[email protected] قد يبدو السؤال إستنكارى لكن إذا افترضناه جدلاً وسايرنا إدعاءات عباقرة التحليل السياسى من أن حماس لا تسعى إلا للحكم وتتستر خلف الدين لتحقيق مآرب دنيوية فإن هذا الافتراض يكون هو الأقرب للصحة والتحقق ، ذلك أن من يبحث عن مكاسب دنيوية لا يختار طريق الجهاد والتضحية وإنما يتقرب للطرف الأقوى حتى يحظى بحمايته وينعم بخيراته. ومن العجب أن أمريكا لا تتهم حماس بالسعى للسلطة ( لا تنس أن هذه جريمة فى عرف نظامنا أما فى الدول الديمقراطية فالأصل أن يسعى الكل للسلطة !) وإنما تتهمها بالأرهاب ، فإن تخلت حماس عن خيار المقاومة وتصالحت مع إسرائيل لرضيت عنها أمريكا ( لا تسأل عن رضا الله!) – ولربما أسلمت لها قيادة الأمة العربية! إن أمريكا لا يهمها شخص من يحكم غزة ولا حتى توجهاته الإيدلوجية ، إنما المهم أن يبيع القضية الفلسطينية ويخضع لتتعليمات التحالف الصهيونى بقيادة زعماء امريكا. فماذا لو اختارت حماس أن تتحالف مع إسرائيل؟ أولاًسترض عنها كافة أنظمة الحكم العربية ، وثانياً ستزدهر غزة وتنمو اقتصادياً نتيجة تحالفها مع إسرائيل وربما وصلت لحد منافسة مصر اقتصادياً (لا تنس نماذج تايوان وسويسرا وغيرها من الدول الصغيرة حجماً والقوية اقتصاداً) وثالثاً ستحظى بمعاملة وحماية مميزة من أمريكا فهذا هو النموذج الأمثل للنظام الذى تريده أمريكا عميلاًُ لها فى منطقتنا. النظام الذى يرفع الشعارات الدينية ويستند لبوقة من العلماء المنافقين الذين يزينون له الفتاوى التى تحمى وجوده من قبيل تحريم المظاهرات وتحريم معارضة ولى الأمر وتلك التى تعزز الوجود اليهودى فى فلسطين كضرورة الجنوح للسلم بإدعاء أن إسرائيل جنحت لها استناداً لتفسير معرض وخاطئ للآية الكريمة كما أفتى المفتى الراحل لزعيمة الدول النفطية! فلماذا لا تختار حماس هذا الاختيار المريح؟! قد يبدو لنفر من المصريين أن هذا لو تم سيكون خيراً لمصر ولأمنها. لكن الحكاية لاتنتهى عند هذا الحد وإلا لهان الأمر واستراحت حماس وأراحت ، فإننا يجب ألا ننسى أن هناك شعاراً يعلو فى الكنيست الإسرائيلى يقول "من النيل إلى الفرات" وعلم دولة يرمز فى أعلاه وأدناه للنهرين. إن إسرائيل فى سعيها لتحقيق حلمها قد قطعت شوطاً مهماً باحتلال أمريكا للعراق وتجريد سيناء من أى عتاد حربى مصرى طبقاً لأتفاقية كامب ديفيد، ولم يعد أمامها أية عقبة لتحتل ما تبقى من أراض من النيل للفرات سوى الكيان الفلسطينى والذى فشلت فى القضاء عليه خاصة توجهه الإسلامى فلم يعد أمامها إلا إضعافه وإيجاد سلطة فلسطينية عميلة له تسانده وقت أن يبدأ فى تنفيذ المرحلة الأخيرة من مخططه. يا ترى من المرشح الأقرب للعب هذا الدور : السلطة فى رام الله والتى جردت حركة فتح من خيارها الجهادى أم سلطة حماس فى غزة والتى تمسكت بخيار المقاومة ؟! وهنا يجب علينا أن نتسآل: أين تكمن مصلحة مصر؟ هل فى وجود نظام يحمل لواء المقاومة أو نظام يسقطه؟ إن أى إنسان مصرى مازال يحمل ذرة حب لوطنه لا يمكن إلا أن يكون فى أولى اهتماماته إيجاد هذه المقاومة حماية للأمن القومى المصرى ، فما بالك وهى موجوده فعلا أفلا يكون واجبنا مساندتها وتقويتها والدفاع عنها ؟ ثم ما بالك إن كانت لا تطلب منا حتى المساندة وإنما كف أذانا عنها وعدم المشاركة فى حصارها وتجويعها! من إذن ، ومن زاوية الأمن القومى المصرى ، الطرف الخائن لمصر : من يقف ضد حماس أم من يساندها ؟ هذا مع ملاحظة أننا لم نتطرق فى تحليلنا للجانب الدينى فى القضية لأنه يبدو أن الشأن الدينى فى مصر بدأ ينحو ناحية التدين الشكلى الذى يهتم بأمور اللحية والجلباب والنقاب وصلاة التراويح ويغفل عن حقيقة أن أرض الأنبياء يغتصبها اليهود وأن المسجد الأقصى أسير لديهم. كذلك لم نتطرق للجانب الإنسانى لأنه يبدو أن أكثر من خمسين سنة من الحكم الدكتاتورى قد شوهت وجدان الإنسان المصرى فلم تعد تحركة مشاهد المجزرة الإسرائيلية فى غزة. إذن لم يعد أمامنا غير إثارة نزعة الخوف من الضرر المادى الذى سيصيب الإنسان المصرى إن شارك فى إضعاف نظام حماس وهو الضرر المتحقق حتما باحتلال إسرائيل للأراضى المصرية شرق النيل . أما إن وصل التبلد والخنوع لحد الرضا باحتلال جزء من أرضنا مقابل ألا نفقد لقمة العيش التى تقذفها لنا أمريكا فذلك لعمرى هى الكارثة التى لن تبقى ولن تذر فنحن وقتها لن نختلف عمن يقدم زوجته فى سوق الدعارة ليفوز بالوجاهة والسيادة ، وهؤلاء ينتهى بهم الحال للموت ذلا . والحمد لله أن حماس اختارت أن تموت جهادا وكرامة لا ذلا وعارا. لكن يبدو أن من بيننا من لايزعجه ولا يشينه الاختيار الآخر لذا فهو لا يستطيع أن يفهم أو يستوعب تسابق الشعب الفلسطينى فى غزة للشهادة فى سبيل وطنه ودينه وعرضه . وهؤلاء هم من يضغطون على حماس لتتصالح وتتحالف مع إسرائيل لأن الديوس يخنقه أن يعيش على حدوده الشرفاء !