القاهرة والرباط، على خلفية لقاء محمد السادس مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان- الذي تعتبره السلطة فى مصر عدوها اللدود- والتقرير الذي بثه التلفزيون الرسمي بالمغرب واعتبر أن ما حدث فى مصر "انقلاب". كما أن غياب السلطان قابوس "المريض" والموجود للعلاج فى ألمانيا، أمر طبيعي. لكن غير الطبيعي هو غياب العاهل السعودي، خاصة أن المملكة هي الأب الشرعي لهذا المؤتمر، فالعاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، هو من دعا إليه وتبناه وأكد حضوره وتأجل عقده عدة مرات لحين استتباب الحالة الصحية للملك الراحل، وبالتالي عولت السلطة كثيرا على الدور السعودي فى إنجاح المؤتمر، خاصة أن ثقل المملكة كان وراء فتح قنوات اتصال بين القاهرة وعواصم العالم بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى. ويأتي غياب الملك سلمان عن المؤتمر، ليحيط أجواءه بالكثير من الغيوم، ويعطى علامات استفهام متعددة عن إمكانية نجاحه، خاصة أن هذا الغياب جاء مباشرة بعد ترويج الإعلام السعودي لخبر منع المستثمرين السعوديين من تحويل أموالهم وأرباحهم من البورصة المصرية، وما اعتبره كثير من المراقبين بمثابة "ضربة قوية ورسالة توجهها السعودية للمؤتمر". وكان أعضاء بمجلس الأعمال المصري السعودي تحدثوا لصحيفة " الاقتصادية" السعودية عن قرار الحكومة المصرية بعدم تحويل المستثمرين السعوديين لأرباحهم وأموالهم خاصة الدولارية من البورصة المصرية، وأعقب ذلك اهتمام قناة "العربية" بالخبر وبثه بنشراتها الإخبارية وعبر موقعها على الإنترنت، وشككت القناة، التى طالما وقفت مع سلطة السيسى، في نجاح المؤتمر الاقتصادي. وكان لافتا أن أعضاء المجلس، ذكروا للصحيفة السعودية، أن مؤتمر شرم الشيخ قد لا يغير كثيرا من وجهة نظرهم بشأن مصير استثماراتهم العالقة، في ظل عدم وضوح الجانب المصري. وبحسب المحللين فإنه ما زاد الطين بله، رد فعل السلطات المصرية بتشكيل لجنة من القوات المسلحة للتوسط في حل مشاكل اقتصادية واستثمارية". واعتبروا أن هذا الأمر سيحول دون حضور مستثمرين حقيقيين لمصر. ورأت مصادر خليجية، غياب الملك سلمان، عن حضور مؤتمر شرم الشيخ، بأنه تطبيق عملي لسياسة المملكة الجديدة، تجاه القاهرة، والتي كشف عن فحواها الكاتب خالد الدخيل، المقرب من دوائر صنع القرار فى الرياض، فى مقال له أثار ضجة كبرى خلال الأيام الأخيرة، بقوله إن الدعم السعودي لمصر خلل الفترة المقبلة لن يكون كما سبق بطريقة "شيك على بياض"! وقالت المصادر، التى طلبت عدم ذكر اسمها، إن شكوكا انتابت فريق عمل الملك سلمان، والذي يختلف تماما عن فريق عمل العاهل الراحل الملك عبدالله، بشأن جدوى المؤتمر الاقتصادي، فى ظل ما يعتبرونه "عدم شفافية" من السلطة فى طريقة صرف المساعدات المالية الضخمة التى تلقتها الحكومة، بعد 3 يوليو 2013. واعتبرت المصادر، أن الملك سلمان، يوجه بغيابه عن المؤتمر، رسالة للسلطة فى القاهرة، بضرورة إجراء بعد التغييرات فى تعاطيها مع الشأن الداخلي غير المستقر، وأن الدعم السعودي لمصر مرهون بتحقيق الاستقرار. وتأتى هذه التصريحات، متسقة مع تقرير حديث لوكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، تضمن أن المملكة العربية السعودية في عهد الملك سلمان تتجه فيما يبدو نحو تحسين العلاقات مع تركياوقطر وتليين موقفها مع جماعة الإخوان المسلمين بهدف تقويض إيران. وأوضحت الوكالة في تقرير لها بعنوان "مع الملك الجديد.. مصالح السعودية تختلف عن مصر"، أن هذه الخطوة قد تضع ضغوطا على حليفتها مصر للتصالح أيضا مع معارضيها، بحسب الوكالة. وأشارت إلى أن تلك الضغوط تهدد بحدوث تصدعات في التحالف بين مصر والسعودية، أقوى دولتين سنيتين في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بعد أن تعزز التعاون بينهما ضد المتشددين والإخوان المسلمين ونفوذ الشيعة الإيرانيين في العراق وسوريا ولبنان واليمن تحت حكم العاهل الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز.