قالت مجلة فورين بوليسي، إنه إذا ما واصلت أسعار النفط تراجعها، فإن دول الخليج العربي ربما لا تكون قادرة على مواصلة التدفق في أموال المساعدات لجيرانها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي لا يتمتعون بمخزونات كبيرة من الغاز الطبيعي والنفط، خصوصا مصر والمغرب. وأشارت المجلة الأمريكية في تقرير بعنوان Royals Flush أو "التدفقات الملكية" 28 أكتوبر الجاري أن مصر دونا عن باقي دول العالم هي الأكثر ترقبا بقلق لانخفاض أسعار النفط عالميا خشية أن يؤثر هذا علي ما تحصل عليه من دعم من دول الخليج، إلا أن مصدر حكومي مصري قال – بالمقابل - لجريدة "الشروق" الجمعة 31 أكتوبر: "إن مصر ستستفيد من انخفاض أسعار النفط عالميا، حيث سيسهم ذلك في زيادة حجم المواد البترولية التي ستحصل عليها مصر من وراء اتفاقها الأخير مع الإمارات على مساعدات بنحو 9 مليارات دولار". ويقول "كيث جونسون" في التقرير الذي نشرته المجلة أنه: "لعقود طويلة عملت دول الخليج الغنية على دعم جيرانها العرب في المنطقة، لتجنب النفوذ الأوروبي الكبير ولضمان الاستقرار السياسي في المنطقة التي تفتقر للاستقرار عبر تاريخها، وهذا الأمر يجعل الصحة المالية لدول الخليج شاغلا رئيسيا للقاهرة والرباط وعمان". وأن المساعدات السعودية والإماراتية التي تدفقت على مصر لدعم السيسي منذ أن أطاح بالرئيس المنتخب الإسلامي محمد مرسي، بلغت 20 مليار دولار تعهد السعوديين والإماراتيين بدفعها لإبقاء الاقتصاد المصري غير منهار، وسلمت منها حتى الآن ما يقرب من 17 مليار دولار أمريكي، بما في ذلك أموال نقدية ومنتجات نفطية. ويربط التقرير هذا بتوقع صندوق النقد الدولي، هذا الأسبوع، "إن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تستعد لعام آخر من النمو المخيب للآمال"، وتحذير "مسعود أحمد" مدير الصندوق "أن بلدان مثل السعودية ربما تواجه عجز العام الماضي إذا ما واصلت أسعار النفط تراجعها، وأنه بالنسبة لبلدان الخليج ككل، فإن تراجع أسعار النفط قد يؤدى إلى تقليص فوائضها المالية المتوقعة البالغة 175 مليار دولار". ويشير تقرير "فورين بوليسي" لأن انخفاض أسعار النفط ينذر بخطرين: (الأول) خطر داخلي في دول الخليج يتعلق بعجز عن توفير أموال لخطط اقتصادية محلية والآثار المترتبة على الميزانية بعد تراجع أسعار النفط، و(الثاني) خطر تقويض المساعدات الخارجية السخية التي تضخها السعودية والإمارات وآخرون لمصر والأردن والمغرب من أجل الحفاظ على اقتصادياتهم ودرء شبح حكومات "غير صديقة غارقة في الأيديولوجية الإسلامية المتشددة". وتشير المجلة الأمريكية إلى أن هذه المؤشرات ربما تضع ضغوطا إضافية على تلك البلدان لإصلاح ميزانيتها التي لا يمكن أن تستمر بهذا الشكل، حيث تستخدم دعم الطاقة الذي يشجع على التبذير ويكلف الحكومات مليارات الدولارات سنويا، ففي الكويت، تبلغ تكلفة الوقود في محطات البنزين 0.19 دولار ثمن اللتر الواحد. وفيما أعلنت مصر والمغرب والأردن وتونس عن خطط لخفض دعم الطاقة لتوفير النفقات، فإن دول الخليج الغنية بالنفط تدرس خطوات مماثلة، رفعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، توقعاتها بالنسبة للتصنيف الائتماني لمصر من سلبي إلى مستقر، بفضل المساعدات الخارجية الخليجية التي كانت دافعا رئيسيا في تحسين هذا التصنيف. لا خطر عاجل يوقف المساعدات ويقول "ستيفن دايك"، المحلل بوكالة موديز في تصريحات ل"فورين بوليسى"، إن المساعدات الخليجية لعبت دورا هاما في تعزيز الثقة ومنح الحكومة المصرية متنفسا لإجراء إصلاحات اقتصادية، هذا الصيف، وأن الجميع يعرف أن "مصر أكبر جدا من أن تترك لتفشل، لذا كان هناك التزام خليجي بتقديم الدعم لها". وتابع: "إن وجود خطر وجودي على مصر من شأنه أن يدفع الخليج لإبقاء دفتر شيكاته مفتوح لها"، وأن "أن كلا من السعودية والإماراتوالكويت، الداعمين الرئيسيين لمصر، لا يواجهون أى ضغوط حرجة بشأن تراجع أسعار النفط". فدول التعاون الخليجي الستة، لديها ثروة مجتمعة تبلغ 2.5 تريليون دولار، والسعودية وحدها لديها احتياطي تبلغ قيمته أكثر من 750 مليار دولار، والكويت أكثر من نصف تريليون دولار، كما أن الإمارات بعيدة عن خطر أزمة سيولة، إذ لديها احتياطيات هائلة من النفط بتكاليف استخراج منخفضة، فضلا عن ملكيتها أكبر صندوق للثروة السيادية في العالم